شفق نيوز/ تواجه مناطق الأهوار في جنوب العراق، كارثة انسانية وبيئية كبيرة بسبب قلّة المياه، وسط تحذيرات من مصير مشابه لما جرى لها من جفاف في تسعينيات القرن الماضي، ما يهدد الثروة الزراعية والسمكية والحيوانية فيها.
وتشهد تلك المناطق جفافا حادا هذا العام بسبب قلة الأمطار في موسم الشتاء الماضي، يُضاف إلى ذلك تعدي دول الجوار على حصص العراق المائية، وغلق روافد نهري دجلة والفرات التي تنبع من أراضيها.
وفيما تقيم تركيا سدودا بشكل مطرد، تحوّل إيران مجرى الأنهار فلا تصل إلى العراق، وقد قطعت نهر الكرخة، الذي يصب في هور الحويزة، فباتت نسبة واردات المياه إليه صفرا.
ويقول الناشط البيئي والمدير التنفيذي لجمعية حماة دجلة، سلمان خيرالله، لوكالة شفق نيوز، إن "هور الحويزة في ميسان والأهوار العراقية الأخرى في البصرة والناصرية تواجه كلها كارثة انسانية كبيرة بسبب نقص المياه، وتعزو وزارة الموارد المائية هذا النقص إلى العجز في المياه، لكن نحن نعزوه إلى سوء إدارة هذه الوزارة لملف المياه".
وأضاف، أن "وزارة الموارد تعتبر أن الأهوار مناطق ثانوية الاهتمام، فليس من أولوياتها الحفاظ عليها واعطائها كميات مياه كافية، كما أن الخطة الزراعية غير منصفة لأنه ليس فيها توزيع لحجم الضرر بين المدن المتشاطئة".
وتابع، "لذلك ستواجه الأهوار كارثة كبيرة ربما ستشابه ما عانته في تسعينيات القرن الماضي، فنحن الآن على عتبة جفاف التسعينيات الذي دمر الأهوار ومناطق التنوع الاحيائي".
وأشار خيرالله إلى أن "جفاف الأهوار قد يعرض البلاد إلى مسائل عديدة، أبرزها انضمام الأهوار إلى لائحة التراث العالمي، كما أن الجفاف يهدد السكان المحليين الذين هم من النسل السومري، فوجود هؤلاء في تلك المناطق جزء من حضارة العراق، لهذا يجب المحافظة على وجودهم، فهذا الإرث الثقافي هو ما تبقى لنا في هذه المنطقة".
وذكر، أن "التجفيف الذي يحصل متعمدا، لان الحكومة تدفع باتجاه تقليص مساحة الأهوار من خلال إدخال شركات نفطية للحفر داخل الأهوار".
كما يواجه سكان مناطق الأهوار مشاكل عديدة، في مقدمتها انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية، وسوء الأحوال المعيشية الصعبة، وقلة مياه الشرب، فضلا عن الأمراض التي تفتك بالبشر والحيوانات، بحسب ما يقول المواطن الميساني مصطفى.
وأضاف مصطفى الذي هو من عرب الأهوار لوكالة شفق نيوز، أن "بناء السدود وأزمة المياه وتغير المناخ جميعها هذه فاقمت من مشاكلنا، فضلا عن انعدام الأمن والصراع القبلي، وإنكار الاعتراف بالإبادة الجماعية والهوية الثقافية، والهجرة القسرية والنزوح، بالإضافة إلى فقدان اللغة واللهجة والتراث الثقافي".
والأهوار هي مسطحات مائية واسعة تمتد على أجزاء من محافظات العراق الجنوبية، وتعيش فيها أنواع من الأسماك والحيوانات والطيور، بالإضافة إلى استيطانها من قبل قبائل عرب الأهوار كالشغانبة والكرامشة والبو المحمد، الذين يعتمدون على مياهها بصورة كبيرة للعيش.
ومنذ تعرض الأهوار إلى التجفيف خلال فترة النظام العراقي السابق، الذي كان يحارب حركات تثور ضده مستخدمة الطبيعة الجغرافية للأهوار، لم تعد الأهوار إلى طبيعتها رغم جهود إنعاشها، ورغم إدخالها في قائمة التراث العالمي كموقع مهم إحيائيا وتاريخيا.