شفق نيوز/ ذكرت شبكة "ان بي سي" الامريكية ان التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وايران، اثار جدلا داخل ادارة الرئيس الامريكي جو بايدن، حول كيفية الرد على هجمات ايران ووكلائها، في ظل تهديدات اسرائيلية بشن هجوم على مواقع ايرانية.
ونقلت الشبكة الامريكية في تقرير لها ترجمته وكالة شفق نيوز، عن مسؤولين امريكيين حاليين وسابقين قولهم ان اقتراب بداية العام الجديد، يمثل بؤرة اشتعال محتملة في ظل القلق المتزايد من جانب ادارة بايدن والقادة العسكريين، ازاء التوترات المتصاعدة بين واشنطن وطهران.
واشارت الشبكة الى ان المسؤولين الحاليين والسابقين، يشيرون الى ان المواجهة المتزايدة مع ايران اثارت نقاشا داخليا في الادارة الامريكية حول كيفية الرد على الهجمات والنشاطات الاستفزازية من قبل ايران ووكلائها في المنطقة.
واوضحت ان تزايد التوترات جاء بعد الهجوم على قاعدة التنف في الجنوب السوري في 20 تشرين الاول/ اكتوبر، عندما جرى اطلاق خمس طائرات مسيرة انتحارية محملة بالمتفجرات على الثكنة الامريكية، ولم تتسبب بوقوع قتلى امريكيين لكنها الحقت اضرارا جسيمة بالعديد من المباني فيها.
ونقل التقرير عن ثلاثة مسؤولين عسكريين امريكيين واثنين من مسؤولي الادارة الامريكية ان ايران كانت وراء ذلك الهجوم المنفذ من جانب قوات وكيلة بهدف قتل جنود امريكيين.
وكان قائد القيادة المركزية الامريكية الجنرال فرانك ماكنزي في مقابلة مع مجلة "تايم" لم يتهم ايران بتحمل مسؤولية الهجوم، لكنه قال ان من نفذ العملية "كان يحاول قتل الامريكيين بشكل واضح".
وقال المسؤولون الامريكيون ان ايران شنت الهجوم ردا على غارة اسرائيلية في سوريا اسفرت عن مقتل واصابة عدد من المواطنين الايرانيين. استهدفت الضربة الاسرائيلية شحنة من اجزاء الصواريخ المتطورة المعدة للجماعات المدعومة من ايران العاملة في سوريا.
واستنادا الى المسؤولين الاميركيين الخمسة، فان الجيش الامريكي كان على علم بانذار من توجه الطائرات المسيرة الخمسة الى داخل قاعدة التنف، وانه اخلى معظم الجنود الامريكيين الـ200 منها، لتجنب وقوع اصابات في صفوفهم.
واشار الى انه خلال ساعات من الهجوم، كان ماكنزي قد اطلع وزير الدفاع لويد اوستن على خيارات الرد على ايران، في حين قال المسؤولون الخمسة ان الخيارات شملت احتمال توجيه ضربات جوية ضد اهداف داخل ايران قد تؤدي الى مقتل ايرانيين، الا ان كبار المسؤولين في الادارة الامريكية كانوا قلقين من ان مقتل الايرانيين قد يؤدي الى تصعيد الموقف وطالبوا بالمزيد من خيارات الرد.
وتابع التقرير ان القيادة المركزية طرحت في الجولة الثانية من اللقاءات، خيارات اخرى تضمنت خيار الضربات الجوية والاحتمالات السيبرانية والتي قام أوستن ورئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال مارك ميلي باطلاع البيت الابيض عليها.
واضاف وفقا لاحد المسؤولين العسكريين واحد مسؤولي الادارة المطلعين على الرد الامريكي، انه في نهاية الامر قرر الفريق الامريكي الذي يضم وكالات عدة الرد بالدبلوماسية، وتوجيه رسالة الى ايران بدلا من تنفيذ ضربات جوية او شن هجوم الكتروني.
ولفت التقرير انه برغم الرسالة الامريكية، فقد تعرضت قاعدة التنف للتهديد مجددا هذا الاسبوع، عندما اخترقت طائرتان مسيرتان المنطقة المحيطة بالثكنة، وقامت مقاتلة بريطانية باطلاق صاروخ جو - جو لاسقاط احدى الطائراتين، بينما طارت الاخرى مبتعدة، فيما لم يكن المسؤولون العسكريون متاكدين مما اذا كان ذلك محاولة هجوم تم احباطها او ما اذا كانت الطائرتان تختبران الدفاعات الامريكية.
وتابع التقرير انه في كلا الحالتين، فان هذه الحادثة ادت الى تعزيز المخاوف من تصاعد التهديدات للامريكيين في الاسابيع المقبلة، حسبما قال مسؤولان عسكريان امريكيان.
ووفقا لمسؤولين اثنين ومسؤول سابق على اطلاع على المناقشات الامريكية، فان بعض كبار الضباط العسكريين يفضلون اتباع نهج اكثر صرامة، فيما يدور الجدل في داخل الادارة وخارجها، حول كيفية ردع ايران من دون اشعال حرب شاملة.
واشارت "ان بي سي نيوز" الى مؤتمر عبر الهاتف اجراه الاسبوع الماضي مسؤول كبير في الادارة، عندما قال انه بعد اشهر من الهجمات التي شنتها ايران ضد الامريكيين في العراق في ظل ادارة دونالد ترامب، فان "ادارة بايدن استخدمت خليطا من الردع، بما في ذلك جولتين من الضربات الجوية، بالاضافة الى الكثير من الدبلوماسية لردع بعض هذه التوترات وتهدئتها"، مضيفا انه بسبب ذلك فانه منذ يوليو/تموز، "كان هناك حوالي خمسة اشهر من الهدوء، ولهذا اعتقد انها اطول فترة هدوء شهدناها في العراق منذ ثلاث سنوات".
وبرغم ان المسؤول الامريكي اشار الى ان واشنطن "تتطلع الى استمرار ذلك"، الا انه يتوقع انه مع اقتراب الجزء الاول من العام المقبل، الذكرى السنوية لاغتيال الجنرال الايراني قاسم سليماني، وفي ظل عملية تشكيل الحكومة العراقية وبعض الاحداث الاخرى، ان بعض هذه الهجمات قد تبدا مجددا، وسنكون مستعدين جدا لذلك".
واوضح التقرير ان احد الاسباب الاساسية التي تجعل المسؤولين الامريكيين يعتقدون ان ايران والجماعات المدعومة منها ستزيد هجماتها ضد القوات الامريكية في العراق وسوريا بحلول العام 2022، هو انه من المقرر ان ينهي الجيش الامريكي رسميا مهمته القتالية في العراق في 31 كانون الاول/ديسمبر 2021.
ونقل التقرير عن مسؤول في الادارة الامريكية قوله "نحن على علم بالتهديدات المحتملة التي يمكن ان تتزايد في الاسابيع المقبلة، ونعمل من اجل ضمان اننا سنكون مستعدين لها".
كما نقل التقرير عن الباحث في معهد واشنطن مايكل نايتس قوله انه يتوقع ان تحيي الفصائل ذكرى اغتيال سليماني والعام الجديد، وفق اعتقادهم بانه يجب انسحاب القوات الامريكية بالكامل، لكنه اشار الى انه من غير الواضح الى اي مدى سيذهبون من اجل تحقيق ذلك.
واعتبر نايتس ان مهمة الطائرتين المسيرتين الاسبوع الماضي فوق منطقة التنف والطائرات المسيرة الاخرى خلال الأشهر الماضية فوق اربيل، حيث تتواجد قوات امريكية، تشير الى ان الفصائل تختبر الدفاعات الامريكية في مواقع عسكرية.
واشار التقرير الى ان بعض المسؤولين الامريكيين يشعرون بالقلق من ان الرد على كل عمل ايراني استفزازي قد يؤدي الى نتائج عكسية ويعرقل المحادثات بين ايران والقوى الدولية لاحياء الاتفاق النووي المبرم في العام 2015، لكن اخرين، بمن فيهم نواب ديمقراطيون سابقون وبعض المسؤولين البارزين في ادارة اوباما، يجادلون بان التهديد باللجوء الى القوة العسكرية فقط هو الذي يضمن نجاح الدبلوماسية.
وقال المسؤول الامريكي السابق دينيس روس، الذي قام بصياغة سياسة الشرق الاوسط في ظل العديد من الرؤساء الامريكيين ان "هناك حاجة لان يروا (الايرانيون) اننا سنرد على بعض هذه الهجمات"، مضيفا ان "استعداد ايران للقيام بهذه الامور يظهر فقدان الخوف".
ونقل التقرير عن مسؤول في وزارة الخارجية قوله مشيرة الى خيار التفاوض الديبلوماسي "انه طريق مفضل"، لكنه اضاف "اذا لم يتم اختياره، فانه لسوء الحظ سيتحتم علينا النظر في ادوات اخرى لضمان تحقيق هدف الرئيس (بايدن)، والتزامه، وهو ان ايران لن تحصل على سلاح نووي"، فيما اوضح مسؤول اخر ان ادارة بايدن لن تسمح بايران نووية وانه سيتعين عليها التحرك قريبا، مشيرا الى ان "الخيارات تغلق".
ولم ترد وزارة الخارجية الامريكية على طلبات للتعليق من جانب الشبكة التلفزيونية. كما لم تعلق بعثة ايران لدى الامم المتحدة في نيويورك بشكل مباشر على حادث التنف، لكنها قالت ان القوات الامريكية المنتشرة في سوريا تنتهك سيادة هذا البلد.
كما رفضت سفارة اسرائيل في واشنطن التعليق. لكن رئيس الموساد ديفيد بارنيا قال مؤخرا ان اسرائيل ستفعل "كل ما يتطلبه الامر" لضمان الا تصنع ايران سلاحا نوويا، فيما قال وزير الدفاع الاسرائيلي بيني غانتس خلال زيارة الى واشنطن قبل ايام، انه ابلغ المسؤولين الامريكيين ان الجيش الاسرائيلي تلقى الاوامر بالاستعداد لتوجيه ضربة محتملة ضد ايران.