شفق نيوز/ أثارت صحيفة "واشنطن تايمز" الامريكية، يوم الاثنين، مفارقة تتمثل بأن دولة قطر التي سلطت عليها الأضواء الان في ظل تنظيمها لمونديال كأس العالم لكرة القدم، وانجازاتها الهندسية والمعمارية والاقتصادية، في حين أنها كانت منذ فترة طويلة معروفة من جانب البنتاغون ومحورا أساسيا في نشاطه العسكري والسري في منطقة الشرق الاوسط.
وقالت الصحيفة الامريكية في تقرير لها ترجمته وكالة شفق نيوز، إن قطر، الدولة الخليجية الصغيرة، تتمتع بمكانة المحور الأساسي للدور التكتيكي والاستراتيجي للجيش الأمريكي في الشرق الاوسط الكبير.
قاعدة "العديد"
واشار التقرير الى قرب قطر النسبي من سواحل ايران، واستضافتها لاكثر المنشآت التابعة للقوات الجوية الأمريكية استراتيجية في المنطقة، وهي قاعدة "العديد"، التي وصف دورها بأنه حاسم بالنسبة الى المهمات الامريكية الممتدة من أفغانستان الى البحر الابيض المتوسط.
ولفت التقرير الى ان قاعدة "العديد" تعتبر حيوية حيث يتمركز فيها آلاف العسكريين الأمريكيين للقيام بمهمات محاربة تنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق في السنوات التي تلت هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، ولاحقا لنقل المعركة ضد تنظيم داعش في كل من العراق وسوريا.
واشار التقرير الى الدور الذي يتم من خلال قاعدة "العديد" للمهمات الاستطلاعية جوا، حيث يوجد هناك مركز السري لـ"العمليات الجوية المشتركة" (CAOC) والتي كانت منذ فترة طويلة مركزا للعمليات الجوية في أنحاء المنطقة كافة، التي تضم 20 دولة والتي تشرف عليها القيادة المركزية للبنتاغون.
وتناولت الصحيفة تفاصيلاً من العام 2017، حول مركز العمليات الجوية المشتركة حيث كان يجتمع ممثلون من التحالف الأوسع الذي تقوده الولايات المتحدة لهزيمة داعش حول مجموعة من المعلومات الاستخبارية لتحديد الدعم الجوي والضربات الجوية الدقيقة المرتبطة بالمهمة، فيما كانت مشاهد فيديو ملتقطة من طائرات مسيرة تعرض على شاشات كبيرة داخل المركز، والذي يصفه البنتاغون "المركز العصبي للحملة الجوية".
وذكّر التقرير بأن قاعدة "العديد" الجوية وعناصر من الفرقة 379 للاستطلاع الجوي بما في ذلك سرب عمليات الإجلاء الطبي الجوي، اداروا عملية إخلاء عشرات الآلاف من الناس من افغانستان، يقدر عددهم بأكثر من 85 ألف شخص.
"الإمارة الإسلامية"
الى ذلك، ذكر التقرير أن قطر التي تتمتع بنظام "إمارة إسلامية"، ظهرت خلال مرحلة حقبة ما بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر كحليف رئيسي للولايات المتحدة من خارج حلف الناتو، مضيفا مع ذلك، ان العلاقات بين واشنطن والدوحة، حساسة ولا تخلو من الانتقادات.
وأوضح التقرير أن قطر استضافت لسنوات القيادة السياسية لحركة طالبان في الخارج، وهو ما منح الدوحة النفوذ على هذه الجماعة المسلحة وجعل بمقدور المسؤولين القطريين استضافة مفاوضات السلام الشاقة بين الولايات المتحدة وطالبان قبل الانسحاب العسكري الأمريكي الفوضوي من أفغانستان ثم سيطرة حركة طالبان على كابول في صيف العام 2021.
10 آلاف جندي أمريكي في قطر
وبالاجمال، يلفت التقرير إلى أنه خلال ذروة الحروب الامريكية في افغانستان والعراق وسوريا كان يتواجد أكثر من 10 الاف جندي امريكي في قطر، وتراجع العدد بمقدار الخمس بعدما بدأت ادارة الرئيس الامريكي جو بايدن بسحب القوات في الشرق الاوسط.
وبعدما اشار التقرير الى ان تاريخ الوجود العسكري الامريكي في قاعدة "العديد" يعود الى ما قبل هجمات 11 ايلول/ سبتمبر، ذكّر بأن هذا التاريخ مرتبط بشكل قوي بقرار ادارة الرئيس الاسبق بيل كلينتون في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، بالبدء في نقل الجنود الأمريكيين من المملكة السعودية بعد سلسلة من الاحداث الكابوسية والتي كان أبرزها التفجير الارهابي في العام 1996 ضد مجمع سكني في مدينة "الخبر" السعودية والذي اوقع 19 قتيلا أمريكيا.
وتابع قائلا ان الاحباط الأمريكي كان "يغلي" بالفعل بشأن النشاط الأمريكي في السعودية حيث كان زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن اشار الى الوجود العسكري الامريكي في المملكة، وتحديدا بالقرب من مدينتي مكة والمدينة المقدستين، على اعتبار انه من الدوافع الاساسية وراء تنفيذ هجمات 11 ايلول/ سبتمبر والهجوم على ابراج "الخبر".
واعتبر التقرير ان "القادة في قطر رأوا فرصة" في ذلك، وبدأوا بضخ الأموال في "العديد" وطرح عروض على الامريكيين من اجل الانتقال الى قطر، وفي هذا السياق اعلن وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد، في زمن الرئيس جورج بوش، فجأة في نيسان/ ابريل العام 2003، ان البنتاغون يقوم بسحب جميع قواته من المملكة السعودية ويسلم للسعوديين السيطرة على القواعد التي يجري الخروج منها.
ومنذ ذلك الوقت، قال التقرير ان نشاط العمليات والمنشآت، تتنامى منذ ذلك الوقت في قاعدة "العديد"، الا ان البنتاغون بالنظر الى الحساسيات الاقليمية، فانه سعى لفترة طويلة الى ابقاء دور القاعدة متكتما، مضيفا ان العسكريين الامريكيين تلقوا أوامر في اواخر العام 2013، بعدم التحدث عن القاعدة او الكشف عن موقعها بخلاف وصفها بأنها في مكان ما في جنوب غرب آسيا.
الانسحاب الامريكي
وختم التقرير بالقول انه رغم الانسحاب الامريكي الحالي من الشرق الأوسط، فإن الحكومة القطرية واصلت ضخ الاموال في "العديد"، وهي تضمن اكثر من 8 مليارات دولار منذ العام 2003، مشيرا الى وجود تقارير تتحدث عن تشكيل فرقة عمل جديدة مهمتها تتعلق بالطائرات المسيرة وغيرها من تقنيات الحروب، وهي كلها مؤشرات على ان الجيش الامريكي موجود هناك لكي يبقى.