شفق نيوز/ تناولت صحيفة "ذا كريستيان بوست" الامريكية المتخصصة بأخبار المسيحية، قصة معاناة مدرس فرنسي ذهب لمساعدة مسيحيي سوريا خلال الحرب الأهلية، وانتهى به الأمر مخطوفا ومعرضا للموت في العراق على أيدي مسلحي تنظيم داعش.
وأشارت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها ترجمته وكالة شفق نيوز؛ إلى أن الفرنسي الكاثوليكي الكسندر جودارزي توجه إلى سوريا استجابة لمعتقداته الدينية للمساعدة اخوته انسانيا، حيث انتهى به الأمر محتجزا كرهينة من قبل المسلحين الإرهابيين لمدة 66 يوما.
وبدأت قصة جودارزي في العام 2014 بسبب الأخبار عن اضطهاد المسيحيين في الشرق الأوسط، وهو ما قرر الرد عليه بالانضمام إلى منظمة الإغاثة المسيحية "اس او اس لمسيحي الشرق الاوسط" العاملة في سوريا التي سافر إليها في العام 2015.
ونقلت الصحيفة عن جودارزي قوله إنه "ظل لوقت طويل محتارا إزاء أن يظل متفرجا على كل الجنون البشري، وأن يشاهد من بعيد هذه المنطقة التي أحبها، حتى أصبح يشعر بالعجز ، وان اس. أو.اس، كانت بالنسبة إليه دعوة من الرب، دعوة لكي يخدمه بالذهاب من اجل اغاثة أبنائه، واخوتي".
وشعر جودارزي انه مضطر الى تقديم المساعدة بعدما تلقى تقارير عن عن تضاؤل أعداد المسيحيين في سوريا، من حوالي مليونين الى حوالي 700 ألف شخص منذ بداية الحرب. وقال "نحن لا نمنع او نطلق احكاما على من يريد مغادرة البلد، لكننا نساعد الذين يريدون البقاء".
وقدمت "اس او اس" عدة ملايين من اليوروهات من المعدات الطبية والاطعمة والملابس والمنتجات الصحية للسوريين، وساعدت في اعادة اعمار الكنائس والمنازل والمدارس والمستشفيات، ومولت مخيمات صيفية لـ"آلاف الشباب الحلبيين" الذين لم يعرفوا شيئا سوى الحرب.
واصدر جودارزي كتابه الصادر حديثا تحت عنوان "مختطف في العراق: مسيحي انساني يروي قصته"، يتحدث فيه عن رحلاته الاغاثية الى سوريا وذهابه الى حلب، ثاني كبريات المدن السورية وإحدى أقدم المدن المأهولة في العالم، وشرح مفصلا ما خاضه خلال الأيام الـ 66 التي احتجزه خلالها إرهابيون، بما في ذلك التعذيب والتهديد بقتله.
وقال جودارزي؛ إن الرحلة لم تكن سهلة بتاتا، مشيرا الى الوجود الجهادي الكبير لجبهة النصرة الارهابية، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، بالاضافة الى تنظيم داعش، على طول الطريق الممتد مئات الكيلومترات الى حلب، حيث يستغرق السفر اليها عدة ساعات بالسيارة أو الحافلة.
وتحدث الناشط الفرنسي عن الرعب الذي كان يتملكه في الطريق حيث تناثرت هياكل السيارات والحافلات والدبابات وردود فعل الركاب المصابين بالذعر بمجرد أن يشاهدوا حاجزا، موضحا أن الاسلاميين اعتادوا التنكر بملابس جنود الجيش السوري ليوقفوا المارة ويطلقوا النار عليهم أو يقطعوا رؤوسهم.
وقال جودارزي "كنت على علم بكل هذا، وكنت خائفا في بعض الأحيان. لكنني كنت أعلم أن الله موجود".
وتابع قائلا إنه بمجرد وصوله الى حلب، التقى الناس المنسيين والمهملين ثم "تقول لنفسك ان الامر كان يستحق ذلك، وعلينا في بعض الاحيان ان نجازف من أجل الله. والباقي بين يديه".
وذكر التقرير؛ أنه بعد سفر جودارزي بالحافلة عدة مرات برحلة تستغرق 12 ساعة، محفوفة بالمخاطر ما بين دمشق وحلب خلال 18 شهرا، تعرض للخطف مع ثلاثة موظفين خيريين اخرين من قبل ارهابيون عراقيين خلال سفرهم الى بغداد في كانون الثاني/ يناير العام 2020.
وتحت الخطف، كانوا يحرمون من الاكل احيانا طوال 24 ساعة، وغالبا ما يتشاركون علبتين من "التونة" لاربعة اشخاص، وكان الخاطفون يستمعون الى الاناشيد الدينية ليلا نهارا. وكانت الأرض شديدة البرودة، ما أجبر جودارزي والآخرين على تغطية أنفسهم ببطانيات كريهة الرائحة ومن الصعب تحملها. اما عيونهم فكانت معصوبة او مغطاة بنظارات واقية تم رشها باللون الأسود لحجب الرؤية من خلالها.
واستمع جودارزي لأحد الخاطفين وهو يقول له ان "حياتك ستنتهي هنا"، مشيرا الى ان الخاطفين عرضوهم للتعذيب النفسي وكانوا يتناوبون على السخرية منهم، وكانوا يتحدثون عن لاعبي كرة القدم الفرنسيين. كما قالوا لهم إن "ينسوا رؤية عائلاتهم مجددا".
ولفت التقرير؛ الى انه تم اطلاق سراح جودارزي ورفاقه المخطوفين عندما ظهرت جائحة كورونا في آذار/مارس العام 2020، وعاد في نهاية المطاف إلى زوجته وابنه في فرنسا.
والآن، يأمل جودارزي أن يكون كتابه "مختطف في العراق" بمثابة تحذير للدول حول تهديد الإسلام المتطرف. ويقول "كثيرا ما كان يقول لنا (المسيحيون) اللبنانيون والسوريون والعراقيون أن ما عشناه دائما مع المسلمين (المتطرفين) سيحدث لك. ما يضربنا اليوم سيحدث لكم غدا".
وأشار جودارزي إلى أن "العديد من القتلة الذين ذهبوا للجهاد في سوريا والعراق أتوا من أوروبا، ومن الواضح أنهم من خلال خبرتهم العسكرية والقاتلة، فإنهم يشكلون خطرا على الدول الاوروبية التي تجازف باستيراد هذا العنف لنفس الأهداف في وقت أو آخر".
ترجمة: وكالة شفق نيوز