شفق
نيوز/ رفعت القيادة العسكرية العراقية من حالة التأهب على الحدود مع سوريا بعد قيام
قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بإطلاق سراح العشرات من عناصر تنظيم داعش
من مخيم الهول، خشية تسللهم خاصة وأن أغلبهم عراقيون.
ويقول
الخبير الإستراتيجي أحمد الشريفي، لوكالة شفق نيوز "دخلت القطعات العسكرية
العراقية التي في خط التماس الحدودي مع سوريا في حالة الإنذار والبعض منها في حالة
إنذار مشدد، نتيجة ارتفاع منسوب التهديد، بعد بدء قوات سوريا الديمقراطية اطلاق
سراح المعتقلين الدواعش من مخيم الهول في شمال شرق سوريا، خاصة وأن أغلبية هؤلاء
من الجنسية عراقية وإمكانية تسللهم إلى العراق واردة جداً".
ويوضح
"مخيم الهول يضم أكثر من 50 ألف شخص من داعش من مختلف الجنسيات والأعمار،
فيما تتولى حراسته قوات سوريا الديمقراطية بعدد يتراوح ما بين 400 إلى 500 شخص
فقط، ما يجعل إحكام القبضة على هذا المخيم ليس بالمستوى المطمئن".
ويضيف
"لذلك هناك قلق من احتمالية انهيار الحراسة في مخيم الهول، وإذا انفرط عقد
المخيم فستكون المنطقة مهيئة لتصعيد جديد بموارد جديدة، والخطورة الأكبر ستكون على
سوريا والعراق، وتعود خطورته على العراق لوجود 16 إلى 17 ألف شخص من هؤلاء من
الجنسية العراقية".
ويشير
الخبير الإستراتيجي، إلى أن "قوات سوريا الديمقراطية ترى أنها على اعتاب
معركة أو تصعيد مع تركيا، لذلك تحتاج إلى مواردها البشرية في خطوط المواجهة، لذلك
بدأت بعملية ترشيق عبر اطلاق سراح الكثير من هؤلاء، وتم إطلاق 148 شخصاً ومرجح
استمرار هذه الدفوعات حتى تصل إلى 1200 أو 1400 شخص".
ويؤكد
أن "هؤلاء يشكلون خطراً لأن أغلبيتهم من الجنسية العراقية وإمكانية تسللهم
إلى العراق واردة جداً، خاصة وأن هؤلاء لديهم قدرة على قراءة الجغرافية لأنهم من
السكان المحليين، وقد يستثمرون هشاشة الخطوط التماس الجبهوية ما بين العراق وسوريا
وتركيا للتسلل إلى العراق، كما أن بعضهم كان قد قاتل أو تدرب في المخيم، لذلك
يشكلون خطراً كبيراً على العراق في ظل وجود الخبرة والمهارات القتالية وحملهم
لأفكار وأيدلوجية داعش".
"ونتيجة
لذلك، دخلت القطعات العسكرية العراقية التي في خط التماس الحدودي في حالة الإنذار
والبعض منها في حالة إنذار مشدد نتيجة ارتفاع منسوب التهديد، وفي ظل هذا الوضع
يحتاج العراق إلى استراتيجية جديدة في تأمين ما يطلق عليه بضبط ومسك الحدود،
ومعالجة قضية النشاط للقوات التركية المتوغلة في إقليم كوردستان وسد الثغرات
الحدودية، لأن هذه الثغرات قد تؤمن ممرات آمنة للدواعش مرة أخرى"، وفق
الشريفي.
وخلص
الشريفي إلى القول: "لذلك العراق أمام تحدٍ كبير يفترض أن يُعالج، فضلاً عن
إمكانية دخوله في إدارة الصراع الجاري حالياً والتصعيد المتوقع ما بين الفصائل
وإيران من جهة والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى، ومعنى ذلك تشظي العمليات
ووصولها إلى الأنبار أو حتى إلى حزام بغداد".
من
جهته، يقول الباحث في الشأن السياسي، سيف السعدي، إن "التحذيرات الأميركية من
خطر تزايد هجمات داعش في الآونة الأخيرة في خان بني سعد وتواجد بعض المضافات في
وادي الشاي ووادي القذف، يعود إلى أن هذه المناطق العراقية يجدها التنظيم الإرهابي
رخوة بعض الشيء، لذلك يستغلها بإحداث خروقات لإرسال رسائل بوجوده فيها".
ويبين
السعدي لوكالة شفق نيوز، أن "هذه التحذيرات الأميركية جاءت بعد العفو عن 1261
شخصاً من داعش كانوا محتجزين في مخيم الهول ضمن صفقة المصالحة المجتمعية بعد
مباحثات مع الجانب السوري وقوات قسد، وأن هؤلاء الدواعش الذين تم اطلاق سراحهم
كانوا من الجانب السوري، لكن اطلاق سراحهم في هذا التوقيت وفي هذا الظرف الحساس له
تداعيات خطيرة على الجانب العراقي، لاسيما وأن القوات العراقية بدأت تستعيد
عافيتها بعد حرب طويلة منذ عام 2014 وما تلاها من عمليات تحرير إلى عام 2017، لذلك
هذا الموضوع آثار الجانب العراقي ما دفعه إلى إعلان حالة التأهب على الحدود".
"لكن
من جانب التحليل، فإن هذا الموضوع هو بمثابة ابتزاز للحكومة العراقية من الجانب
الأميركي وقوات التحالف الدولي التي تتخذ من مخيم الهول (عصا لمن عصى)، أي عندما
تختلف السياسة ويحصل ضغط على مسألة إخراج القوات الأميركية وإنهاء مهمة التحالف
الدولي في العراق، يلاحظ أن هذا الملف يطغى على وسائل الإعلام، وهذا ما حصل في
الانسحاب الأميركي السابق عام 2011 ومن ثم عودتهم عام 2014"، بحسب السعدي.
ويشير
إلى أن "القوات العراقية ما زالت في طور التشكيل والتجهيز والتدريب والتسليح
وبالتالي هي بحاجة إلى مساعدة القوات الأميركية والتحالف الدولي من أجل إنهاء ملف
داعش الإرهابي الذي يحتاج إلى وقت طويل، وأن احتجاز هذا التنظيم في مخيم الهول
يعتبر قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، لذلك ما زال هناك خطر على الأراضي
العراقية لاسيما في ظل وجود مساحات شاسعة ومناطق ذات تضاريس معقدة يستغلها داعش
بإقامة مضافاته فيها، ورغم استبعاد تكرار سيناريو عام 2014 باعتبار أن المجتمعات
رافضة لعودة هذا التنظيم لأنه دمر كل شيء، لكن خطورته تكمن بقيامه بعمليات نوعية
لاثبات وجوده".
لكن
الخبير الأمني، سرمد البياتي، ينوّه إلى أن "من تم إطلاق سراحهم ليسوا من
مخيم الهول بل كانوا من معسكر غويران في الحسكة وقسم من معسكر في قامشلو بسوريا،
وهؤلاء كانوا مشمولين بقانون عفو رقم 10 الذي أصدرته قوات سوريا الديمقراطية
باطلاق سراح 1200 شخص على وجبات خلال عام 2024، لكن هناك من سرب بأنه هناك بعض
الدواعش منهم، علماً أن القانون لا يشمل الدواعش".
ويضيف
البياتي لوكالة شفق نيوز، أن "هناك من أشاع تسرب بعض الدواعش عن طريق الحدود
التركية وعززتها برقية قيادة غرب نينوى التي أكدت هذا الموضوع، لذلك هناك ارتباك
وتخوف رغم عدم ثبوت وجود تسلل للدواعش لحد الآن، ومن المفترض أن تصدر الأجهزة
الاستخبارية بياناً بهذا الخصوص".