شفق نيوز/ في غضون عشرة أيام، كان رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني يمسك بثلاثة ملفات محورية: العلاقة الخاصة مع فرنسا، توحيد البيت الكوردي، وتثبيت ركائز العلاقة مع بغداد.
محطة باريس
كان يتحتم على "مهندس الدبلوماسية والسلام" القيام بحركة سياسية استثنائية في نشاطها، من باريس الى اربيل وبغداد، وفي كل محطة فيها، ملفات كبيرة كان قد ألمح عليها بعدما اجرى محادثات مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في 30 مارس/ آذار، إذ أعلن انه بعد عودته الى الاقليم "سيبحث مسألة إستقرار العراق مع القوى السياسية الكوردستانية والعراقية".
ولم يكن مضمون لقاءات نيجيرفان بارزاني مع ماكرون اقل اهمية، ذلك أنه بحسب ما أعلن في اليوم التالي تم التأكيد خلال اللقاء الباريسي على اهمية دعم العراق واقليم كوردستان وسيادته، وان ماكرون "اكد على انه سيقوم بكل المحاولات من اجل استقرار العراق، ومواصلة دعمه سياسيا واقتصاديا".
ولهذا، فانه لم تكن قد مضت سوى ايام على عودته من زيارته الفرنسية، حتى كان يحط في بغداد لترتيب أوراق العلاقة معها حيث التقى رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي والرئيس العراقي برهم صالح.
لكن بارزاني قبل ذلك، كان يتحتم عليه ترتيب أوراق البيت الداخلي الكوردي، فقبل مجيئه إلى بغداد، عقد اجتماعا موسعا في الثامن من نيسان/ أبريل، ضم الأحزاب والقوى الكوردستانية بما يعزز صلة الوصل بينها، ولترتيب اجندة الاعمال الكوردية، وتحديد الاولويات الجامعة.
محطة اربيل
وفي هذا السياق، فقد تناول الاجتماع بحسب ما نشرت وكالة شفق نيوز، حماية وحدة الصف الكوردي، وبحث اقتراح مشاركة جميع الأطراف الكوردستانية بقائمة واحدة خلال الانتخابات العراقية المبكرة.
ولم يكن اجتماع البيت الكوردي معنيا بالشأن الداخلي فقط. فبحسب بيان صادر بعد الاجتماع، فقد تناول أيضا الأوضاع في العراق والمنطقة والعلاقات الخارجية لإقليم كوردستان، وزيارة رئيس الاقليم الى فرنسا ودور اقليم كوردستان في المعادلات السياسية الجديدة والعلاقات بين اربيل وبغداد والحوار الاستراتيجي العراقي الامريكي، ومشاركة ودور اقليم كوردستان فيه والانتخابات العراقية.
لكن رسالة الاجتماع وأهدافه كانت واضحة، وهي طرح المشكلات وقلق مختلف الجهات في مناخ واضح ومفتوح، وضرورة واهمية وحدة الصف والتناغم والتحاور والتفاهم بين الأطراف السياسية بغية إيجاد حل لجميع المشكلات.
وفي موقف لافت قبيل توجهه الى بغداد، وبعد احتدام الجدل حول الميزانية وظهور خلافات عراقية داخلية حولها قبل اقرارها، لم يعمد بارزاني الى اغتنام الفرصة لتوجيه سهام الانتقادات الى حكومة بغداد وتحدث، بلباقته الديبلوماسية واسلوبه بتدوير زوايا الخلافات والتوتر، قائلا انه "يجب ان يعلم الجميع ان ما يهم الإقليم اننا سنكون سعداء في رؤية إعمار وتقديم الخدمات الى جميع مناطق العراق من الفاو الى اقصى البلاد ونتمنى أن يتم تمرير الموازنة في البرلمان".
وفي جملة تختصر الكثير من افكار بارزاني قال خلال الاجتماع إن الطريق الوحيد لتجاوز المشكلات والأزمات وحماية الحقوق والمكتسبات ومكانة الإقليم الدستورية والاتحادية يكمن في السلم والتعايش ووحدة الصف وأن رئاسة الإقليم ستستمر في هذا الصدد وتبقى المظلة التي تجمع الجميع.
محطة بغداد
ومن هنا، فإن زيارته رئيس الإقليم الى بغداد كانت تتويجاً لهذه الحركة السياسية الاستثنائية، ليعلن خلال لقائه مع الكاظمي استعداد الاقليم لحل جميع المشكلات والعوائق مع الحكومة الاتحادية على أساس الدستور وفي إطار النظام الاتحادي وان يعمل مع جميع المكونات العراقية لتحقيق الأمن الاستقرار للعراق والمنطقة، عادا حل مشكلات الحكومة العراقية وحكومة الاقليم مفتاحا للامن والاستقرار في العراق.
جدول أعمال الرجلين حافل. فبعد زيارة بارزاني الباريسية واجتماع توحيد البيت الكوردي، هناك العديد من الملفات المشتركة. الحوار الاستراتيجي مع واشنطن الذي عقد منذ يومين وبمشاركة كوردية، وهناك العودة المريبة للنشاط الإرهابي واستغلال الثغرات الامنية في المناطق المسماة "متنازع عليها"، ومصير المحكمة الاتحادية، وتمرير الموازنة في البرلمان، والوضع في سنجار، وخطورة الوضع الصحي في ظل وباء كورونا.
وكان بارزاني حريصا على إبداء الود تجاه مضيفه عندما تحدث عن المساعي السياسية والدبلوماسية والاقتصادية للكاظمي، قائلا ان المساعي الدبلوماسية العراقية السابقة والزيارات واللقاءات التي قام بها الكاظمي (الى السعودية والامارات مؤخرا) اظهرت مكانة العراق والدور الطبيعي للعراق في المنطقة وعلى المستوى الدولي ايضا.
وليس أدل من اهمية تأثيرات الحركة النشطة لبارزاني سوى التصريح الذي أدلى الكاظمي خلال زيارة رئيس الإقليم عندما قال إن تكرار الزيارات التي يقوم بها بارزاني الى بغداد تبعث بعدد من الرسائل الصحيحة الى جميع العراقيين وتصبح سببا في بناء الثقة واظهار حسن النية وتشجع على روح التعاون والتنسيق في جميع المجالات من أجل مصالح البلاد، مشيرا الى زيارته المرتقبة المقبلة الى اقليم كوردستان.
محطة بغداد لبارزاني، شملت لقاءات مع رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى واخرين، وجرى، خلال اللقاءات، مناقشة مجمل التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية في العراق وإقليم كوردستان والمنطقة، وتم التأكيد على ضرورة التلاقي والحوار بين كل الأطراف من أجل دعم الاستقرار وضمان أمن المواطنين وتلبية احتياجاتهم اليومية.
كما اجتمع رئيس الإقليم مع رئيس جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الذي سلمه دعوة لزيارة الجامعة.