شفق نيوز/ تناول "معهد الشرق الاوسط" الامريكي، الانعكاسات الصعبة للحرب الروسية - الاوكرانية على العراق، بما في ذلك على تاثيراتها المحتملة على الوضع السياسي الداخلي للقوى العراقية، والتداعيات على علاقات التعاون بين بغداد وموسكو والتي نمت خلال العقد الماضي، بالاضافة الى تأثيرات سلبية على الاقتصاد في اقليم كوردستان.
واعتبر المعهد في تقرير له ترجمته وكالة شفق نيوز، منذ أن بدأت روسيا غزوها لاوكرانيا في 23 فبراير/شباط الماضي، فأن العراق امتنع عن اتخاذ موقف حازم ازاء الحرب، وصوت في 28 فبراير/ شباط مؤيداً بيان الجامعة العربية حول اوكرانيا ولم يحمل روسيا المسؤولية عن الحرب، في حين امتنع العراق عن التصويت في 2 اذار/ مارس على قرار من الجمعية العامة للامم المتحدة يدين العدوان الروسي، واكتفى بالاعراب عن "أسفه" ازاء "تدهور الوضع وتصاعد التوترات بين روسيا واوكرانيا".
ولفت التقرير إلى أنه بغض النظر عن ذلك، فأن رأي العراق السياسي حول سلوك روسيا يشهد انقساماً على أسس حزبية وفئوية، مضيفاً أن فرض العقوبات على موسكو تسبب بتعقيد استثماراتها في قطاع الطاقة العراقي ومشتريات صفقات الاسلحة المحتملة مع روسيا، ومن المحتمل ان يكون لها تاثير سلبي على المدى الطويل على اقتصاد العراق.
واستعرض التقرير مواقف من اطراف عراقية على الغزو الروسي، موضحاً أنها تعكس الانقسامات العراقية القائمة، حيث ان قوات الحشد الشعبي
هي الاكثر تعاطفا مع سياسات روسيا في اوكرانيا، وتجري تواصلا بانتظام مع موسكو حول سوريا ومكافحة الارهاب.
وذكر التقرير بان المسؤول في المكتب السياسي لكتائب سيد الشهداء عباس الزيدي، حذر من ان البريطانيين والامريكيين سوف يستغلون تجربتهم في "تشكيل العصابات والمافيا وفرق الموت في العراق وهندوراس" لتطبيقها في اوكرانيا.
وتابع التقرير ان الشخصيات الاخرى المتحالفة مع ايران كانت مواقفها اكثر اعتدالا في تبنيها للروايات المؤيدة للكرملين، حيث اعتبر قيادي في كتائب حزب الله العراقي بان واشنطن هي التي دفعت روسيا للتورط في الحرب، لكنه اعتبر ايضا ان روسيا "ليست اقل دموية" من اوروبا والولايات المتحدة، وانها ستحتاج لحدوث معجزة من اجل الفوز بالحرب بسبب العقوبات التي فرضت عليها.
واضاف أن السيد مقتدى الصدر كان في البداية الاكثر انتقادا للحرب في البداية مؤكدا بان الحرب بين روسيا واوكرانيا "غير مجدية اطلاقا" معربا عن امله بالحوار بين "البلدين المسيحيين"، لكنه بحلول 4 اذار/ مارس، اعتبر ان الحرب اندلعت "بسبب السياسة الامريكية هناك".
واعتبر التقرير أن رئيس اقليم كوردستان العراق نيجيرفان بارزاني من جهته، عبر عن دعم قوي لجهود تركيا من اجل الوساطة بين روسيا واوكرانيا.
وتابع التقرير، أن الرأي العام العراقي متابين في مواقفه حول الحرب، حيث ظهر ملصق يقول "نحن ندعم روسيا" محاطا بصور كبيرة للرئيس فلاديمير بوتين بالقرب من قاعدة تابعة لحركة عصائب اهل الحق، الموالية لايران في بغداد، مشيراً إلى أن ازالة الملصق من جانب قوات الامن العراقية تسبب في تفاقم الخلافات حول اوكرانيا، لا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف أن انصار رئيس الحكومة الاسبق نوري المالكي، المتحالف مع طهران، يميلون الى التعاطف مع موسكو بسبب عداوتهم المستمر تجاه واشنطن، بينما كان انصار الصدر يميلون الى تبني الحياد حازم.
تداعيات اقتصادية وامنية
وذكر التقرير انه كان للحرب في اوكرانيا اثارها الاقتصادية السلبية على العراق، حتى لو ان اسعار النفط ادت الى تحسين هذا الوضع، مذكرا بان العراق يستورد 50٪ من امداداته من المواد الغذائية، مضيفا انه برغم عدم اعتماده على القمح من روسيا او اوكرانيا، الا ان الزيادة في الاسعار العالمية كان لها تاثيرها غير المباشر على العراق.
واشار الى ان التاثير الطويل الامد للعقوبات ضد روسيا، ما زال غير واضح، مذكرا بان السفير الروسي لدى العراق البروس كوتراشيف اعرب في الاول من اذار/مارس عن رغبة موسكو الاستمرار بالاستثمارات الروسية المقدرة بنحو 14 مليار دولار مع العراق، والتي يتركز معظمها في قطاع النفط والغاز، مذكرا بعقود طويلة من الخبرة لدى الشركات الروسية في السوق العراقي.
إلا أن التقرير اعتبر انه برغم الخطاب المتفائل للكرملين، فان المسؤولين العراقيين يظهرون حذرا ازاء تعزيز العلاقات الاقتصادية مع روسيا، مشيرا الى ان العراق تلقى في 3 مارس/اذار، طلبات من مشتري النفط الاوروبيين والامريكيين، في وقت دعا البنك المركزي العراقي والبنك التجاري الشركات الى تجنب تحويل الاموال الى روسيا حتى لا تطال العققوبات العراقيين الغربية المفروضة على موسكو.
ورأى التقرير ان العراق قد يعمد الى تنويع جهوده لاقامة روابط تجارية لقطاع الطاقة لديه وتخفيف اعتماده تدريجيا على الاستثمار الروسي في السنوات المقبلة. وتابع التقرير ان سحب الاستثمارات قد يؤثر بشكل كبير على اقليم كوردستان، حيث حصلت شركة "روسنفت" على حصة كبيرة تبلغ 60 ٪ في مشروع خط انابيب النفط الرئيسي الخاص بها مقابل 1.8 مليار دولار في تشرين الاول/اكتوبر العام 2017.
واوضح التقرير بانه بالنظر الى ان "روسنفت" لم تتمكن في تحقيق ارباح من استثماراتها في الطاقة البالغة 4 مليارات دولار في اقليم كوردستان في الفترة من عامي 2017 الى 2019، وفي خططها من اجل بيع الغاز من كوردستان عبر تركيا الى اوروبا بسبب تشديد العقوبات، فان افاق افاق موسكو من اجل تحقيق صفقات مربحة في اقليم كوردستان، تتراجع.
كما اعتبر التقرير انه من الممكن ان يكون تأثير العقوبات على شراء العراق للاسلحة الروسية، اكثر وضوحا، حيث ان بغداد طلبت شراء دبابات روسية بقيمة مليار دولار في العام 2017، مما عزز ترسانة العراق الكبيرة من المركبات المدرعة الروسية. واشار ايضا الى ان العراق قرر في مايو/ايار العام 2019 لشراء نظام الدفاع الجوي الروسي "اس-400".
ولفت التقرير الى انه برغم ان روسيا عرضت بيع العراق صواريخ "اس -400" لحماية مجالها الجوي بعد اغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الايراني قاسم سليماني في يناير/كانون الثاني 2020، الا انها امتنعت بسبب المعارضة المحتملة من شركاء مثل اسرائيل والمملكة السعودية ودولة الامارات، مشيرا في الوقت نفسه، الى ان رغبة روسيا في الحصول على عملة صعبة واحتمال خسارة عملاء اخرين لشراء اسلحتها، التوجه عكس هذه الموانع ومن ثم تسهيل بيع "اس -400" للعراق.
وختم التقرير بالقول انه "على الرغم من ان العراق تجنب الانحياز الى طرف في الحرب، الا ان الصراع قد يتسبب في تفاقم الانقسامات بين الفصائل والتاثير بشكل كبير على مسار الاقتصاد العراقي في المدى المنظور". وتابع قائلا انه في حين من غير المرجح ان تدمر الحرب خطوات التعاون الروسي العراقي المقامة على مدى العقد الماضي، الا انه من المرجح ان تحد بغداد من تعاونها مع موسكو على المجالات الاساسية وتتخظى تاثير العقوبات من خلال تبني سياسة خارجية متعددة الاقطاب".