شفق نيوز/ رسم معهد "المجلس الأطلسي" الأمريكي المشهد الانتخابي والسياسي في اقليم كوردستان مذكرا بأن الترتيبات التي كانت قائمة بين الحزبين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني ساهمت لسنوات في استقرار الإقليم وتحقيق ازدهاره، لكن التوتر بينهما، فيما لو استمر، قد يدخل الإقليم في مرحلة جمود سياسي عندما يحين موعد تشكيل الحكومة الجديدة.
ووصف التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ انتخابات الاقليم الأحد، بأنها "حاسمة وطال انتظارها"، مذكرا بأنه كان من المقرر تنظيمها في العام 2022، لكن الخلافات حول النظام الانتخابي تسببت في تأجيلات متعددة.
ولفت التقرير إلى أن في جوهر هذه المسألة يكمن زوال ترتيب تقاسم السلطة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، على الرغم من أنه بعد الغزو الأميركي العام 2003، جرى الترحيب بإقليم كوردستان بسبب السلام والازدهار النسبيين الذي يتمتع به.
وذكّر التقرير بأن الحزبين كانا توصلا الى تفاهمات لتقاسم السلطة لدمج إدارتيهما المنفصلتين، والتي نشأت بعد الحرب الاهلية التي جرت بينهما خلال التسعينيات، مضيفا أن هذه الترتيبات اقتضت حدوث تقسيم متساو في المناصب الحكومية في الاقليم وفي العراق الاتحادي، والتي تتيح حدوث تسويات ومقايضات بينهما، مشيرا إلى أن الحفاظ على توازن القوى في مقابل الطرف الآخر، بقي هو الهدف النهائي.
ورأى التقرير؛ أن هذا الترتيب حقق الاستقرار السياسي الذي كان الإقليم بأمس الحاجة إليه، موضحا أنه في حين انزلقت بقية مناطق العراق الى حرب اهلية طائفية في أعقاب الغزو، فان اقليم كوردستان ظل يتمتع بالهدوء وبدأ يزدهر.
وبالاضافة الى ذلك، قال التقرير انه بعد هذه التسوية التي عالجت الانقسامات الداخلية، فإن القادة الكورد أصبحوا لاعبين حاسمين في "العراق الجديد"، حيث ساعدوا في صياغة دستور يكرس وضع الإقليم شبه المستقل ضمن نظام اتحادي، بينما قام القادة الكورد من الحزبين بأدوار وساطة في التوترات والخلافات بين الشيعة والسنة حول تقاسم السلطة في ظل النظام الجديد، مشيرا على سبيل المثال إلى الجهود التي قادها الكورد في التوسط في الصفقة السياسية التي عرضت على نوري المالكي ولاية ثانية كرئيس للوزراء العراقي في العام 2010.
واشار التقرير الى ان الانتخابات الكوردية تأتي أيضا في سياق النزاعات المستمرة بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية العراقية، مضيفا أن الانقسامات المستمرة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني تسببت في زيادة تعقيد العلاقات بين اربيل وبغداد، واحيانا للوصول الى طريق مسدود في بغداد ، او وفرت لها الفرصة للتدخل في الشؤون الكوردية الداخلية، بما في ذلك من خلال قرارات للمحكمة الاتحادية العليا خلال العامين الماضيين والتي قيدت الحكم الذاتي الكوردي.
واعتبر التقرير تعثر تقاسم السلطة بين الحزبين الرئيسيين، والعلاقة المتوترة بينهما، مردها بشكل جزئي ظهور جيل جديد من القادة داخل كل منهما، وغالبا بسبب عدم التوصل الى حلول وسطية، مضيفا أن كثيرين يعتبرون أن عدم قدرتهم على التقدم كجبهة موحدة في بغداد، هو السبب الأساس لتراجع نفوذهم.
وتابع التقرير انه يبدو ان الاتحاد الوطني الكوردستاني بقيادة بافل طالباني حقق أخيراً الوحدة داخل الحزب للمرة الاولى منذ اكثر من عقدين، مضيفا ان التحدي الرئيسي الذي يواجه الاتحاد الوطني الكوردستاني في هذه الانتخابات، هو في البرهنة على عزيمته وقوته، بما في ذلك مواجهة التحدي الجديد من زعيمه السابق لاهور طالباني، كما يتحتم على الحزب اقناع الناخبين بأنه سيصحح مسار الحكم في الاقليم.
إلا أن التقرير قال إن المزاج العام هو عدم حماسة الناخبين وخيبة الأمل في السياسة، مضيفا أن النظام الانتخابي الجديد الذي قسم الاقليم الى اربع دوائر انتخابية، قد يؤدي الى اعادة التوزيع في حصة الاصوات والمقاعد في البرلمان القادم، وأنه برغم ذلك، فان الحزب الديمقراطي الكوردستاني قد يتمكن من الحفاظ على أصواته التعددية بسبب انضباطه الداخلي وتماسكه.
وختم التقرير بالقول إن اسئلة كبرى تسود حول عملية تشكيل الحكومة بعد الانتخابات، حيث انه بالنظر الى عجز الحزبين الرئيسيين المتزايد عن التوصل الى تسوية، فإنه من المرجح أن تكون العملية طويلة ومحفوفة بالمخاطر، الأمر الذي قد يؤدي الى الجمود والتعثر، مضيفا أن المخاطر كبيرة، بما في ذلك خطر حدوث جمود سياسي في اقليم كوردستان.
ترجمة: وكالة شفق نيوز