شفق نيوز/ على مدى عقود ظلت كنيسة الطاهرة الكبرى القلب النابض لمدينة قرة قوش كبرى المدن المسيحية في العراق لكنها بعد عامين من حكم تنظيم الدولة الإسلامية باتت تحمل الآن آثار الحرب والتدنيس.
فقد حول مسلحو الدولة الإسلامية الفناء الداخلي للكنيسة إلى ساحة للتدريب على الرماية تاركين خلفهم بعد طردهم عددا من تماثيل عرض الملابس التي على شكل نساء ومجسمات أخرى صنعوها من الخشب وقد ملأتها الثقوب بفعل الرصاص.
وبعد أكثر من شهر من استعادة القوات العراقية قرة قوش ما زال الصليب معلقا في إحدى زوايا الكنيسة التي جلل السواد جدرانها من الداخل بفعل حريق كما انتشرت عليها شعارات الدولة الإسلامية وكُتبت أسماء المتشددين على أعمدتها.
وأقيم قداس في كنيسة الطاهرة الكبرى لأول مرة منذ عامين حيث يزورها المسيحيون لمشاهدة ما بقي منها. لكن القليل منهم يفكر في العودة إلى المدينة التي كان يقطنها 50 ألف شخص وتحولت الآن لمدينة أشباح.
وقال آرام القسطومة وهو طالب جاء من جيب قريب للمسيحيين في إقليم كوردستان العراق مع أصدقائه لتنظيف الكنيسة "ربما يجب أن يتركوها كما هي ليرى الزائرون ماذا فعلت الدولة الإسلامية. لقد دمروا كل شيء. انفطر قلبي لرؤية ذلك."
واستعاد الجيش قرة قوش في أكتوبر تشرين الأول في إطار حملة لاستعادة مدينة الموصل القريبة أكبر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق بعد عامين من اجتياح التنظيم شمال العراق وإعلان "خلافة" على مساحة شاسعة من الأراضي تمتد ما بين العراق وسوريا.
وعادت الأسر لفترة وجيزة إلى قرة قوش لتفقد المنازل المحترقة وجمع متعلقاتها من بلدة كانت أحد أوائل أماكن المسيحية في العالم.
وتقف الجرافات في وسط المدينة استعدادا للمساهمة في إعادة الإعمار حيث تم تطهير الشوارع الرئيسية من الأنقاض. لكن العديد من المتاجر اُحرقت وسُلبت ولا تزال الكهرباء والمياه مقطوعة عن المدينة.
وانتشرت على الجدران في وسط المدينة عبارة وحدات حماية سهول نينوى وهو اسم الوحدات التي تشكلت لحماية قرة قوش تحت اشراف الجيش العراقي.
وتعود المسيحية في شمال العراق إلى القرن الأول الميلادي. وفرت الأقلية تدريجيا من العنف بعد الإطاحة بصدام حسين في عام 2003. وعندما وصل تنظيم الدولة الإسلامية ترك كثيرون منازلهم وفروا إلى كردستان.
*دفاعات جديدة
قال العميد بهنام عبوش الذي ساعد في تشكيل وحدات حماية سهول نينوى للدفاع عن قرة قوش إن وحداته تحمي البلدة المسيحية لإتاحة الفرصة للقوات العراقية التي تحاول استعادة الموصل على بعد 30 كيلومترا شمال غربي البلدة.
وأضاف أن المسيحيين سيعودون إلى بلداتهم وقراهم إذا كانت قوات مسيحية هي المسؤولة عن الأمن وليس قوات عربية أو كردية مثلما كان الوضع من قبل وإذا حصلوا على بعض الضمانات بحماية دولية. وقال "نفقد أرضنا دائما. سنبقى إذا قمنا بحراسة أمننا بأنفسنا." بحسب رويترز.
وتمول الحكومة المركزية وحدات حماية سهول نينوى التي تحصل على أسلحتها من الجيش العراقي.
لكن حتى الانتصار على الدولة الإسلامية واحتمال وجود قوة مسيحية دائمة في البلدة ليس كافيا للكثيرين.
ومن هؤلاء ألحان منصور التي عادت إلى قرة قوش لأخذ المزيد من الملابس وألعاب ابنها من منزل الأسرة. قالت ألحان إن المتشددين أقاموا في منزل شقيقتها ثم دمروه بعد ذلك. لكن كثيرا من الذكريات ما زالت حية.
وأضافت قبل أن تقود سيارتها مبتعدة "سنهاجر. عدنا لنرى منازلنا وذكرياتنا. هذا محزن جدا. من الصعب أن تترك ذكرياتك لكنني لن أستطيع العيش هنا مجددا."