شفق نيوز/ يحيي العراق في الثالث عشر من تموز من كل عام يوم الطفل العراقي في وقت "لم تقم الحكومة العراقية بواجباتها الدستورية والإنسانية تجاه الطفل العراقي خاصة مع النازحين والمهجرين واليتامى وغيرهم"، بحسب عضو في مجلس النواب العراقي، وسط دعوات بضرورة أن يجعل المشرع العراقي النصوص القانونية تواكب العصر والظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها، خاصة وأن العراق من البلدان غير المستقرة منذ 7 عقود على الأقل، لذلك يحتاج دائماً إلى نشاط المشرع العراقي لمسايرة ما يستجد في المجتمع العراقي. 

وقررت الحكومة العراقية عام 2007 جعل الثالث عشر من تموز من كل عام يوم الطفل العراقي، أحياء لذكرى عشرات الأطفال الذين قتلوا في التفجيرات الإرهابية التي استهدفهم في منطقة النعيرية ببغداد عام 2005.

وقال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في تغريدة بمناسبة يوم الطفل العراقي: "نؤكد المضي في توفير بيئة صحية ورعاية تربوية وتعليمية واجتماعية متكاملة لأطفالنا، وبالاستناد إلى قيمنا الحضارية والإنسانية، وما يوجبه الدستور والقوانين".

وأضاف: "مستمرون في إسناد كل جهود المجتمع المدني والبرامج الثقافية التي تستهدف رعاية أطفالنا وتهيئتهم لغد أفضل، فهم ضمانة العراق الى مستقبل زاهر".

"تقصير حكومي"

لكن النائب في البرلمان العراقي، محما خليل، أكد أن "الطفل هو ثروة المستقبل ورأس مال الدولة العراقية وحقوقه مثبتة دستورياً، لكن الحكومة العراقية لم تقم بواجباتها الدستورية والإنسانية تجاه الطفل العراقي خاصة مع النازحين والمهجرين واليتامى وغيرهم".

ويضيف لوكالة شفق نيوز، أن "الطفل في دول العالم له حقوق في التربية والصحة والمستقبل والتأهيل النفسي، لكن عند مقارنة الاهتمام بحقوق الطفل العراقي مع نظرائه في الدول العربية والأجنبية يلاحظ أنه في ذيل القوائم نتيجة التقصير الحكومي".

ويوضح، أن "الكثير من الأطفال في العراق تركوا مدارسهم ولجأوا إلى العمل الشاق من أجل لقمة العيش، كما هناك جيل من مواطني الخيم من النازحين وخصوصاً الأقليات ومنهم الإيزيديين وما تعرضوا له من إبادة وفقدان لأولياء الأمور، لكن لم تقم الحكومة العراقية بما ينبغي وتأهيلهم نفسياً وجعلهم ثروة وطنية مستقبلية".

يشار إلى أن 4.7 ملايين طفل عراقي قد تأثر بسيطرة تنظيم داعش على عدة مدن، والتي تسببت في مشاكل جمّة لهم ارتبطت بالنزوح وعدم تلقيهم لقاحات وفقدانهم ذويهم وتعرضهم لأضرار جسدية، وإجبار 3.5 ملايين منهم على ترك الدراسة.

استغلال الأطفال

بدوره، يلفت رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، د.فاضل الغراوي، إلى أن "شريحة الأطفال عادة ما تتعرض للاستغلال سواء في أوقات السلم أو الحروب، باعتبار أن هذه الفئة من الفئات الهشة والتي تتعرض لكمٍّ هائل من الاستغلال، منها استغلالهم في سوق العمل والأعمال الشاقة وبخس الأجور والاتجار بالبشر وإجبارهم على العمل في التسول وأماكن السهر وبيع الأطفال خارج العراق وابتزازهم إلكترونياً فضلاً عن التحرش والاغتصاب".

ويؤكد الغراوي لوكالة شفق نيوز، أن "أغلب الأطفال في العراق يتعرضون إلى مثل هذه المشاكل سواء كانوا من أصحاب الإعاقة أو الشرائح الأخرى من الذين يعانون من الوضع الاقتصادي، وأن نسبة الاستغلال كبيرة خاصة عند الذكور باعتبار أن الإناث يتم استغلالهن بقضايا محددة، لكن الأطفال الذكور يتم استغلالهم بكل الصور والأنشطة التي تقوم بها العصابات الإجرامية".

وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعي أحمد الأسدي، أعلن اليوم السبت، "شمول أكثر من 3 ملايين و479 ألفاً من الأطفال بالحماية الاجتماعية، وهو أكبر رقم تصل إليه الوزارة".

وأوضح الأسدي أن "جهود الوزارة ومن خلال اللجنة الوطنية العليا لرصد الانتهاكات بحق الأطفال تكللت بإخراج العراق من لائحة استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة".

ولفت إلى أن وزارته تعمل بالتعاون مع مجلس النواب على إعداد مشروع قانون حماية الطفل الذي تمت القراءة الأولى له وبانتظار القراءة الثانية تمهيداً للتصويت عليه.

ظاهرة تسول الأطفال

من جهته، يقول رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، ستار دنبوس براك، إن "أكثر العراقيين لم يعيشوا مرحلة الطفولة بسبب ما مرت به البلاد، ويلاحظ في الوقت الحالي الكثير من الأطفال يتسولون في الشوارع والتقاطعات في بغداد والمحافظات، وأن أصحاب النفوس الضعيفة لا يتركوهم بسلام وخاصة الإناث، بل سوف يتم التحرش بهن وقد يسحبوهن إلى أمور أخرى". 

ويوضح لوكالة شفق نيوز، أنه "لا توجد إحصائية عن عمالة الأطفال في العراق، وحتى وزارتي التخطيط والعمل ليس لديهما الأعداد، رغم أنهما الجهات المعنية والمختصة بهذا الملف"، مبيناً "لكن عادة ما تكون عمالة الأطفال عند أصحاب المهن الحرة وليس في المصانع والمعامل وغيرها، ويعطى الطفل أجراً يتراوح ما بين 10 إلى 15 ألف دينار في الأسبوع، في ظل ظروف وتعامل سيء من قبل صاحب العمل".

ويؤكد، أن "الحد الأدنى لأجر العامل هو 350 ألف دينار وفق القانون، لكن هناك الكثير من يبخس أجور العامل ولا يعطيه هذا المبلغ، رغم أن هذا المبلغ لا يساوي شيئاً أمام الغلاء المعيشي الذي يشهده العراق".

العراق يحتاج إلى نشاط المشرع

أما الخبير القانوني، وليد الشبيبي، فقد أوضح أن "العراق لديه تشريعات تخص الطفل وحمايته وأغلبها مستقاة من الشريعة الإسلامية وكذلك من التشريعات الغربية (القوانين الوضعية من اتفاقات دولية وغيرها)، وبالتالي العراق لم يقصر في هذا الجانب، لكن في كل فترة تطرأ الحاجة - بفعل التطور التكنولوجي الحاصل والوضع الاجتماعي بفعل ما حدث من حروب وفقر وتفكك الأسر وغيرها - إلى تدخل تشريعي في هذا الجانب".

ويضيف الشبيبي لوكالة شفق نيوز، أن "في العراق، هناك قوانين أصيلة مباشرة جاءت لحماية الطفل، وهناك أيضاً قوانين وتشريعات جاءت لحماية الطفل بطريقة غير مباشرة، ففي الأول على سبيل المثال قانون حماية القاصرين، وهو خاص بكيفية التعامل مع الجانحين وخارقي القوانين الوضعية للأعمار التي تقل عن 18 عاماً، أما النوع الثاني - وهي القوانين غير المباشرة لحماية الطفل - فعلى سبيل المثال قانون الأحوال الشخصية بمادة الحضانة 57 التي جاءت لمصلحة الطفل وواجب على الأم الحاضنة، وإذا ما انتفت شروط الحضانة عندها تنتقل إلى حاضنة أخرى أو حاضن، لأن غاية القانون هو حماية الطفل".

ويتابع، "كما هناك تشريعات داخلية جاءت للمصادقة على اتفاقيات دولية، لكن هذه الاتفاقيات لا يعترف بها أو لا تطبق ما لم يصدر قانون من البرلمان يوافق عليها، وقد يرفضها البرلمان أو قد يوافق على جزء منها بما يسمى بالتحفظ على نصوص محددة لأسباب معينة، ويذكر البرلمان هذه الأسباب".

ويشير إلى أن "العراق صادق على اتفاقية حقوق الطفل الدولية عام 1994 التي شرعت آواخر عام 1989 وأصبحت نافذة عام 1990، وكذلك صادق العراق على اتفاقية سيداو (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) عام 1979، لكن تحفظ العراق على بعض النصوص فيها كونها مخالفة بشكل صريح للشريعة الإسلامية ولا تتفق مع القوانين الوطنية والعرف السائد، كما فعلت أغلب الدول العربية أيضاً، وكذلك هناك مشروع قانون حماية الطفل العراقي وكان من المفترض أن يشرع منذ سنوات ولكن تأخر لأسباب خاصة بمجلس النواب".

واختتم الشبيبي حديثه بالقول "لذلك لا توجد هناك مشكلة لحماية الطفل في العراق، وعلى المشرع العراقي أن يستدرك بين الحين والآخر كلما يجد نصوصاً قد ابتعدت عن واقعيتها، بجعلها تواكب العصر والظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها، خاصة وأن العراق من البلدان غير المستقرة منذ 7 عقود على الأقل، لذلك يحتاج دائماً إلى نشاط المشرع العراقي لمسايرة ما يستجد في المجتمع العراقي".