شفق نيوز / يحتفل العالم، اليوم الجمعة، باليوم العالمي للشباب لعام 2022، والذي يأتي ليسلط الضوء على دور الشباب، ومبادراتهم في تقدم المجتمعات، وإتاحة الفرصة لسماع أصواتهم، وفيما يشكو شباب عراقيون من عدم الاهتمام بهم قبل وبعد عام 2003، يؤكد مسؤولون ومتخصصون أن الشباب أكثر عرضة للاستغلال في أوقات الأزمات والكوارث.
ويأتي الاحتفال باليوم العالمي للشباب 2022 تحت شعار "التضامن بين الأجيال"، إذ يهدف إلى إسماع الرسالة التي مفادها أن هناك حاجة للعمل عبر الأجيال لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتجنب ألا يتخلف أي فرد عن ذلك الركب.
وعلى الرغم من أن هذه المناسبة التي أطلقتها الامم المتحدة قبل اثنين وعشرين عامًا، بهدف الاهتمام بالتعليم والعمل وكذلك القضاء على الفقر والجوع واحتواء الشباب، الا أنها غير مطبقة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العراق، وفقا لمراقبين.
عدم اهتمام بالشباب قبل وبعد 2003
ويعاني الشباب العراقي من التهميش وعدم الاهتمام منذ عقود، إذ كان الشباب قبل عام 2003 يعانون من الحصار والحروب، وبعد التغيير لم يتحسن الحال"، وفق ما يقول المواطن محمد الأسدي من محافظة كربلاء، ويضيف "فالأزمات السياسية والأمنية والصحية والاقتصادية لم تتوقف".
ويتابع الأسدي، لوكالة شفق نيوز، "وبالتالي بدأ الشباب يلجأ إلى المخدرات والسرقة، بسبب عدم الاهتمام الحكومي بهم، فأغلب الشباب وبعد إتمام دراستهم لا يجدون وظيفية أو فرصة عمل تعينهم على متطلبات الحياة الصعبة، في حين دول العالم الأخرى ترعى شبابها وتوفّر لهم سبل الحياة الكريمة"، خاتما حديثه بالقول "الشاب العراقي مظلوم، ويشكو الجوع، ويطالب بالتعيين".
"مهمشون" ونتمنى سماع صوتهم
و"لم يقتصر تهميش الشباب على الذكور دون الاناث، فكلا الجنسين لهما النصيب نفسه"، ولذلك تعرب الشابة تبارك مجيد من العاصمة بغداد عن "أملها بأن "تكون هناك التفاتة حكومية لقضايا الشباب ودعمهم والاحتفاء بامكانياتهم، فضلاً عن توفير بيئة صحية ساندة باعتبارهم طاقات متجددة قادرة على العمل والإنجاز، إضافة إلى إشراكهم في مناصب حكومية عليا".
وتضيف مجيد لوكالة شفق نيوز، كما "اتمنى ان يكون للشباب صوت مسموع مؤثّر، لتغيير الواقع وتوفير حياة كريمة للأجيال المقبلة، إضافة إلى توفير فرص عمل تحول دون لجوئهم إلى طرق غير قانونية كتعاطي المخدرات أو السرقة أو حتى الإرهاب".
وبحسب رئيس مركز العراق لحقوق الانسان علي العبادي فإن "الشباب العراقي على مستوى العمل السياسي من التهميش وعدم سماع الدولة لهم"، ويتابع، "حيث شهدت البلاد الكثير من التظاهرات وسقط فيها مئات الشهداء والجرحى وكانت شعاراتهم (نريد وطنا) و(نازل اخذ حقي)، أو المطالبة بتوفير فرص العمل".
ويضيف العبادي لوكالة شفق نيوز، كما أن "التهميش شمل الجانب الاقتصادي أيضاً، فلا يُتاح لأغلب الشباب فرصة عمل وخاصة للخريجين الذين يقدرون بالآلاف، بسبب عدم وجود برنامج حكومي حقيقي لاحتواء الشباب الذين هم (حاضنة المستقبل)".
ويكمل رئيس مركز العراق لحقوق الانسان، "لذلك يطلق المركز نداءً بضرورة الاهتمام بالشباب، من خلال اتاحة الفرصة لهم على مستوى القرار السياسي، كما يجب تطبيق برامج الأمم المتحدة التي أقرتها بخصوص الشباب، وأن تضع الدولة العراقية خططا حقيقية لاحتضان الشباب وتوفير كل سبل الراحة لهم لتعزيز دورهم، فهم ثروة وطنية واللبنة الحقيقية لبناء الأوطان".
مستغلون في الكوارث والأزمات
وفي الوقت الذي يُعدّ الشباب الأكثر قدرة على بناء الدول والمجتمعات واستقرارها، فهم في المقابل "يعتبرون الحلقة الأكثر استهدافا في الأزمات والكوارث، والأكثر استغلالا من قبل المجاميع التي تستهدف السلم والسلام وحقوق الإنسان"، وفق ما يقول عضو المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان، علي البياتي.
ويؤكد البياتي لوكالة شفق نيوز، "لذلك فإن مناقشة مشاكلهم ووضع الحلول لها، وإشراكهم في القرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني، أساس لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تتبناها الأمم المتحدة".
وتعليقا على شعار الأمم المتحدة بمناسبة يوم الشباب "التضامن بين الأجيال"، يوضح البياتي، أنه "يهدف لإعطاء الفرص لكل الاعمار الذي هو الأساس لتحقيق التنمية المستدامة، فالتمييز على أساس العمر في مجالات الحياة كافة يؤدي إلى فقد المجتمع روح التضامن والعمل كفريق واحد".
وينبه البياتي، بأن "نسبة الشباب في المجتمع العراقي تصل إلى 60%، وفي الوقت الذي يمكن أن يكونوا فيه سببا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحقيق طفرة نوعية وثروة اقتصادية في البناء، يمكن أيضا في حال اهمال دورهم وطموحاتهم، أن يكونوا سببا للدمار والخراب، فضلا عن استغلالهم من قبل مجاميع التخريب والفوضى و المافيات والعصابات التي تعمل في الجرائم المختلفة".
ويتابع البياتي، أن "الشباب العراقي اليوم بلا خطط حقيقية، على الرغم من وجود وزارة الشباب والعديد من المؤسسات المعنية داخل الدولة، إلا أن الحكومة تفتقر إلى سياسات عملية للاستفادة منهم، من خلال استثمار طاقاتهم الكبيرة وتوفير كل متطلبات تطوير قدراتهم ومنح حقوقهم وجعلهم جزءا من بناء الدولة، وخلق انتماء حقيقي وطني لهم".
ودعا البياتي القيادات السياسية الى جعل هذا اليوم "ليس للشعارات فقط، وإنما منطلقا لتغيير ومراجعة سياسات الاهتمام بالشباب".
نسبة بطالة عالية
ويبلغ معدل البطالة بصورة عامة في العراق 16.5%، بحسب المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبدالزهرة الهنداوي، ويوضح أن "معدل البطالة لدى النساء يبلغ 28%، أما معدل البطالة بين الشباب بعمر 15-24 سنة، يبلغ حوالي 36%، فيما يبلغ معدل البطالة بين الشباب بعمر 25 سنة فأكثر، 11%".
ويبّين الهنداوي، لوكالة شفق نيوز، أن هذه الاحصائيات "حسب نتائج مسح القوى العاملة الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط، في النصف الثاني من العام الماضي 2021، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، وشمل جميع المحافظات بما فيها اقليم كردستان".
وتأتي هذه المناسبة في وقت يعيش فيه الشباب العراقي بظروف استثنائية، من إقامة التظاهرات وكذلك الظروف السياسية الصعبة بسبب الانسداد السياسي، إضافة إلى المشاكل الاقتصادية والصحية.
ووفقا لمنظمة اليونسكو يعيش في العالم اليوم ما يقارب 1٫8 مليار شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 10 و24 عاماً، وهو أكبر عدد وصل إليه عدد الشباب في العالم على الإطلاق، كما يعيش واحد من بين كل 10 أطفال في العالم في مناطق النزاع، وهناك 24 مليون طفل منهم غير ملتحقين بالمدارس، وقد أدّت حالة عدم الاستقرار السياسي والتحديات التي تشوب سوق العمل ومحدودية المشاركة في الحياة السياسية والمدنية إلى زيادة عزلة الشباب في المجتمعات.