شفق نيوز/ بالتزامن مع الاحتفاء باليوم العالمي للعمال، يواجه العمال العراقيين تحديات ومشاكل تتعلق بحقوقهم القانونية والضمان الاجتماعي والصحي، ما يتطلب توحيد الجهود ومضاعفة العمل لوضع خطط ملموسة وحقيقية تعالج تردي أوضاع العمال والصناعة في العراق.

ويحتفل العالم بعيد العمال أو اليوم العالمي للعمل، يوم 1 أيار/ مايو من كل عام، وهو احتفال سنوي يقام في دول عديدة احتفاء بالعمال، ويعد عطلة رسمية في أكثر من مائة دولة.

ووجهت الحكومة العراقية بتعطيل الدوام الرسمي اليوم الاثنين الأول من أيار/ مايو تزامناً مع عيد العمال العالمي.

غياب للحقوق

ويأتي هذا العيد والعامل علي كريم (33 عاماً) من محافظة كربلاء، يعاني غياب الحقوق وقلّة فرص العمل، وهو ما دفع - بحسب كريم - بعض أصحاب العمل إلى استغلال العاملين من خلال زيادة ساعات العمل وتقليل الأجور، وفي الوقت نفسه مزاحمة العامل الأجنبي لنظيره العراقي في قطاعات العمل المختلفة.

ويدعو كريم خلال حديثه لوكالة شفق نيوز الحكومة والبرلمان والنقابات إلى "الاهتمام بالعمال واتخاذ قرارات تُساهم في تحسين وضعهم، منها توزيع منح مالية للشباب لإنشاء مشاريعهم الخاصة، والتقليل من دخول العمالة الأجنبية ليحظى العامل العراقي بفرصة للعمل".  

وتؤكد عضو مجلس النواب العراقي، رزان صالح، لوكالة شفق نيوز، أن "العمال في العراق يعانون من مشاكل كثيرة حالياً، ما يستدعي من الحكومة توفير فرص عمل للقضاء على البطالة، ودعم البلاد اقتصادياً في الزراعة والصناعة من خلال تنشيط وتفعيل المصانع المحلية وتطوير القطاعات كافة، وتحديد نسبة أجور مناسبة للعمال لسد احتياجاتهم المعيشية وحل مشاكلهم التي يعانون منها".

من جهتها تنبه الناشطة والمدافعة عن حقوق الإنسان، سارة جاسم، إلى أن "ضعف الوعي لدى العامل العراقي بحقوقه وقلّة فرص العمل أدى إلى تنازله عنها، خصوصاً أن نسبة العاملين في القطاع الحكومي تبلغ 37 بالمائة، أي أن مجموع اليد العاملة يزيد على 12 مليوناً، وهناك نحو 4-5 مليون عامل في القطاع الخاص، لم يسجّل منهم في قانون الضمان الاجتماعي سوى 650 ألف عامل، ما يتطلب حلول ومعالجات عميقة".

ودعت جاسم في حديث لوكالة شفق نيوز، إلى "التطبيق الأمثل للقوانين للحد من ظواهر عديدة منها التحرش في أماكن العمل، وعمالة الأطفال غير المشروعة، وفي الوقت ذاته الاستفادة من الطاقات والكفاءات والأموال والثروات في إحداث نمو صناعي وإنتاجي، وهو ما يستلزم من مؤسسات الدولة اصدار قرارات اقتصادية سليمة وناجحة لمنع حدوث انهيارات اقتصادية قد تهدد الاقتصاد العراقي".

وضع صعب

من جانبه يؤكد الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، أن "وضع الطبقة العاملة في العراق صعب للغاية لما تواجهه من تحديات ومشاكل تتعلق بحقوقهم القانونية والضمان الاجتماعي والصحي، وعلى الرغم من اصدار قانون 37 لسنة 2015 إلا أن العامل العراقي يعاني من مشاكل تراكمية تتمثل بالتمييز وجشع أصحاب العمل، بالإضافة إلى ضعف القانون الذي ساهم في تهميش العمال وحرمانهم من أبسط حقوقهم".

ويضيف عيد لوكالة شفق نيوز، أن "على الدولة أخذ دورها في تفعيل دور النقابات العمالية وإبعادها عن السياسة، وفتح الاستثمار وتوفير فرص العمل في القطاعات الإنتاجية، لتخفيف الضغط على القطاعات الحكومية، وفرض حد التأمين والاستقطاعات التقاعدية، ولتحقيق ذلك لابد من رفع مرتبات العاملين بما يتلائم من ضمان إمكانية سداد مستحقات التأمين". 

ويتفق رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، ستار دنبوس، مع ما طرحه المتحدثون حول ضرورة رفع الحد الأدنى للأجور، وتعديل قانون العمل لمعالجة التعسف والتحرش الجنسي، وإخراج قانون التنظيم النقابي، والأهم هو إقرار قانون التقاعد والضمان الاجتماعي المعطّل منذ أكثر من 6 سنوات. 

"فوضى العمالة الأجنبية"

ويشير دنبوس خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى "وجود فوضى في ملف العمالة الأجنبية التي تقدر بأكثر من مليون عامل، وهؤلاء دخلوا إلى البلاد بشكل عشوائي دون شروط وقيود ومراقبة من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ما أثر سلباً على نسبة العاطلين عن العمل في العراق".

وتبلغ نسبة البطالة في العراق 16.5 بالمائة، للأعمار ما بين 15 لغاية 60 عاماً، وفق مسح أجرته وزارة التخطيط عام 2022 للقوى العاملة في العراق بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، بحسب ما أعلنه المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي لوكالة شفق نيوز.

بدوره يوضح الخبير القانوني، علي التميمي، قانونية وجود العمال الأجانب في العراق بالقول إنه "لم يشرع قانون خاص بالعمالة الأجنبية في العراق، والقانون المطبق هو قانون العمل 37 لسنة 2015 وقانون إقامة الأجانب 118 لسنة 1978".

واشترطت هذه القوانين "حصول العامل على إجازة العمل كشرط للتواجد وجواز سفر وسمة دخول وشروط أمنية أخرى، وعادة ما يُغرّم المخالف بمبلغ لا يزيد عن 500 دولار ثم يرحل وحسب قرار محكمة التحقيق"، وفق التميمي.

ويبيّن لوكالة شفق نيوز، أن "وجود هؤلاء العمال الذين يُقدّر عددهم بمليون عامل دون خطط يشبه كثرة السيارات المستوردة، له أثر على الاقتصاد والأمن الجنائي والبطالة وخروج الأموال".

ويؤكد على ضرورة "تشريع قانون خاص بذلك يفصّل كل جوانبهم ووجودهم وترحيلهم، والمعلومات تقول أن أعداداً كبيرة منهم يعملون بلا إقامة، ولا حل أمام القضاء سوى ترحيلهم إلى بلدانهم".