شفق نيوز/ يحتفل العالم باليوم العالمي للطفل في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، والذي تم تأسيسه في عام 1954 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ لتعزيز التوعية بين الأطفال في جميع أنحاء العالم، وتحسين حياتهم، في ظل معاناة وحقوق "منتهكة" للأطفال العراقيين بسبب الظروف الأمنية الاقتصادية والاجتماعية، وسط دعوات لوقفات جادة لرعايتهم وتشريع القوانين التي تحميهم.
ويواجه الطفل العراقي تحديات كثيرة، فمن الجانب التعليمي "تفتقر أغلب المدارس إلى الأدوات الأساسية الحديثة التي توفّر الراحة للطفل"، وفق رئيسة منظمة آيسن لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، أنسام سلمان، وتضيف "وكذلك الحال بالنسبة للمستشفيات التي تعاني من نقص العلاجات الضرورية التي يحتاجها الطفل عند تعرضه لوعكة صحية".
وتدعو سلمان خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، إلى "وقفة حقيقية من قبل المنظمات المعنية المحلية والدولية ومن الحكومة العراقية لتشخيص ما يحتاجه الطفل وإنهاء العنف الممارس ضده، وانتشاله من الضياع وحمايته من الإتجار بالبشر وسوق العمل، بالإضافة إلى إقرار قانون حماية الطفولة وتنفيذ بنوده بما يلائم الواقع ويضمن سلامة الطفل".
وبحسب بيانات مجلس القضاء الأعلى، فقد تم تسجيل 1606 دعاوى عنف ضد الأطفال في عام 2019، أما عام 2021، فشهد 1141 دعوى عنف أسري ضد الأطفال، بينما سجلت خلال النصف الأول من العام الحالي 500 دعوى.
65 طفلا عراقيا بين قتيل وجريح في 2022
قالت منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة في تقرير لها أمس، "يصادف يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر يوم الطفل العالمي، وهي الذكرى السنوية لتبني اتفاقية حقوق الطفل، والتي توفر مجموعة من المعايير العالمية التي يجب أن تلتزم بها جميع البلدان - بما في ذلك مبدأ عدم التمييز؛ ومصالح الطفل الفضلى كاعتبار أساسي في جميع الإجراءات المتعلقة بالأطفال؛ وحق الطفل في التعبير عن آرائه بحرية؛ وبشكل الأساسي حق الطفل الأصيل في الحياة".
وأضاف التقرير أنه "مع اقتراب هذا اليوم، يواجه الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ارتفاعًا جديدًا في أعمال العنف، منذ بداية هذا العام قُتل ما يقرب من 580 طفلاً بسبب النزاعات والعنف في العديد من الدول في المنطقة - بمعدل يزيد عن 10 أطفال كل أسبوع. وقد أصيب عدد أكبر بكثير"، مبينة أن "هذا واقع غير مقبول".
وأشار، إلى أنه "لا يزال الأطفال في المنطقة يعانون من الآثار المدمرة للنزاعات التي طال أمدها، والعنف المجتمعي، والذخائر المتفجرة ومخلفات الحرب، والاضطرابات السياسية والاجتماعية الموجودة في العديد من الدول، بما في ذلك إيران والعراق وليبيا والسودان وسوريا واليمن وفي النزاع الإسرائيلي الفلسطيني".
وتابع التقرير، أنه "في العراق لا تزال الذخائر المتفجرة المتبقية من النزاعات السابقة تْعرِّض حياة الأطفال للخطر تاركة 65 طفلاً ما بين قتيل وجريح هذا العام".
وأعربت اليونيسف عن "جزعها لاستمرار الأطفال في دفع ثمن باهظ للعنف والنزاعات. يجب أن تلتزم الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الطفل بحماية الأطفال في حالات النزاع والعنف وضمان حقهم في الحياة وحرية التعبير"، مشيرة إلى أنه "ينبغي احترام حق الأطفال في الحماية من العنف في جميع الأوقات ومن قبل جميع أطراف النزاعات. العنف ليس حلاً أبدًا والعنف ضد الأطفال لا يمكن الدفاع عنه أبدًا".
دعم نيابي
تؤكد رئيس لجنة المرأة والطفل النيابية، ابتسام الهلالي، أن "الطفل أساس بناء المجتمع، وسوف يكون فردا ناجحا إذا تم تهيئة له جميع أسباب الراحة من التعليم والثقافة والصحة والحماية"، وتضيف، "كذلك يحتاج الطفل إلى المدافعة عنه وإبعاده عن العمل والنوادي والمقاهي وغيرها".
وتتابع الهلالي خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، أن "لجنة المرأة والطفل تدعم المرأة والطفل في توفير الحماية لهما من العنف، وتعمل على إعطائهما حقوقهما كاملة ليعيشا حياة كريمة في البلاد".
قانون حماية الطفل
وأنهى مجلس النواب العراقي مؤخرا، القراءة الأولية لقانون حماية الطفل حيث يعطي للطفل حقه بالحياة والتعليم من خلال النهوض بجيل جيد يخدم المجتمع في المرحلة المقبلة.
ومن أبرز مواد القانون، تخصيص أموال لتوفير وجبة غداء لتلاميذ المرحلة الابتدائية من الصف الأول إلى السادس الابتدائي، على أن تكون هذه الفقرة ثابتة بقانون الموازنة العامة وتنفذ بعد إقرار القانون في مجلس النواب.
أما المادة الثانية المهمة في نص القانون، فهي توفير مراكز لإيواء الأطفال اليتامى الذين ليس لهم معين على أن تكون تلك المراكز تحت إشراف الحكومة وليس المنظمات الدولية.
ويعالج قانون العقوبات العراقي رقم "111" لعام 1969 وقانون الأحداث لعام 1983 موضوع العنف بحق الأطفال، إذ شدّد العقوبة بحق الاعتداء على الأطفال دون سن 18 عاماً، وتدريج هذه العقوبات بحسب نوع العنف، منها أن الاغتصاب بحق الطفل تصل عقوبته إلى الإعدام والضرب المتسبب بعاهة تصل عقوبته إلى السجن أكثر من 3 سنوات.
وكان العراق من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية حقوق الطفل التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989. لكنه شهد ارتفاعاً كبيراً في معدلات العنف ضد الأطفال بعد عام 2003، لعدم تطبيق القوانين والأزمات السياسية والأمنية التي مرّ بها البلد، مع غياب الرعاية الصحية والتعليمية والاجتماعية واستغلال الأطفال وتجنيدهم في الأعمال العسكرية والنزاعات المسلحة.
كذلك أقرّ البرلمان - نتيجة لاتساع ظاهرة الاتجار بالبشر - قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 عام 2012، وعلى الرغم من إقرار هذه القانون ووضع آليات مراقبة ومحاسبة من ضمن بنوده، إلا أن الواقع يشير إلى انتشار هذه التجارة في البلاد.
معالجات ضرورية
يقول مؤسس "البيت العراقي للإبداع" لرعاية الأطفال الأيتام والمشردين، هشام الذهبي، إن "الطفل العراقي بحاجة إلى تشريع قانون حماية الطفولة، وتوفير بيئة آمنة وصحية له، ليمارس طفولته فيها بكل أريحية، وقانون للتعليم الإجباري يمنع تسرب الأطفال من المدارس واستغلالهم من قبل ذويهم للعمالة المبكرة أو التسوّل".
ويتابع الذهبي حديثه لوكالة شفق نيوز "وتم تقديم مقترحات لمنح كل طفل من أول يوم يسجل فيه بالمدرسة من عمر 6 سنوات، إلى عمر 15 سنة في مرحلة الثالث المتوسط، مبلغ 50 ألف دينار شهريا، ويكون هذا المبلغ مقابل تعهدات من أسرته بعدم تسربه من المدرسة، كذلك تقديم الرعاية الاستثنائية للأطفال الأيتام والمحرومين والفقراء".
ويبيّن، أن "تسرب الأطفال من المدارس يؤدي إلى العمالة المبكرة وهذه تؤدي إلى التسول الذي يفضي إلى التشرد، فهذه حلقات مرتبطة ببعضها، وكلما تتم معالجة هذه المشكلة من بدايتها يتم منع تشرد الأطفال الذي لا توجد احصائية له، نظرا لعدم وجود جهة معنية بهذا الملف".
3 ملايين طفل خارج المدرسة
تشير أرقام المؤسسات الوطنية والرسمية إلى "وجود ما لايقل عن 400 ألف طفل في سوق العمل، ونحو 3 ملايين طفل خارج المؤسسات التعليمية، نتاجا للظروف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والهجرة، فضلا عن أعداد كبيرة من المواطنين الذين لا يمتلكون مستمسكات ثبوتية وأغلب هؤلاء من النازحين"، بحسب عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق، د.علي البياتي.
ويوضح البياتي لوكالة شفق نيوز، أن "هذه المؤشرات دليل على انتهاك حق الطفولة في العراق، وغياب الإجراءات الحقيقية التي تترجم الاتفاقيات الدولية والدستور العراقي الذي يؤكد على حماية الطفولة"، مشددا على أهمية "الاهتمام بالتشريعات وإيجاد المؤسسات التي توفّر البيئة الآمنة والسليمة التي تؤهل الطفل لمستقبل زاهر".