شفق نيوز/ في اليوم الأول لتطبيق أوقات الدوام الجديدة التي أقرها مجلس الوزراء العراقي، لم يلمس المواطنون تغييراً في الكثافة المرورية التي من المفترض أن تعالجها مواعيد الدوام المختلفة، حيث استمرت الازدحامات في العاصمة بغداد، بل سجلت شوارع معينة ازدحامات لمسافات أطول من السابق، ما يعطي مؤشرات على عدم جدوى القرار وفشله في تحقيق الهدف منه.
وقرر مجلس الوزراء العراقي في آذار/مارس الماضي، اعتماد توقيتات جديدة للدوام الرسمي في وزارات ومؤسسات الدولة تحت التجربة لمدة 3 أشهر، لتقليل الزخم الحاصل من الموظفين الحكوميين الضاغط على شوارع العاصمة، وتقليل ذروة الدخول والخروج من دوائرهم ووزاراتهم، إذ أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، في حديث سابق لوكالة شفق نيوز، إن " أكثر من ثلاثة ملايين و400 ألف موظف متواجدون في وزارات ومؤسسات الدولة".
وقسّم قرار مجلس الوزراء، دوام وزارات ومؤسسات الدولة على 4 أنواع من التوقيتات، الأول من 7 صباحاً إلى 2 ظهراً، والآخر من 8 إلى 3، وأيضاً من الـ9 إلى 4، وأخيراً من الساعة 10 إلى 6 قبل الغروب.
وتعاني بغداد ومدن رئيسية كبرى من ازدحامات مرورية خانقة لاسيما في ساعات الذروة عند بداية الدوام ونهايته، ما دفع الحكومة إلى جانب تغيير أوقات الدوام، تشييد عدد من الجسور والأنفاق الجديدة في العاصمة للتخفيف من حدتها.
الازدحامات مستمرة
لكن في أول يوم لتطبيق القرار، اليوم الأحد، أظهر الموقف المروري في بغداد ازدحامات خانقة طالت معظم المناطق والشوارع الرئيسية.
حيث تعرضت طرق سريع القناة السايدين عند شارع بور سعيد وجسر الحبيبية، ومجسر قرطبة ونفق باب الشرجي والشارع بين ساحتي الخلاني والطيران، وشارع الجمهورية من ساحة الخلاني باتجاه ساحتي التحرير والوثبة، وشارع الرشيد من جسر السنك حتى ساحة الميدان، لازدحامات خانقة أدت إلى توقف الحركة.
شارع وزارة الصحة ومجسر باب المعظم وجميع الأزقة المحيطة بمدينة الطب، بالإضافة إلى الشارع بين مجسر 14 رمضان ومقبرة براثا السايدين، شهدت أيضاً ازدحامات مرورية.
وكذلك شهد شارع يافا ونفق الزيتون ازدحاماً مستمراً من الحارثية إلى جسر الجمهورية، بالإضافة إلى ازدحام شارع 14 تموز خلف الزوراء، وهو الازدحام نفسه الذي كان قبل تطبيق قرار تغيير أوقات الدوام الرسمي.
كما شهد شارع يافا ونفق الزيتون ازدحاماً متصلاً من الحارثية إلى جسر الجمهورية، فضلاً عن ازدحام السايدين بين ساحة الطابقين ونفق عمار بن ياسر.
شارع جامعة بغداد لغاية ساحة الطابقين، وجسر الطابقين من شارع المصافي لغاية ساحة الطابقين، وسريع الدورة من المصفى لغاية الجسر العنكبوتي ونزلة محمد القاسم، وشارع المطار وسريع القادسية شهدت جميعها ازدحامات مرورية أيضاً.
مؤشرات سلبية
ونتيجة لذلك، عبّر الكثير من الموظفين والطلبة والكسبة عن استيائهم من مواعيد الدوام الجديدة، الذين رأوا أن هذا القرار لم يسهم في معالجة الاختناقات المرورية بل أدى إلى إرباك حركة المرور والعمل في الدوائر والمؤسسات الحكومية.
وفي اطلاع سريع على آراء المواطنين عن تجربتهم مع أول أيام بدء تطبيق المواعيد الجديدة للدوام، برزت عدة مؤشرات سلبية بينها تحمل جوانب إنسانية كنتيجة عرضية للقرار، وسط مطالبات بالعدول عنه.
وفي هذا الصدد، تقول موظفة في وزارة تبدأ دوامها منذ الساعة 7 صباحاً، إن "القرار تسبب لنا بمشاكل، إذ لدي أطفال في المدارس أقوم بإيصالهم يومياً بنفسي، لكن في ظل القرار الجديد لا يمكنني فعل ذلك بعد الآن، فالمدارس لا تفتح أبوابها الساعة السادسة صباحاً"، وتضيف في حيرة "وماذا يفعل الأطفال في هذا الوقت الباكر ودوام وزارة التربية يبدأ الساعة 8 صباحاً، كما أن المشكلة تتكرر بأوقات انتهاء الدوام المختلفة".
وتؤكد الموظفة خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، أن "كل مناطق بغداد تعاني من الازدحامات، ولن تحل هذه المعضلة بتغيير أوقات الدوام"، مقترحة توسيع مناطق بغداد ونقل الوزارات إلى أطراف العاصمة لتخفيف الازدحام في الداخل، معللة ذلك بالقول "صحيح أن مقر الوزارات سوف تبتعد من ناحية المسافة لكن من ناحية الوقت سوف يكون أقل من الوقت الذي يُستغرق بتجاوز الازدحامات داخل بغداد".
معاناة طلبة الكليات
معاناة أخرى تتمثل بطلبة الكليات الذين يعملون بعد الدوام، حيث تقول بان محمد طالبة في جامعة بغداد، إن "الدوام كان ينتهي في ساعة الواحدة ظهراً وأحياناً يمتد إلى الواحدة والنصف، ومن ثم نذهب إلى العمل الذي يبدأ بعد ساعة أو أكثر بقليل، لكن بتغيير أوقات الدوام تضرر الكثير من الطلبة الذين يعملون بعد الدوام لسد تكاليف الجامعة والمصاريف اليومية".
وتضيف محمد في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "القرار الجديد قد يتسبب بفقدان عمل الكثير من الطلبة، وهو مصدر عيشهم الوحيد، لذلك كان على الحكومة التفكير في البداية بهذه الشريحة، ورغم أن السنة الدراسية لم يبقَ لها سوى شهر واحد فقط، لكن هذا الشهر سوف يتسبب بضرر كبير على الكثير من الطلبة".
وتدعو الطالبة، الحكومة إلى "إعادة النظر بالقرار لأن الكثير من طلبة الجامعات وكذلك بعض الموظفين الذين لديهم عملاً آخر تضرروا بشكل كبير نتيجة تغيير الأوقات".
يشار إلى أن هناك مشاكل أخرى تتمثل بخوف الأهالي على رجوع بناتهن الطالبات في الجامعات والكليات والمعاهد في وقت متأخر عند الساعة السادسة مساءً، خصوصاً وأن بعض الفتيات ينتقلن من المحافظات القريبة ذهاباً وإياباً دون المكوث في الأقسام الداخلية، الأمر الذي سيتسبب برجوعهن إلى منازلهن مع حلول الليل.
تأييد للقرار
في المقابل، تقول موظفة بوزارة التعليم العالي إنها "تتفق مع تغيير أوقات الدوام للحد من الازدحامات، لكن وفق أحد مقترحين، الأول أن يكون الدوام على شكل شفتين، ويكون الشفت اختيارياً بما يتناسب مع دوام الوالدين للمناوبة بينهم بإرسال واستقبال الأطفال من المدارس".
وتضيف لوكالة شفق نيوز، "أو - المقترح الثاني - إعادة دوام الجامعات كالسابق واستبدال توقيت وزارة التعليم مع وزارة أخرى، لأن المستوى الذهني لدى الطلبة يبدأ بالانخفاض بعد الساعات الأولى من الصباح".
فيما يبدي المواطن أبو محمد من محافظة المثنى تأييده للقرار ويعتبره جيداً لفك الازدحامات خاصة عند مراجعة الدوائر، يقول إن "المراجعة على وزارة معينة يتطلب الحضور إلى بغداد، وعادة يكون مدخل بغداد الدورة مزدحماً في كل الأوقات، فضلاً عن ازدحام الشوارع والمناطق المؤدية إلى المكان المقصود، ما يعرقل إنجاز المعاملة في يوم واحد".
ويعرب أبو محمد خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، عن أمله بأن يُساهم تغيير أوقات الدوام في تخفيف الازدحام ما يسهل علينا مراجعة الوزارات.
تحت الاختبار
بدوره، ينوّه الخبير الاقتصادي، عبدالرحمن المشهداني، أن "التجربة يمكن أن تقاس بعد أكثر من أسبوع، لكن عموماً أعطى القرار فسحة ليكون الدوام بأوقات مختلفة لاستثمار الوقت وتقديم الخدمات للمواطنين".
ويرى المشهداني خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "مسألة الازدحامات باقية ولن يخفف تغيير الأوقات الشيء الكبير، لأن المشكلة في عدد السيارات ببغداد".
3 حلول
وكانت مديرية المرور العامة، أكدت في تصريحات سابقة، أن عدد السيارات في العراق - عدا إقليم كوردستان - بلغ أكثر من سبعة ملايين سيارة، لكن الغريب أن العاصمة بغداد وحدها نالت العدد الأكبر من تلك السيارات، حيث سجلت وجود 4 ملايين سيارة، في شوارعها.
كما حددت المديرية ثلاثة حلول لمواجهة مشكلة الازدحامات المرورية عبر اللجنة المشكلة لهذا الشأن بأمر من رئيس مجلس الوزراء، وحددت اللجنة الحلول الانية بـ"فرض القانون المروري على المخالفات التي تسبب الزخم المروري ومنها عدم الامتثال للإشارات المرورية سواء كانت ضوئية او يدوية".
أما الحلول قريبة الأمد، بحسب اللجنة، فهي "تغيير اوقات الدوام والعمل على التاكسي النهري وأيضا العمل على تشجيع المواطن ان يستقل مركبات النقل الجماعي، اما بعيدة الامد هي الثورة الاعمارية التي نشهدها حاليا في محافظة بغداد من بناء الجسور وانشاء الطرق وتعبيدها ورصفها كذلك رفع السيطرات في محافظة بغداد لتسهيل السير وحركة المرور".