شفق نيوز/ رسمت صحيفة "الغارديان" البريطانية صورة واسعة عن أعمال الفنانة الكوردية العراقية فيان سورا، من خلال لوحاتها الفنية التي نقلتها من حروب العراق وآلامه، نحو المنافي المتعددة، بينما يفتتح معرضها الفني الجديد غداً الخميس في مدينة نيويورك الأمريكية.

وأشار التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن أعمال سورا، المولودة في بغداد، ركزت على حروب العراق وآثارها، إلا أن أعمالها تتضمن أيضاً جوانب أخرى مثل عودة الحياة، وإعادة البناء والولادة من جديد.

الأعمال العدائية

وقدّم التقرير وصفاً للوحات الفنية لسورا، مشيراً إلى أنها رائعة، وتتميز بألوانها الخاصة، وخصوصا الألوان الأخضر والأزرق والبرتقالي والأصفر والأحمر، وهو ما يجذب الأنظار على الفور، ويجعل المشاهد يتساءل كيف بإمكانها أن تستخدمها جنباً إلى جنب بهذه السهولة.

ووصف التقرير المعرض تحت عنوان "فيان سورا: نهاية الأعمال العدائية" في صالة "ديفيد نولان" في نيويورك، مشيراً إلى أنه يتضمن لوحات تتسم بالأناقة، وهو المعرض الأول لها في هذه المدينة الأمريكية، مذكّراً بأنها بغدادية المولد، وتقيم حالياً في مدينة لويزفيل في ولاية كنتاكي الأمريكية، وقطعت خلال ذلك رحلة طويلة ومتعرجة خلال حياتها ومسيرتها المهنية المضطربة والذي يتجلى بشكل بارز في هذه الأعمال التأملية الجذابة التي توازن بين التجريد والتصوير.

ونقل التقرير عن سورا قولها "نظراً لأن عملي ركز لفترة من الوقت على الأحداث الفوضوية التي أثرت في حياتي، فأنني بدأت في الخوض في الجانب الأكثر بهجة من الأشياء"، مضيفة أن "هذا العرض يمثل غزو العراق، وهو الحدث الذي غير حياتي بالفعل، ولهذا فإن هناك لوحات تتناول بعض هذه المواضيع، ولكن أيضاً جوانب من عودة الحياة، وإعادة البناء، والولادة من جديد".

وأوضح التقرير أن سورا ولدت في العام 1976، وأمضت معظم العقود الثلاثة الأولى من حياتها تعيش في ظل النظام الديكتاتوري والحروب المتقطعة، وعانت بتحملها رعب الحياة في منطقة حرب في أعقاب الغزو الأمريكي لبلادها في العام 2003، مضيفاً أن سورا شقت طريقها للخروج من العراق من أجل البقاء، ولهذا، فأنها منذ العام 2006، أمضت ثلاث سنوات وهي تنتقل عبر تركيا والإمارات ودول أخرى قبل أن تنجح في الهجرة إلى الولايات المتحدة.

ولفت التقرير إلى أن سورا عملت أكثر من عقد من الزمن من أجل أن تأتي بأفراد عائلتها الباقين على قيد الحياة إلى الولايات المتحدة.

ونقل عنها قولها إنها "عندما وصلت، شعرت بصدمة شديدة"، مضيفة أنها لم تتمكن من التواجد في مدينة كبيرة، ولذلك فأنها شعرت أن لويزفيل كانت مكاناً جيداً وهادئاً لتطبيب جروحها النفسية.

المحيط الفني

وذكر التقرير أن سورا ترعرعت في محيط الفن، حيث كان والدها يمتلك معرضاً فنياً وكانت عائلة والدتها تمتلك داراً لمزادات التحف، أما هي فقد بدأت في الرسم خلال تسعينيات القرن الماضي أثناء التحاقها بجامعة المنصور، ونالت شهادة في علوم الكمبيوتر، وكانت واحدة من أربع نساء فقط في فصلها.

وتابع التقرير أن المعرض الفني الأول لها، كان في العام 2001 في معرض "إناء" للفنون في بغداد، وواصلت تقديم أعمالها بشكل ثابت منذ ذلك الحين، حتى في أوقات الحرب، مضيفاً أن فنها كان المحك الأساسي لها طوال حركتها العديدة وفي ظل الاضطراب السياسي.

ونقل التقرير عن سورا قولها "عملي هو فعل من أعمال المقاومة"، مضيفة أن الفن "كان وسيلتي للمقاومة عندما كنت في العراق، وهي وسيلتي للمقاومة الآن، بالتواجد في أمريكا المنقسمة للغاية. لقد أصبح العمل بمثابة هوية بالنسبة ليّ".

ولفت التقرير البريطاني إلى أن معرضها "نهاية الأعمال العدائية"، يصادف مرور الذكرى الـ20 للغزو الأمريكي للعراق، لكنه المعرض الفني الأول لسورا في مدينة نيويورك، بعد المعرض الناجح الذي أقامته في لوس أنجلوس العام الماضي.

وبحسب التقرير فإن معرض "نهاية الأعمال العدائية" يظهر تفاعل سورا طوال حياتها المهنية مع الصعوبات المحيطة بحياتها في العراق، بينما تظهر أيضاً أنها تفتح مساحة جديدة للتعامل مع قضايا أخرى مثل الهجرة، وتجربتها كعراقية كوردية تعيش في أمريكا، وآمالها في مستقبل أفضل.

ونقل التقرير عن سورا قولها "أريد أن أمثل بطريقة أو بأخرى أنه بمقدورنا جميعاً العيش سوية. الأمر الطبيعي بالنسبة ليّ هو أن أكون متنوعة قدر المستطاع. هذا بمثابة خريطة طريق بالنسبة ليّ لفهم الأشياء".

تاريخ بلاد الرافدين والهجرة

وأشار التقرير إلى أن افتتان سورا ببلاد ما بين النهرين والتاريخ القديم لأرض العراق، يقترن بجوانب أكثر معاصرة من تجربتها مع الهجرة، كما يظهر في لوحاتها.

ووفقاً لسورا، فإن سنواتها الأولى في الولايات المتحدة اتسمت بشخصيتها الاعتذارية عن جوانب مختلفة من هويتها، لكنها بعد جراحة طبية خضعت لها، أصبحت أكثر قدرة على التواصل بشكل عميق ومباشر حول حقائقها الشخصية.

وأوضحت سورا أنه "من الناحية النفسية، لقد انتهيت من محاولة العيش كمهاجرة تحاول أن تبرهن أنها ليست إرهابية"، وهو تغيير ظهر في الألوان التي تستخدمها في الرسم، مشيرة إلى أنه من خلال الألوان المتعارضة، حاولت تجسيد جميع الثنائيات التي تحاول التمسك بها أثناء إقامتها في الولايات المتحدة، وجميع الأجزاء المتنوعة والمتضاربة في هويتها.

وحول أعمالها الجديدة ومعرضها في نيويورك، قالت سورا إنها صارت مستعدة للقيام بذلك بعد سنوات من الإرهاق، مضيفة "أنا أملك صوتي بطريقة مختلفة الآن. وأشعر وكأنني مستعدة، وأنه أمر مذهل كيف تشفى من الأشياء".

وأضافت "نيويورك مثيرة بالنسبة ليّ على العديد من المستويات، فهي مكان سحري ومجنون للفنانين. أنه المكان الذي يجب أن تكون فيه إذا كنت تريد أن تصبح فناناً في الولايات المتحدة. أنا متحمسة جداً لإقامة أول عرض منفرد ليّ هناك".