شفق نيوز/ تعرض الإيزيديون، أحد أقدم وأبرز مكونات المجتمع الكوردستاني، إلى حملة إبادة جماعية على يد تنظيم داعش الإرهابي في أغسطس 2014. شملت هذه الهجمات القتل، الخطف، التهجير القسري، والتدمير الممنهج لأماكنهم الدينية والثقافية. أثارت هذه الأحداث المأساوية ردود فعل دولية، حيث وصفت بأنها واحدة من أفظع الجرائم ضد الإنسانية في التاريخ الحديث.\
الإيزيديون، الذين يُقدّر عددهم بمئات الآلاف في العراق، يشتهرون بديانتهم الفريدة والقديمة، وتقع معظم تجمعاتهم في منطقة سنجار وجبالها.
تفاصيل الفاجعة
في 3 أغسطس 2014، شن تنظيم داعش هجوماً واسع النطاق على منطقة سنجار، ما أسفر عن مقتل الآلاف من الإيزيديين، وأسر الآلاف منهم، معظمهم من النساء والأطفال. تم استخدام العديد من النساء كـ"سبايا"، بينما أُجبر الرجال على اعتناق الإسلام أو مواجهة الموت. كما تسببت الهجمات في نزوح جماعي، حيث لجأ عشرات الآلاف إلى الجبال المحيطة في ظروف إنسانية كارثية.
استجابة نيجيرفان بارزاني
في مواجهة هذه الكارثة الإنسانية، اتخذ على الفور رئيس حكومة إقليم كوردستان آنذاك نيجيرفان بارزاني سلسلة من القرارات والإجراءات لدعم الإيزيديين والتخفيف من معاناتهم، وأبرزها إنشاء مكتب إنقاذ المختطفين الإيزيديين تم إنشاء هذا المكتب في تشرين الأول أكتوبر 2014 بتوجيه مباشر من بارزاني. أخذ المكتب على عاتقه مهمة إنقاذ الإيزيديين المختطفين من قبضة داعش. حتى الآن، تمكن المكتب من إنقاذ 3567 شخصاً، بينهم 1,208 نساء وأكثر من 2000 طفل.
في مراسم جرت في قرية كوجو في سنجار في شباط العام 2021 مثلا، لدفن رفات 104 من ضحايا ارهابي داعش من الايزيديين، كانت كلمات الرئيس نيجيرفان بارزاني تختصر الكثير:"الإبادة الجماعية التي ارتكبها إرهابيو داعش بحق أخواتنا وإخواننا الإيزيديين، لم تكن مجرد محاولة رجعية لضرب أقدم أديان المنطقة والإنسانية، بل محاولة عقيمة بائسة لضرب المفاهيم والقيم العليا لشعب كوردستان المتمثلة في التسامح والتعاضد والتعايش والإنسانية وحب الحياة التي هي السمات البارزة والمشهودة للمجتمع الايزيدي".
وبهذا الخصوص، يقول مسؤول مكتب شؤون المختطفين والمختطفات في إقليم كوردستان حسين كورو، لوكالة شفق نيوز، إن جهود رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني مستمرة في سعيه لتحرير النساء والأطفال الإيزيديين الذين اختطفوا ووعد بتحرير آخر شخص من بين المختطفين والمختطفات الذين ما يزالون في قبضة تنظيم داعش.
وتأتي هذه الجهود في إطار التزام رئاسة الإقليم بحماية وتحرير الضحايا من جرائم الاعتداء والاختطاف التي ارتكبها تنظيم داعش ضد مجتمع الإيزيديين في مناطق سنجار وغيرها، يقول كورو.
الإبادة في أرقام
ويقول خيري بوزاني، المشرف على ملف المختطفين الإيزيديين في المكتب التابع للمكتب الخاص للرئيس نيجيرفان بارزاني، لوكالة شفق نيوز، إنه "منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2014، أخذ مكتب إنقاذ المختطفين الإيزيديين على عاتقه مهمة إنقاذ المختطفات والمختطفين الإيزيديين الذين تم اختطافهم من قبل عناصر تنظيم داعش الإرهابي في منطقة سنجار في 3 أغسطس/آب 2014. وقد تكللت جهود هذا المكتب بالنجاح حيث تمكن من إنقاذ الآلاف من هؤلاء المختطفين. وحتى الآن، تم إنقاذ 86% من مجموع المختطفين المحررين الذين يبلغ عددهم 3567 شخصاً".
وتظهر إحصاءات المكتب التي تحصلت عليها وكالة شفق نيوز: "يبلغ عدد النازحين الايزيديين الموجودين حالياً في مخيمات إقليم كوردستان، 135.860 نازحاً، بينما يبلغ عدد النازحين الموجودين في المناطق المتفرقة في الإقليم 189.337 نازحاً، بينما جرى التأكد من أن عدد الضحايا وصل حتى الآن إلى أكثر من 5 آلاف شخص، في حين تسببت اجتياح داعش بـ2745 من الأيتام.
ولا تتوقف ارقام الفاجعة هنا. فجر الإرهابيون مراقد ومزارات دينية بلغت 68 مزارا. إحصاءات المكتب تظهر ايضا، ان عدد المقابر الجماعية المكتشفة في منطقة سنجار حتى الان 83 مقبرة جماعية اضافة الى العشرات من مواقع المقابر الفردية.
أما عددا الايزيديين الذين اضطروا الى الهجرة بالكامل فقد وصل الى أكثر من 120 الف شخص. كما بلغ عدد المختطفين 6417 شخصا، بينهم 3548 من الاناث و2869 من الذكور.
ومع ذلك فإن المكتب الرئاسي الخاص، يقول إن 3576 ايزيديا جرى انقاذهم من قبضة داعش، بينهم 1208 من النساء و339 من الرجال، و1070 من الاطفال الاناث، و959 من الاطفال الذكور.
ويقول بوزاني لشفق نيوز، ان "فتح ملف إنقاذ المختطفين الإيزيديين تم بأمر مباشر من الرئيس نيجيرفان بارزاني، الذي أبدى اهتماماً كبيراً وحماسة شديدة لإنقاذ جميع المختطفات والمختطفين الإيزيديين الذين وقعوا ضحايا لأعمال العنف والإرهاب، وألحق هذا الملف بمكتبه الخاص ليتم الإشراف عليه بصورة مباشرة، وذلك لضمان توفير الدعم الكامل والمستمر لهذه المهمة الإنسانية النبيلة".
وبحسب بوزاني فإنه "منذ بدء هذه الجهود، لم يدخر الرئيس نيجيرفان بارزاني جهداً في دعم الملف مادياً ومعنوياً، مما يعكس التزامه العميق بالقضية وحرصه على تأمين أفضل الوسائل والإمكانيات لتحقيق النجاح في إنقاذ المختطفين"، مضيفا أن هذه المبادرة مستمرة حتى الآن، ومؤطرة بروح التضامن والمسؤولية، لضمان عودة المختطفين إلى أحضان عائلاتهم ومجتمعاتهم، وإعادة بناء حياتهم بعد ما تعرضوا له من مآسٍ وصعوبات.
إحصاءات المكتب تظهر أن عدد المختطفين الذين سقطوا ضحايا بأيدي داعش وجرى العثور على جثثهم في المقابر الجماعية وتسليمها إلى عائلاتهم، 242 شخصاً بينهم 35 من الإناث و207 من الذكور.
ويقول مصدر رئاسي لوكالة شفق نيوز، إن الرئيس على التزامه التام بالسعي من اجل تحرير الآخرين حيث تشير الارقام الى ان عددهم 2601، بينهم 1235 من الاناث و1366 من الذكور.
وهذا ما تطرق له بارزاني في 16 نيسان/أبريل الماضي، وبمناسبة رأس السنة الإيزيدية: "نؤكد من جديد لجميع مواطنينا الإيزديين بأن دعمنا نحن ومؤسسات إقليم كوردستان لحقوقهم ومطالبهم المشروعة، وكذلك عمل مكتبنا لإنقاذ المختطفين الإيزيديين سيستمر حتى نهاية المطاف".
ويجري كل ذلك بالتوازي مع الجهود من جانب نيجيرفان بارزاني ومكتب المختطفين، "لإنقاذ جميع المختطفين الإيزيديين الذين لا يزالون في قبضة تنظيم داعش الإرهابي، مع التركيز على تقديم الدعم والرعاية الشاملة للناجيات والناجين منهم، سواء من الناحية النفسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، لتمكينهم من إعادة بناء حياتهم والمساهمة في مجتمعهم من جديد".
لمناسبة ذكرى الابادة التي اقيمت في دهوك العام 2019، اختصر نيجيرفان بارزاني رؤيته قائلا انه "برغم الفواجع التي اقترفت بحق الإيزيديين على مر التاريخ لم يتمكنوا ولن يتمكنوا ابدا من التفريق بين كوردستان والإيزيديين، ويعد الإيزيديون أحد أقدم مكونات بلدنا هذا. كدح وتعب الإيزيديين لإعمار وحماية هذا الوطن، قرابينهم وتضحياتهم كبيرة جدا في التاريخ".
المحصلة
في مواجهة هذه الكارثة الإنسانية، اتخذ نيجيرفان بارزاني سلسلة من القرارات والإجراءات لدعم الإيزيديين والتخفيف من معاناتهم:
إنشاء مكتب إنقاذ المختطفين الإيزيديين: تم إنشاء هذا المكتب في أكتوبر 2014 بتوجيه مباشر من الرئيس بارزاني. أخذ المكتب على عاتقه مهمة إنقاذ الإيزيديين المختطفين من قبضة داعش. حتى الآن، تمكن المكتب من إنقاذ 3,576 شخصاً، بينهم 1,208 نساء و1,070 طفلاً.
دعم النازحين: وفر بارزاني الدعم المادي والمعنوي للنازحين الإيزيديين الذين يعيشون في مخيمات إقليم كوردستان. يبلغ عدد النازحين في المخيمات حوالي 135,860 نازحاً، بالإضافة إلى 189,337 نازحاً في المناطق الأخرى من الإقليم.
الاعتراف بالإبادة الجماعية: عمل بارزاني على الساحة الدولية للاعتراف بما حدث للإيزيديين كإبادة جماعية. هذا الاعتراف مهم لتحقيق العدالة للضحايا وضمان تقديم الجناة إلى المحاكم الدولية.
إعادة الإعمار والتأهيل: شارك بارزاني في جهود إعادة إعمار سنجار والمناطق المتضررة، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للناجين لمساعدتهم على إعادة بناء حياتهم.
الاهتمام بالمواقع الدينية: بعد تدمير داعش لـ 68 مزاراً دينياً، بذل بارزاني جهوداً لإعادة بناء هذه المواقع، تأكيداً على حماية التراث الثقافي والديني للإيزيديين.