شفق نيوز/ تناول موقع "غلوبال ريسك اينسايت" الاوروبي العلاقات المتداخلة والتكافل القائم بين قوى وجماعات سياسية ومسلحة تابعة للحشد الشعبي في العراق وبين الدولة، مميزا بين تلك المدعومة من ايران، والتي تحظى باستقلالية عراقية اكبر، وكيف يمكن ان يخدم هذا الوضع العراق ومؤسساته.
وذكر الموقع بداية بفتوى المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني التي تدعو العراقيين للانضمام الى القوات الامنية لمحاربة داعش بعد سقوط الموصل في العام 2014، حيث ظهرت وحدات الحشد الشعبي بعد ذلك من خلال تطوع اكثر من 60 الف مقاتل، شكلوا فصائل ذات هياكل قيادية مختلفة، وتنوعات في القوة القسرية والمالية والسياسية والاجتماعية والدينية.
واشار الى ان هذه الوحدات عززت ايضا صفوف الفصائل الشيعية التي كانت قائمة بما فيها تلك المدعومة من ايران.
واعتبر الموقع ان هذه الموجة من التعاون الموحد بين تلك القوى والذي كان دافعه الحاجة الملحة لهزيمة داعش، تدهورت منذ ذلك الوقت، موضحة انه بناء على ذلك، فان الرواية الاساسية التي تصور بها وحدات الحشد الشعبي نفسها على انها قوة عابرة للطوائف تحارب نيابة عن الامة العراقية باكملها ضد شرور داعش، تتضاءل تدريجيا.
واوضح الموقع ان العديد من هذه المجموعات اصبحت الان "قوى سياسية ذاتية القوة والاثراء".
منظمة بدر
وذكر التقرير ان احدى هذه القوى هي منظمة بدر التي تأسست في العام 1982، وكانت تمثل الجناح العسكري السابق للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي، الذي عاش وتدرب مقاتلوه في ايران، وعاد بعد الاطاحة بنظام صدام حسين "لاقتطاع نصيبهم من اقتصاد الحرب من خلال اكتساب القوة السياسية وتوسيع النشاط الاقتصادي غير الرسمي وغير المشروع".
وبعدما اشار الى ان زعيم منظمة بدر هادي العامري يتمتع بـ"وزن سياسي كبير"، برغم دوره في سنوات الاقتتال الطائفي عامي 2005 و2006، أوضح انه شغل لسنوات طويلة منصب وزارة الداخلية، مما مكن بدر من السيطرة على هيئة الحشد الشعبي وعناصر من الشرطة الاتحادية العراقية واقسام من الجيش العراقي.
وتابع انه في انتخابات العام 2018، شكلت منظمة بدر وكتائب حزب الله وعصائب اهل الحق "تحالف فتح" الذي احتل المركز الثاني في الانتخابات، وحصل على مناصب وزارية مثل وزارة النقل.
واضاف "ازدهروا في نظام منغمس في ثقافة مساومات النخب، والمنافسة على السلطة والفوائد والمكاسب المالية".
كتائب حزب الله
اما القوة الثانية التي تناولها التقرير فهي كتائب حزب الله التي اعتبر انها تختلف عن حليفتها منظمة بدر، لانها "اقل مؤسسية" بشكل ملحوظ ، وتحبذ البقاء بعيدا عن متناول الدولة، وبالتالي فهي اكثر تحررا من مبدأ المساءلة.
وتابع ان الكتائب مرتبطة بفيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الايراني، وهي على غرار منظمة بدر تؤيد فكرة ولاية الفقيه، وتقر للمرشد الاعلى لايران بانه الوصي على الامة.
واشار الموقع الى ان الكتائب وبدلا من العمل من داخل دهاليز السلطة، فانها تقدم نفسها كقوة مقاومة عسكرية تتمتع بخبرة قتالية قوية واستراتيجيات اقليمية ذكية، وهي ايضا لديها مهمة شاملة تتمثل في تحقيق استراتيجية ايران اقليميا ضد الولايات المتحدة واسرائيل والسعودية.
واعتبر الموقع ان اولوية الكتائب لتحقيق هذا الهدف الذي يتطلب جمع الاموال، يجعل السكان المحليين والمجتمع العربي السني الاوسع، ينفرون من الكتائب، واشار الى سبيل المثال الى ان الكتائب حولت 1600 مزرعة الى منطقة عسكرية في الجزء الجنوبي من القائم، وهو ما حرم المزارعين المحليين من العمل.
عصائب اهل الحق
وتحدث التقرير ايضا عن عصائب اهل الحق التي تشتهر ايضا ببراعتها القتالية، وهي ايضا على غرار الكتائب، "تشوهت سمعتها بفعل اعمال وحشية ضد السنة"، لكنها برغم ذلك تتمتع بعلاقات قوية مع عشائر الجبور السنية في صلاح الدين، بسبب تطلعاتهم السياسية، مشيرا الى ان العشيرة لديها قواتها الخاصة في ظل الحشد الشعبي وعملت بشكل كبير مع العصائب.
وتابع التقرير ان زعيم العصائب هو قيس الخزعلي الذي وصفه بانه "من اكثر الرجال نفوذا في العراق"، مشيرا الى ان حزبه السياسي المتمثل بتيار صادقون، ينافس التيار الصدري في الانتخابات. وكانت العصائب انشقت عن جيش المهدي الصدري بعد ان اصبح الصدر ينتقد النفوذ الايراني على العراق.
سرايا السلام
واعتبر التقرير ان سرايا السلام، وهي عراقية اصيلة، ويتزعمها مقتدى الصدر ، وكانت تسمى سابقا جيش المهدي، تختلف اختلافا كبيرا عن المجموعات الشيعية المذكورة سابقا، موضحا ان الصدريين، اصبحوا الخصم التقليدي لمنظمة بدر، واكثر انتقادا لايران.
وذكر التقرير بدور جيش المهدي في التطهير الطائفي خلال عامي 2005 و2006، معتبرا انه يجب التعامل معه بحذر. وتابع "تظهر قوات الصدر اليوم مزيدا من الانضباط وتمييزا طائفيا اقل".
واضاف ان سرايا السلام تحظى بتمثيل سياسي قوي، يعززه نظام الرعاية الخيرية التي يوفرها وقدرته على حشد الناخبين. واشار ايضا الى الارث الذي تركته شخصيات عائلة الصدر السابقة، يساعد في تعزيز مشروعية السرايا.
وذكر التقرير بان السرايا من خلال جناحه السياسي، سائرون، حصل على 54 مقعدا في انتخابات العام 2018، وبرغم ذلك لم يتمكن من تشكيل حكومة او تطبيق اصلاحاته المحددة ضد الفساد والنظام الطائفي، وانضم بدلا من ذلك الى تحالف الفتح.
فرقة عباس القتالية
وعلى غرار الصدريين، اشار التقرير الى ان فرقة عباس القتالية، تتمتع بشرعية اجتماعية ودينية، لكنها قوتها المالية والسياسية محدودة.
واوضح ان الفرقة تم تشكيلها الى جانب كتائب علي الاكبر، من اجل حماية المزارات المقدسة والنجف وكربلاء، وهم موالون للسيستاني.
واعتبر التقرير انه بسبب "جاذبيتها العابرة للطوائف" وأعمالها الخيرية الشعبية، انضم عرب سنة الى فصيل الحشد الشعبي بقيادة شيعية.
اتجاهات مشتركة
وفي الختام، قال التقرير ان الجماعات التابعة للسيستاني والصدر تساهم في تقوية الدولة وموازنة الجماعات المدعومة من ايران. ولهذا اعتبر التقرير ان استيعاب هذه المجموعات بشكل اكبر في قوات الامن العراقية، سيحقق فائدة كبيرة للوضع الامني في العراق، ومن الممكن ان يساهم في تحديد الاتجاه بين مجموعات اخرى لتصبح "اكثر مؤسسية".
وتابع ان تفاعلات الدولة مع القوى النافذة شبه الحكومية والسلطات المختلفة مثل السيستاني والصدر، "يمنحها المزيد من المصداقية في اصلاح وتشكيل عراق مسالم، والاستفادة من التكافل الدقيق للسلطة".
وفي المقابل، فان مجموعات مثل منظمة بدر التي تتنافس وتتفاوض منذ سنوات على حل النزاعات ومناصب ما بعد الحرب، فانها "فرضت هيمنتها في نظام سياسات المعاملات هذا، وهو نظام توفر بموجبه القوة القسرية والاقتصادية، مكافات اكبر من الشرعية الاجتماعية والدينية".