شفق نيوز/ أقيمت يوم أمس الأحد، في دار وفائي بمدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان، وبحضور عدد من أساتذة الجامعة والمثقفين والمسؤولين الحزبيين والحكوميين والصحفيين، ندوة خاصة.

وأجرى خلال الندوة د.بزار عثمان أحمد (التدريسي في قسم التاريخ جامعة سوران) تقييماً علمياً لكتاب "الفكر القومي في تصوف بارزان" للكاتب بدر شيروكي، وتم كذلك توزيع نسخ من الكتاب هدية للحضور بتوقيع المؤلف.

وهذا الكتاب له خصائص كثيرة ويؤكد في جميع موضوعاته على التعريف بالفكر القومي عند البارزانيين ومشاعر حب الإنسانية وحب الطبيعة والاهتمام بحقوق الطبيعة والحيوان وحقوق الإنسان.

ورغم أن هذا الكتاب ليس مجرد سرد للتاريخ الاهتمام بالأحداث التاريخية ، بل هو عبارة عن تحليل للأحداث التاريخية ويبحث عن إجابات للأسئلة التي تسببت في وقوع الأحداث في عصرها.

وناقشت الندوة عدة محاور ومواضيع تناولها الكتاب منها:

أهمية الكتاب، إذ أرجع مقيم هذا الكتاب أهميته إلى أنه يعد بداية جديدة ومختلفة في التعريف بالتصوف البارزاني، بحيث أن المؤلف لديه كل المعلومات المتعلقة بالتصوف والعرفان البارزاني المنبثق عن الأحاديث والحوارات الشفاهية وقام بنقلها وتدوينها على صفحات الكتاب.

والكتاب كذلك مصدر مفيد للتعريف ومعرفة الاحداث التاريخية والعسكرية او الحركات البارزانية بصورة عامة وفهم الجانب الخفي او الجانب الداخلي لحركات بارزان والاحداث التاريخية.

ومن الجوانب المهمة الأخرى في هذا الكتاب أنه يحلل معتقدات بارزان بشكل مفصل، حيث يظهر الشعور القومي وحقوق الطبيعة وحقوق الحيوان واحترام حقوق الإنسان والشعور الوطني وحب الوطن لدى البارزانيين.

كما يعرض الكتاب نسب مشايخ برزان بالاستعانة بالعديد من المخطوطات والمصادر التي تنسب أسلاف البارزانيين إلى مير مسعود الذي كان أحد أمراء امارة العمادية واستقر في العمادية(آميدي) ولاحقاً في بارزان وكان مير مسعود الذي كان رجلا تقيا وذو دين، وإذا عدنا بشجرة هذه العائلة إلى مير مسعود وبدأنا بالسيد مسعود بارزاني، فهي على النحو التالي؛ مسعود البارزاني ابن الملا مصطفى بارزاني ابن الشيخ محمد بارزاني ابن الشيخ عبدالسلام البارزاني الأول ابن الملا عبد الله بن الملا محمد بن الملا عبد الرحمن بن مولانا تاج الدين ابن الملا سعيد ابن مير مسعود.

طريقة تأليف الكتاب، استخدم المؤلف أربعة أساليب رئيسية تستخدم في كتابة البحث التاريخي:

أولاً: المنهج التحليلي: يعتمد عمل المؤلف على تحليل وتفسير الجانب الآخر لأحداث تاريخ بارزان.

ثانياً: الأسلوب المقارن: وكثيراً ما قام بمقارنة المصادر والمعلومات في نقل المعلومات. ثالثاً: المنهج الوصفي: ويتجلى أكثر في مناقشة ووصف المواضيع الفكرية والعرفانية.

رابعاً: طريقة التاريخ الشفهي: تستخدم هذه الطريقة حالياً في جامعات العالم بشكل عام وفي جامعات العراق وكوردستان من قبل باحثي التاريخ، وذلك لسرد المعلومات التي تنتقل شفاها من الماضي القريب و وصلت إلينا .... وخاصة في مناقشة معظم القضايا التي حصلت في عهد الشيخ أحمد بارزان (خودان) والملا مصطفى بارزاني.

الفرق في الكتاب يعد هذا الكتاب نموذجا جديدا للكتابة، لأن المؤلف لم يأت للحديث عن الأحداث التاريخية ومن ثم إجراء بعض التحليلات والمقارنات، وإنما اكتفى بتقييم وتحليل الجانب الثاني من الأحداث.

بالإضافة إلى ذلك، فقد بين المؤلف أسلوباً جديداً للتكية والمشيخة، وهو ما يسميه التكية المزدوجة والمشيخة المزدوجة، بينما أشرف الشيخ عبدالرحمن والشيخ عبدالسلام الأول معاً على تكية وطريقة بارزان، تكرر هذا النموذج في عهد الشيخ أحمد بارزان.

والملا مصطفى بارزاني. وحتى في وقت لاحق، في حركة التحرر الكوردية خلال ثورة كولان، تكرر نفس النمط بين السيد إدريس والسيد مسعود بارزاني، ولكن بشكل جديد ومن خلال قيادة حركة وطنية، خارج التكية والمشيخة في بارزان.

وأهم أبواب هذا الكتاب هم قادة الثورة وحركة التحرير والاستقلال، وذلك على النحو التالي: الشيخ محمد بن الشيخ عبدالسلام البارزاني، الشيخ عبدالسلام بارزاني الثاني ابن الشيخ محمد، الشيخ أحمد بن الشيخ محمد، الملا مصطفى بن الشيخ محمد، مسعود بارزاني ابن الملا مصطفى بارزاني.

نقطة أخرى في الكتاب هي بيان الفروق بين الطريقة النقشبندية والتكية البارزانية، ومنها:

أولاً، كان لتلاميذ تكية بارزان دور في تعيين شيخ خاص بهم، إلا أن تعيين الشيخ لم يتجاوز عائلة مشايخ بارزان، ولكن؛ في الطريقة النقشبندية، لا تنتقل المشيخة في كثير من الأحيان من الأب إلى الابن، بل من الشيخ إلى المريد والمؤمن.

ثانيا: عند النقشبندية لا يؤمنون باستخدام الأسلحة وتقام حلقاتهم وأذكارهم بشكل سري للغاية، لكن في تكية بارزان يؤمنون دائما بوجود قوة مسلحة قوية وأن القوة ضرورية لبقاء التكية والطريقة.

ويبدو أن ذلك يرجع عند البارزانيين إلى الوضع الجغرافي والديني والسياسي في المنطقة .

موضوع آخر يستحق الاهتمام في هذا الكتاب هو الشعور بالكرامة، هذه الكرامة تحققت باتخاذ جملة من القرارات التي تؤكد على أن تكية بارزان لا ينبغي أن تكون مرتبطة بتكية أخرى وأن يكون لها كرامتها واستقلالها، كما قرروا أن يعيش مشايخ بارزاني مثل أهل المنطقة وألا ينأوا بأنفسهم أبداً عن فقراء المنطقة، خاصة وأن بعض المشايخ تحولوا إلى ما يشبه الإقطاعيين (الاغوات) وأصبحوا أغنياء ولهم نفوذهم بسبب مكانتهم التصوفية وغالباً ما كانوا يغدرون الناس المضطهدين والفقراء.

وعلى العكس من ذلك، قرر مشايخ برزان أن يكونوا مع الفقراء وألا يتميزوا عن حياة أهل المنطقة، ولهذا الغرض اتخذ الشيخ محمد قرارات عدة نُفذت في منزله، منها:

أولاً: منع أكل خبز القمح، لأن خبز القمح في ذلك الوقت كان طعام الأغنياء وكان المتنفذون فقط يأكلون هذه الأطعمة.

ثانياً: لم يسمح لأهله وأقاربه بلبس الملابس الملونة وتعليق الحلي والمخشلات، لأن أهل ذلك الزمن كانوا فقراء ولا يستطيعون شراء الملابس المتنوعة والحديثة والملونة.

ثالثا، لم يسمح لأهله بالجلوس والنوم على أسرة ناعمة، بل على أسرة صلبة، حتى لا ينسوا حياة الفقراء الصعبة.

رابعاً: لا ينبغي أن تكون بيوت شيخ بارزان مبنية من الحجر والجص والمواد باهظة الثمن، بل من الطوب والطين مثل فقراء المنطقة.

وما يمكن الإشارة إليه في نهاية هذا الموضوع هو أنه ونتيجة لهذه الإصلاحات والقرارات لم يحدث أي جرائم سلب اوسرقة في المناطق الخاضعة لسيطرة بارزان وأهالي برزان وأتباعه فمجرد التزامهم بقرارات شيوخ بارزان كانوا محميون دائماً من كل الأخطاء والجرائم.

ترجمة: ماجد سوره ميري