شفق نيوز/ مع اقتراب موعد الذكرى العاشرة للإبادة الجماعية للإيزيديين في 3 آب المقبل التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي بعد هجومه على مناطقهم في سنجار وبعشيقة بمحافظة نينوى عام 2014، لا يزال هناك أكثر من 370 ألف نازح في المخيمات، ونحو 3 آلاف ما بين امرأة وفتاة وطفل مفقود ومصيرهم مجهول حتى الآن، وحوالي 100 ألف شخص هاجر إلى خارج البلاد، في وقت لا تزال نحو 40 بالمائة من منازل سنجار وخاصة في الجنوب مهدمة مع انعدام الخدمات، فيما لا تشكل التعويضات ما نسبته 10 بالمائة رغم المطالبات الكثيرة بعودتهم إلى منازلهم.
ورغم مرور 10 سنوات للإبادة التي تعرض لها الإيزيديون عام 2014، "يفقد الكثير من الإيزيديين الأمل بالحكومة العراقية بسبب عدم تحقيق العدالة وتعويض المتضررين وذوي الضحايا بما يوازي مستوى الجرائم التي ارتكبت بحقهم، رغم أن أغلب المناطق العراقية حصلت على تعويضات بنسب متفاوتة لكن أقلها كان لسنجار التي حصلت على أقل من 10 بالمائة من التعويضات"، وفق الباحث في حل النزاعات وبناء السلام وقضايا الأقليات في العراق، خضر دوملي.
ويضيف دوملي لوكالة شفق نيوز، أن "سنجار تحولت إلى ساحة صراعات، حيث لا يزال هناك أكثر من 370 ألف من سنجار نازحاً في المخيمات، وما قامت به الحكومة العراقية لا يتعدى تشريع قانون الناجيات، وهذا القانون يواجه الكثير من العثرات والتحديات رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها المديرية العامة لشؤون الناجيات لكي تشمل فقرات القانون جميع الإيزيديين".
ويتابع دوملي حديثه، "كما تأتي الذكرى العاشرة في وقت لا يزال المجتمع الإيزيدي مفككاً في ظل وجود آلاف المشردين في المخيمات، ونحو 100 ألف مهاجر خارج البلاد، وحوالي 3 آلاف ما بين امرأة وفتاة وطفل مفقود ومصيرهم مجهول حتى الآن".
ويشير إلى أن "ما قامت به الحكومة العراقية أقل ما يوصف به هو مخجل بمنح 4 ملايين دينار لكل عائلة ترغب بالعودة إلى سنجار، حيث إن هذا المبلغ لا يكفي لنقل الأغراض من المخيمات إلى سنجار، كما لا يكفي هذا المبلغ لترميم بيوتهم المهدمة التي تقدر بنحو 40 بالمائة من إجمالي المنازل وخاصة في جنوب سنجار، لذلك طريقة تفكير الحكومة العراقية بإنصاف هؤلاء وتحقيق العدالة تثير الاستغراب".
من جهته، يرى مؤسس منظمة يزدا، حيدر إلياس، أن "القانون الوحيد الذي قامت به الحكومة العراقية هو قانون الناجيات، رغم أن هذا القانون يساعد نسبة قليلة من الإيزيديين، أما أكثر من نصف المجتمع الإيزيدي فهو يعيش في مخيمات النزوح لحد الآن، ولم يُعطَ لهم التعويض المنصف للأضرار التي لحقت بهم، ما يؤكد عدم الاهتمام الحكومي بهذا الموضوع وبعودة الإيزيديين رغم مرور عقد كامل من الزمن".
ويطالب إلياس في حديث لوكالة شفق نيوز، بـ"ضرورة التعويض الكامل للعوائل الإيزيدية لأن نسبة كبيرة من المجتمع الايزيدي لم يستطع إعادة بناء منازله، وهذا يعد أحد أسباب عدم عودتهم، وكذلك مسألة العدالة حيث هناك الكثير من الأشخاص المتهمين بالتورط مع الإرهابيين لكنهم رغم ذلك متواجدين في العراق، لذلك يخشى الإيزيديون من هجمات جديدة في المستقبل، في وقت لا يزال هناك عدم ثقة في الحكومة والقوات الأمنية وضمان عدم تكرار ما حصل عام 2014".
وهذا ما تؤكد عليه أيضاً الناشطة الإيزيدية، رفاه حسن، حيث تقول إن "الذكرى العاشرة تمر في وقت لا يزال هناك تهميش للواقع الصحي والخدمي والاقتصادي لمئات النساء داخل المخيمات التي تعاني أوضاعاً إنسانية صعبة بسبب قلة فرص العمل وقلة دعم المنظمات وصعوبة الوضع الإنساني والاقتصادي".
وترى حسن خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة مقصرة نوعاً ما بعدم توفير فرص عمل للموجودين داخل المخيمات، ورغم أن العودة إلى سنجار متاحة للأسر الإيزيدية، لكن لا توجد خدمات وأمن في سنجار، ورغم تقديم المنظمات الدعم لسنجار لكن الفساد حاضر".
بدورها، تقول الناشطة النسوية، سهيلة الأعسم، إن "العوائل الإيزيدية سكنت مخيمات عديدة موزعة في إقليم كوردستان وعلى الحدود السورية وهذه المخيمات تفتقر لأبسط أمور الحياة، وبعد عودتهم إلى مناطقهم في سنجار وبعشيقة تفاجأوا بالدمار الذي لحق بمنازلهم ومناطقهم، ورغم مرور 10 سنوات لا زال الإيزيديون بحاجة إلى الاندماج في المجتمع وأخذ حقوقهم خاصة بعد إقرار قانون الناجيات عام 2021".
وتشدد الأعسم خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، على أهمية "العمل من أجل تحقيق العدالة لأهالي الضحايا والناجين وبناء عالم يضمن السلام والأمان لجميع الأقليات الدينية".
من جهته، يؤكد مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الإيزيديين، خلف سنجاري، أن "الحكومة العراقية أصدرت قرارات لإنصاف المكون الإيزيدي، منها إصدار قرار للمرة الأولى على ما يقارب من 50 عاماً بتمليك الأراضي والمجمعات والدور السكنية للإيزيديين في سنجار، ضمن 11 مجمع سكني تتضمن 14500 وحدة سكنية من الذين حُرموا من تمليك مساكنهم على مدى 50 سنة، وكان هذا ظلم بحقهم وعدم إنصاف، لكن حكومة السوداني وفي بداية عملها أصدرت هذا القرار".
ويتابع سنجاري حديثه لوكالة شفق نيوز، "بالإضافة إلى العمل على التعريف بالإبادة الجماعية للإيزيديين، حيث قامت الحكومة رسمياً ولأول مرة بإحياء الذكرى التاسعة للإبادة الجماعية للإيزيديين في 3 آب الماضي، وكانت برعاية رئيس الوزراء السوداني في بغداد، وفي هذا العام، ستكون هناك مناسبة أيضاً لإحياء الذكرى العاشرة".
ويضيف، "كما شكّل رئيس الوزراء لجنة خاصة بالبحث عن المختطفين ومعرفة مصيرهم المشمولين بقانون الناجيات الإيزيديات، حيث هناك نحو 2700 شخص معظمهم من النساء والأطفال لا يزال مصيرهم مجهولاً من الذين خطفهم داعش بداية عام 2014".
ويشير إلى أن "الحكومة اتخذت إجراءات أخرى لتهيئة ظروف عودة النازحين والتشجيع عليها، منها على سبيل المثال قبل أيام صدر كتاب عاجل من مكتب رئيس الوزراء لإنصاف الإيزيديين واعطائهم الأولوية في التعويض عن دورهم المهدمة، وسبق أن أصدر مجلس الوزراء بالزام وزارة المالية بصرف تعويضات الدور المهدمة للنازحين المقيمين في مخيمات إقليم كوردستان وبالأخص في سنجار".
ويكمل سنجاري حديثه، "كما أقرت الحكومة صندوق إعمار سنجار وسهل نينوى وأعدت العديد من المشاريع الخدمية، وكان هناك توجيه لرئيس الوزراء بإنشاء مشروع ماء ربيعة سنجار بعاج الكبير الذي سوف يغطي سنجار والمجمعات السكنية في سنجار وربيعة وبعاج والأقضية والنواحي، وخلال زيارة السوداني لسنجار أعلن عن مشاريع أخرى والعديد من الإجراءات التي ستدعم استقرار سنجار".
ويبيّن، أن "المستشفيات الموجودة في سنجار تعرضت للتدمير أثناء حرب داعش وعمليات التحرير، لذلك السوداني أعلن خلال زيارته إلى سنجار عن مستشفيين أحدهما في سنجار بسعة 100 سرير والآخر في ناحية الشمال بسعة 50 سرير وهناك خطط أخرى في دعم القطاع التربوي وإنصاف جميع القطاعات الأخرى".
ويؤكد، أن "الحكومة اتخذت قرارات مهمة لإنصاف أهالي سنجار والمكون الإيزيدي، حيث إن السوداني مهتم بدعم سنجار واستقرارها وموجه كل الوزارات والجهات المعنية بدعم الاعمار والاستقرار فيها، وكانت إحدى النقاط الأساسية في البرنامج الحكومي والمنهاج الوزاري لحكومة السوداني هي ضمان مستقبل الأقليات وإعمار مناطقهم في سنجار وسهل نينوى، لكن ما تزال هناك حاجة لدعم وتعاون أكثر من المجتمع الدولي ومن الدول المانحة من أجل دعم استقرار سنجار التي تعاني من تراكمات الحكومات السابقة".