شفق نيوز/ يحتفي العالم اليوم الثلاثاء، باليوم العالمي لحقوق الإنسان، في وقت يسجل مراقبون تراجعاً في ملف حقوق الإنسان بالعراق، جراء عدم التزام الحكومات المتعاقبة بالمعاهدات الدولية المتعلقة بهذا الملف، كاشفين أن الفئات الأكثر تضرراً من الانتهاكات هي الطفل والمرأة والشباب، وهي تشكل ما يقارب من 55 إلى 60% من الشعب العراقي، موضحين أن جزءاً من هذه الانتهاكات هي قصور في توفير الخدمات والحقوق لهم.

ويحتفل العالم بـ"اليوم العالمي لحقوق الإنسان" في 10 كانون الأول/ ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذي يحيي ذكرى أحد أهم التعهدات العالمية، وهي وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وتكرس هذه الوثيقة التاريخية الحقوق غير القابلة للتصرف التي يحق لكل إنسان أن يتمتع بها كإنسان، بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو اللغة أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو الميلاد أو أي وضع آخر.

وفي هذا السياق، يقول المتحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، سرمد البدري، إن "هذه الوثيقة الدولية التي أقرتها جمعية الأمم المتحدة في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر لعام 1948 من المفترض أن تكون منهاجاً لحقوق الإنسان لدول العالم كافة".

ويوضح لوكالة شفق نيوز، أن "هذه الوثيقة مكونة من أكثر من 30 بنداً تتعلق بحقوق الإنسان كافة، سواء المرأة أو الطفل أو الكبير، إضافة إلى الحقوق الأخرى بما يتعلق بالعدالة الجنائية والسجون وغيرها، والحق بالسكن والحياة والصحة والثقافة واعتناق الأديان، وغيرها، فهذه مجموعة حقوق اجتمعت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

ويشير البدري، إلى أن "غالبية المؤسسات الإنسانية تحتفي بهذا اليوم باعتباره يوماً جامعاً لكل قضايا حقوق الإنسان، وبضمنها المفوضية العليا لحقوق الإنسان وباقي الدوائر الأخرى".

ويضيف "لكن ما نشهده هذه الأيام من أحداث في فلسطين ولبنان، كانت ذات وقع كبير على المدافعين لحقوق الإنسان، لأن الجهات التي كانت تدعي بأن حقوق الإنسان هي الرابط والناظم الأساسي في القانون الدولي، أمسى في طي النسيان من قبل الدول الكبرى والدول التي انتهكته متسببة بجرائم كبيرة تندى لها جبين البشرية".

من جهته، يقول عضو مفوضية حقوق الإنسان سابقاً، أنس العزاوي، إن "الاحتفال بالذكرى 76 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليس بالضرورة أن يكون بتطبيق كل المعايير الدولية لحقوق الإنسان في العراق، حيث هناك تقارير دولية وأممية وحتى وطنية تشير إلى أن مستوى حقوق الإنسان في العراق لم يرتقِ إلى مستوى المعايير الدولية التي يمكن أن تعتبر العراق ملتزماً بالاتفاقيات الدولية الموقع عليها في ملف حقوق الإنسان".

ويضيف لوكالة شفق نيوز، أن "هناك الكثير من الاتفاقيات الدولية لم تواءم تشريعياً مع القوانين العراقية، كما هناك الكثير من الآليات الدولية سواء في المراقبة أو المتابعة أو التقارير لم تصل إلى المستوى المقبول دولياً، لذلك هناك انتقادات وتوصيات دولية لا زالت تنتظر تنفيذها من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة المطالبة بتنفيذ التزاماتها الدولية في موضوع حقوق الإنسان".

ويؤكد، أن "حقوق الإنسان لا يمكن أن تتجزأ، حيث هناك الكثير من الحقوق التي ما زالت تنتظر من ينصفها فعلياً سواء كان حق الحياة أو حق العمل أو حق التنقل أو حق السكن أو حق التعليم أو حق الطفل أو حق المرأة، فهذه الحقوق لم ترتقِ لمستوى الطموح سواء على المستوى الوطني أو الدولي".

ويشير إلى أن "أكثر الفئات المتضررة من الانتهاكات هي الطفل والمرأة والشباب، وهذه الفئات مهمة وتشكل ما يقارب من 55 إلى 60% من الشعب العراقي".

ويبين أن "هذه الانتهاكات جزء منها قصور في توفير الخدمات سواء للمرأة أو الطفل أو الشباب أو غيرهم، سواء على مستوى الرعاية الاجتماعية أو التعليم أو الرعاية الصحية أو تناسب مستوى المعيشة وغيرها من الحقوق الواجب على الحكومة تنفيذها والالتزام بتطويرها والارتقاء بها".

من جانبها، ترى المستشار المحكم الدولي، خيرية مهدي الصالح، أن "المرأة في العراق لم تأخذ حقوقها التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة وكفلها الدستور العراقي، حيث يلاحظ وجود عنف كبير على النساء".

وتكشف الصالح خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، عن "وجود مساعي لتجريم الاعتداء على المرأة والطفل"، مشددة على أهمية "تشريع وتحديث القوانين التي تدعم النساء وبما ينسجم مع العصر".

وكان مركز "النخيل" للحقوق والحريات الصحفية قد أعرب عن قلقه للتراجع الذي يسجله ملف حقوق الإنسان في العراق خلال فترة حكومة محمد شياع السوداني على مختلف المستويات في ظل إخفاق الحكومة عن الالتزام بتعهداتها ووعودها في برنامجها.

وأضاف المركز في بيان أصدره بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أن "في مقدمة الوعود ما تعهد به السوداني بالكشف عن نتائج التحقيق بأحداث تظاهرات تشرين وتقديم الجناة والمتورطين للعدالة، حيث مر أكثر من عام على ذلك دون أي تقدم يذكر، مما يؤشر إلى حالة التسويف التي تعتمدها الحكومة مع هذا الملف المهم".

وأشار إلى أن "الحريات المدنية والصحفية وحرية التعبير والاتصالات شهدت تحديات وتهديدات واضحة عبر سلسلة قرارات وإجراءات خطيرة اتخذها الحكومة دون تقديم أية مبررات واضحة وأحياناً مثلت تلك القرارات تجاوزاً على الدستور والصلاحيات القانونية".

وتابع "كما شهدت الانتهاكات بحق حرية الصحافة والعمل الإعلامي خلال عامين من عمر الحكومة الحالية تزايداً واضحاً وبنسب كبيرة عن الأعوام السابقة، فيما انخرطت جهات حكومية بأعمال غير قانونية ضد مؤسسات حكومية وصولاً لصفحات ومواقع إعلاميين وناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، مستغلة سلطاتها بشكل تعسفي". 

وأكد المركز في بيانه؛ أن "مجلس النواب باعتباره السلطة التشريعية الرقابية وكذلك المنظمات المدنية والحقوقية مطالبة هي الأخرى بإلزام الحكومة في الالتزام بمعايير حقوق الإنسان وتعزيز هذه الثقة عبر الأفعال لا الأقوال والوقوف ضد كل أشكال الانتهاكات".

ويحتفل العالم اليوم، باليوم العالمي لحقوق الإنسان 2024 تحت شعار "حقوقنا مستقبلنا الآن"، فحقوق الإنسان قادرة على تمكين الأفراد والمجتمعات من بناء مستقبل أفضل، ومن خلال تبني القوة الكاملة لحقوق الإنسان والثقة بها باعتبارها الطريق إلى العالم الذي نريده، يمكننا أن نصبح أكثر سلاماً ومساواة واستدامة.

وفي يوم حقوق الإنسان، يركز على كيفية كون حقوق الإنسان بمثابة طريق إلى الحلول، ولعب دور حاسم كقوة وقائية وحامية وتحويلية من أجل الخير. وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، "حقوق الإنسان هي الأساس للمجتمعات السلمية والعادلة والشاملة".

إن موضوع هذا العام هو دعوة للاعتراف بأهمية حقوق الإنسان في حياتنا اليومية. ولدينا الفرصة لتغيير المفاهيم من خلال التحدث ضد خطاب الكراهية وتصحيح المعلومات المضللة ومكافحة التضليل. وهذا هو الوقت المناسب لحشد الجهود لإحياء حركة عالمية لحقوق الإنسان.