شفق نيوز/ تساءلت مجلة "فوربس" الامريكية، يوم الاربعاء، عما إذا كان إقليم كوردستان يحتاج فعلا الان الى منطقة حظر طيران جديدة كالتي حمت الإقليم منذ العام 1991 حتى العام 2003، وذلك مع استمرار الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة الايرانية على الإقليم.
وأوضح تقرير المجلة الأمريكية الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، ان الهجوم الإيراني الشرس الذي استهدف الاقليم في 28 أيلول/ سبتمبر الماضي، جعل البعض يقترحون اقامة مظلة جوية آمنة جديدة لا تختلف عن المنطقة الامنة التي كانت تحمي الاقليم من هجمات النظام العراقي السابق فيما بعد حرب الخليج 1991 وصولا حتى العام 2003.
الا ان التقرير اعتبر ان طبيعة الهجمات الايرانية الاخيرة، تختلف بشكل جوهري عما كانت منطقة الحظر الجوي القديمة توفره من حماية.
تاريخ الهجمات الايرانية على الاقليم
واستعرض التقرير الهجمات الايرانية الاكثر دموية ضد اقليم كوردستان من بينها اختراق طائرات "اف 4 فانتوم" الايرانية في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر العام 1994، حيث شنت غارة على معسكر للحزب الديمقراطي الكوردستاني الايراني المعارض، وذلك في منطقة مشمولة بحظر الطيران الذي فرضته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، الا ان هذه الدول لم تفعل شيئا ردا على الضربة الايرانية حتى لا تنحرف عن هدفها المتمثل فقط بحماية الكورد العراقيين من طائرات صدام حسين.
ولفت التقرير الى انه في 8 ايلول/ سبتمبر العام 2018، اي بعد نحو 24 عاما، استهدفت ايران المعسكر نفسه بهجوم آخر، لكن بخلاف الغارة الجوية التي وقعت في العام 1994، فإنها هذه المرة اطلقت 7 صواريخ من طراز "فاتح 110" البالستية على الموقع، مما ادى الى مقتل 18 شخصاً واصابة 50 اخرين، واصفا ما جرى بأنه "هجوم غير مسبوق".
ومع ان التقرير اشار الى ان ايران سبق لها ان استهدفت منظمة مجاهدي خلق المعارضة في غرب العراق بصواريخ باليستية خلال تسعينيات القرن الماضي وبداية العقد الاول من القرن ال21، غير انه لم يسبق لها ان استخدمت هذه الصواريخ في هجماتها على اقليم كوردستان خلال تلك الفترة نفسها.
كما اشار التقرير الى "هجوم آخر غير مسبوق" وقع من جانب ايران عندما قامت باستهداف اربيل بصواريخ "فاتح 110" في 13 اذار/ مارس العام 2022. لكنها هذه المرة، لم تكن تستهدف جماعة كوردية معارضة وانما منزل الرئيس التنفيذي لشركة "غاز كار".
وتابع التقرير انه في هجوم 28 أيلول/ سبتمبر 2022، عمدت إيران الى تنفيذ هجوم استخدمت خلاله المزيج من الطائرات المسيرة والصواريخ لمهاجمة معسكر "كويا"، مما ادى الى مقتل 13 شخصاً، بينهم نساء وأطفال وجرح 58 آخرين. كما استهدفت ايران بهجماتها المتزامنة قوى كوردية معارضة بينها "كومالا" وحزب الحرية الكوردستاني في انحاء الاقليم.
زمن مختلف وتهديدات مختلفة
واعتبر التقرير ان مثل هذه الهجمات المتكررة خلال الأسابيع والشهور المقبلة، قد تتطلب فرض منطقة حظر طيران جديدة، ونشر دفاعات صاروخية في المنطقة.
وذكّر بأن الفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي قال بعد وقوع هجوم 28 ايلول/ سبتمبر ان "الامر الاول الذي بإمكان الغرب القيام به لحكومة اقليم كوردستان هو حماية السماء".
ولفت التقرير الى ان ليفي كان يضع سابقاً منطقة الحظر الجوي (1991-2003) في الاعتبار عندما ادلى بهذا التصريح، مضيفا برغم ذلك ان طبيعة التهديد الذي يواجه كوردستان حاليا، مختلفة بشكل كبير عن تلك التي كانت في ذلك الزمن.
وعلى سبيل المثال، اوضح التقرير انه على عكس العام 1994، لم تعد إيران تستخدم طائراتها الحربية من اجل هجماتها على كوردستان، مشيرا الى ان آخر واقعة لهجوم طائرات ايرانية على اهداف داخل العراق كانت في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر العام 2014، عندما قصفت طائرات "اف-4" الايرانية مسلحي تنظيم داعش في محافظة ديالى.
واشار التقرير الى ان الامثلة السابقة تظهر ان ايران اعتمدت في هجماتها الاخيرة على الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.
منظومة باتريوت
وذكر التقرير بأن واشنطن نشرت لفترة قصيرة نظام الدفاع الصاروخي "ام اي ام -104" باتريوت في مطار اربيل الدولي بعد هجوم بصواريخ ايرانية في كانون الثاني/ يناير العام 2020، وتركت جنود قاعدة عين الاسد في الأنبار بلا حماية حيث اصيب كثيرون بارتجاجات في الدماغ.
واوضح ان نظام الدفاع الصاروخي الامريكي هذا النظام لم يكن موجودا في اربيل خلال هجوم 13 اذار/ مارس، مضيفا ان مستشار الامن القومي الامريكي جيك سوليفان قال بعدها ان واشنطن "تتشاور مع الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان من اجل مساعدتهم للحصول على قدرات الدفاع الصاروخي ليتمكنوا من الدفاع عن انفسهم في مدنهم".
الا ان التقرير قال انه لم يتضح ما الذي كان سوليفان يشير اليه ولم يعرف ما اذا تم ارسال معدات دفاعية اضافية الى العراق منذ ذلك الوقت.
وبرغم ان التقرير اعتبر ان بامكان ارسال الطائرات المقاتلة الاميركية من اجل اعتراض الطائرات الايرانية المسيرة وحماية اقليم كوردستان، الا انه اضاف انها لن تكون وسيلة فعالة بالنظر الى تكلفتها.
الطائرات "الانتحارية"
واشار الى ان الطائرات الايرانية المسيرة مثل "شاهد-136" التي يمكن استخدامها باعداد كبيرة من اجل تنفيذ ضربة، لا تصل كلفة الواحدة منها الى 20 الف دولار فقط، في حين ان صاروخ "ايه اي ام-120" جو-جو الذي يطلق من طائرة "اف -15" الامريكية تصل كلفته الى نحو مليون دولار لكل صاروخ.
وبالاضافة الى ذلك، فان هناك نقصاً بصواريخ باتريوت في هذه الايام بالنظر الى الحاجة المتزايدة لها في اوروبا بعد الغزو الروسي لاوكرانيا، لكن التقرير اشار الى ان بامكان واشنطن او حلفائها نشر منظومة واحدة من هذه الصواريخ في اربيل تجنبا لتكرار هجوم 13 اذار/ مارس، او ما هو اسوأ منه في المستقبل.
والى جانب ذلك، يقترح التقرير نشر النظام الامريكي المضاد للصواريخ قصيرة المدى والمدفعية وقذائف الهاون "سي رام" للتصدي للصواريخ القصيرة المدى والطائرات المسيرة كالتي استخدمتها الميليشيات المدعومة من ايران ضد اربيل في السنوات الماضية.
واضاف ان نشر معدات اضافية من هذه المنظومة في اجزاء اخرى من الاقليم، مثل حقل خورمور للغاز الذي الذي جرى استهدافه مرارا خلال الشهور الاخيرة، قد يكون بامكانها ان تؤمن حماية اضافية حتى لو كانت محدودة، ضد هذه التهديدات المتكررة.
وختم التقرير بالقول انه "لا وجود لحلول سهلة، ولهذا فانه يتحتم على الذين يقترحون شيئا مثل منطقة حظر طيران جديدة لكوردستان، ان يتذكروا ان طبيعة التهديد الحالي تختلف كثيرا عن تلك التي كانت تواجهها في بداية القرن".