شفق نيوز/ يبدو أن مبادرة البنك المركزي لانهاء أزمة السكن في العراق أشبه "بالخيال"، فالروتين الاداري والتعليمات المعقدة للمصارف الحكومية والارباح والأعباء التي تضعها المصارف التجارية تجعل الشخص الذي يروم الحصول على القرض لشراء وحدة سكنية يفكر مليا قبل الاقدام على هذه الخطوة.
كما أن المصارف الأهلية ليست بأفضل حال من الحكومية التي يكاد يقتصر عمل معظمها على مزاد العملة فقط وتفتقر الى الائتمان.
*التحوط أثناء القروض ومبادرات غير ملزمة
ويقول الخبير الدولي ومستشار مصرف الجنوب الاهلي هشام الشمالي في حديث لوكالة شفق نيوز انه "من ضمن سياسة المصارف الائتمانية لا يمكن ان يمنح قرض للشخص بدون ان تكون ماهيته المالية وقدرته على السداد معروفة، بحيث يكون هناك ضمانات للمصرف"، مشيرا الى ان "الشخص المقترض اذا كان موظفا وراتبه في غير مصرف، فيعني هذا دلالة واضحة على انه حاصل على قرض من مصرف آخر".
ويضيف ان "المصارف الاهلية ملتزمة بتعليمات البنك المركزي"، مستدركا في الوقت نفسه ان "المبادرة التي اعلن عنها البنك المركزي والخاصة بقرض 15 مليون دينار هي مبادرة غير ملزمة للموسسات المالية كما ان كلفتها على المؤسسات المالية أعلى ولا توجد اي فائدة للمؤسسات المالية، واذا كان هناك تعديل بسعر العملات الخاصة بالمبادرة فان البنوك الاهلية ستعيد النظر بهذا الامر".
وكان البنك المركزي قد اعلن في الاول من شباط 2021 عن مبادرة جديدة من خلال منح قروض للموظفين الموطنة رواتبهم في (المصارف الحكومية والخاصة) بمبلغ قدره 15 مليون دينار، وبعمولة مقطوعة تستوفى لمرة واحدة وقدرها 4% من قيمة القرض وبفترة سداد 5 سنوات.
وكذلك قروض بمبلغ 125 مليون دينار لشراء وحدات سكنية في المجمعات السكنية الاستثمارية، وستكون تلك القروض دون فوائد، على أن تستقطع عمولة إدارية لمرة واحدة نسبتها 5% من قيمة القرض وبمدة سداد لا تتجاوز 20 عاما.
*الكفيل لغرض الاستمرارية
ويقول مصدر في احد المصارف الحكومية في حديث لوكالة شفق نيوز ان "اقراض المواطنين لشراء الوحدات السكنية اضر بالمصارف".
ويضيف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان "المصارف بادرت بمنح قروض للمواطنين لشراء وحدات سكنية في مجمع بسمايا ومجمعات اخرى بدون كفيل في بداية الامر، الا ان الكثير من المقترضين تلكؤا في تسديد ما بذمتهم".
ويضيف ان "وضع الكفيل كشرط للحصول على القرض جاء للحفاظ على استمرارية المقترض بتسديد ما بذمته، واستمرار المصرف في اقراض مواطنين جددا للحصول على وحدة سكنية".
ويشير المصدر إلى أن "هناك تعليمات ستصدر قريبا من قبل مجلس الوزراء فيما يخص قروض الاسكان من خلال وضع تسهيلات امام المواطنين للحصول على وحدات سكنية"، مقرا "بان الفائدة الموضوعة على القرض من قبل المصارف والبالغة 4 في المئة هي ثابتة ولمدة 15 سنة".
*حرية تحديد الفائدة
من جانبه، يؤكد مستشار رئيس الوزراء مظهر محمد صالح في حديث لوكالة شفق نيوز ان "العراق بعد 2004 اعتمد التحرر المالي حيث ترك للمصارف حرية منح الائتمان باي وجه بدون تقييد وبنفس الوقت حرية تحديد اسعار الفائدة بعد ان كانت قبل هذا التاريخ مفروضة عليهم".
ويضيف صالح ان "البنك المركزي ترك له الرقابة وفق النسب التي لا تهدد السيولة المالية للمصرف او سلامته للخطر"، لافتا الى ان "بعض المصارف كان فيها سوء ادارة بمنح الائتمان بحيث كان هناك الكثير من المتعثرين وغير معروفين عرضت المصارف للخسارة".
ويتابع بالقول، "لا يمكن للحكومة ان تتدخل بسياسة المصارف سواء مبالغ القرض او الفائدة" ، مستدركا ان "تدخل الحكومة من الممكن ان يكون في المصارف التنموية كالمصرف العقاري وصندوق الاسكان التي يكون القرض فيها قليل الكلفة وميسر".
*القرض وسيلة وليس غاية
ويرى الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث لوكالة شفق نيوز ان "القرض ليس غاية وانما وسيلة اذا ما توفرت عناصر التنمية لتوظيفها الى مشاريع منتجة تحد من نسب البطالة وتديم دورة رأس المال، اما القروض العبثية بدون وجود دراسات جدوى حقيقية فهي اعباء مالية على المستفيدين ذا منفعة وقتيه وضرر بعيد المدى" .
ويضيف ان "الفائدة الموضوعة على القرض يجب ان تكون عمليا من اصل المتبقي في ذمة المقترض وليس من اصل القرض الكلي لان هذا غير عادل واستغلال للزبائن بسبب ضعف العرض مقابل تنامي الطلب على الاقتراض في ظل الوضع الاقتصادي السيء وضعف معروض السكن في ظل تنامي سريع للكتلة البشرية".
ثلاث مبادرات بدون التزام
ويقول أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني في حديث لوكالة شفق نيوز ان "البنك المركزي قام بثلاث مبادرات لتشجيع المصارف الاهلية على منح قروض سكنية للمواطنين وبفائدة قليلة الا ان معظم هذه المصارف لا تلتزم بهذه المبادرة"، مبينا ان "المصارف الاهلية هي مصارف تجارية تسعى لتحقيق الارباح وبالتالي فانها لا تمنح قروضا سكنية".
ويضيف ان "المجمعات السكنية رعتها المصارف الحكومية لتشجيع السكن العمودي وهي لا تحل مشكلة ازمة السكن في العراق لاننا نتحدث عن الحاجة إلى اربعة ملايين وحدة سكنية".
ويشير المشهداني الى ان "القروض البسيطة التي منحت من قبل المصارف شوهت مناظر المدينة لانها منحت لمساحات حتى لـ 50 مترا"، معتبرا ان "افضل الحلول لحل ازمة السكن في العراق هو تخصيص مدن جديدة".
*مواطنون مجبرون على قبول فوائد المصارف
ويقول المواطن رائد الخفاجي لوكالة شفق نيوز انه "وافق مضطرا على الشروط والفائدة الثابتة لغرض الحصول على قرض من مصرف الرافدين لشراء وحدة سكنية في مجمع بسمايا السكني"، مبينا انه "يسكن حاليا في دار مؤجرة وليس لديه المال الكافي لشراء دار او حتى شقة سكنية بدون الحصول على القرض".
ويشير إلى أن "القرض الذي حصلت عليه سأقوم بدفعه خلال 15 سنة مع مبلغ سيكون ما يقارب نصف القرض كفائدة"، مبينا ان "المصارف الحكومية تحولت الى مصارف تجارية شانها شان المصارف الاهلية في العراق" .
من جانبه، يقول المواطن علي حمزة لوكالة شفق نيوز ان "الفوائد التي تضعها المصارف الحكومية ثابتة ولا تتناقص بتناقص مبلغ القرض بعد التسديد"، مؤكدا ان "المواطن يتجه لهذه المصارف لعدم وجود بديل اخر يحصل على القرض".
ويشير حمزة الى ان "معظم المواطنين يترددون في الاقدام للحصول على القروض من المصارف للمبالغ العالية التي يجب ان يسددها بعد ذلك"، مستدركا في الوقت نفسه انه "ليس هناك خيار اخر يلجأ اليه المواطن للحصول على وحدة سكنية غير ذلك.
ويعاني العراق من أزمة خانقة في السكن بسبب تزايد عدد سكان العراق ومحدودية المجمعات السكنية إضافة إلى عدم قدرة المواطن على بناء وحدة سكنية خاصة به لغلاء غلاء الأراضي والمواد الإنشائية.