شفق نيوز/ تعاني معظم محافظات العراق من ازدحامات خانقة، خصوصا في مراكز المدن، وذلك نتيجة لكثرة استعمال السيارات الخاصة وغياب النقل العام، وسط دعوات بضرورة تنظيم وضبط عملية إدخال السيارات والمركبات وإجراء الفحوصات الدورية عليها لمنع انبعاث الغازات الضارة من محركاتها وتشجيع النقل الجماعي.
وتعد وسائل النقل في العراق من الملوثات الكبيرة للبيئة، وتأتي بعد ملوثات النفط من ناحية التلوث الهوائي، فضلا عن الضوضاء وما تسببه من تلوث سمعي، وحتى البصري بالنسبة للمركبات الصغيرة كالتوك توك والستوتة وغيرها، فيما يؤكد مختصون أن النقل العام والربط السككي سيقللان من تلك الملوثات فضلا عن توفير الكلف المالية للمواصلات الخاصة وخفض نسبة الحوادث واختصار الوقت.
تشجيع النقل الجماعي
تؤكد رئيسة لجنة النقل والاتصالات البرلمانية، النائبة زهرة البجاري، على أهمية "تشجيع ثقافة النقل الجماعي سواء كانت عبر الحافلات أو القطارات، كونها تقلل التلوث البيئي والكلف والوقود والحوادث والوقت مقارنة بوسائل النقل الخاص التي تغص بها الشوارع الضيقة والمتهالكة".
وتشير البجاري خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، إلى أن "مشروع مترو بغداد من المشاريع التي اكتملت مخططاتها وفي طور الإحالة إلى شركات متخصصة، وفي حال تم إنجازه فسوف يحل نسبة كبيرة من المشكلة، وهناك مشروع في محافظة البصرة أنجز مخططه أيضا، ونسعى إلى إدراجها ضمن مشاريع وزارة النقل".
وتوضح النائبة، "لدينا مشاريع عديدة للسكك الحديدية، منها ما يتطلب إعادة تأهيل وصيانة، ومنها الجديدة مثل خط سكك الموصل، والشلامجة، والفاو الذي يربط جنوب العراق بشماله، كذلك تم الطلب بإنشاء ربط سككي بين النجف وكربلاء اللتين تشهدان كثافة سكانية كبيرة خاصة في أيام الزيارات الدينية".
غياب الإرادة
يقول الخبير الاقتصادي، علاء الفهد، "منذ سنوات ونحن نسمع بإتخاذ إجراءات حكومية لإنشاء مترو أو قطار معلّق في بغداد وفي بعض المدن الأخرى التي تعاني من الازدحامات، لكن مع الأسف لا توجد حتى الآن أي إرادة حقيقية لتنفيذ هكذا مشاريع"، مبينا الفهد في حديث لوكالة شفق نيوز أن تلك المشاريع "تعود بفائدة اقتصادية واجتماعية على المواطنين نظرا للتكاليف العالية للنقل الخاص".
وكان رئيس الجمهورية، عبداللطيف جمال رشيد، قال الثلاثاء الماضي، إن "التلوث البيئي يأتي لأسباب متعددة منها الزيادة في التعداد السكاني واستعمالات الطاقة في الصناعة والمواصلات"، وذلك خلال مشاركته في اجتماع مناقشة مبادرة تغير المناخ في شرق البحر المتوسط والشرق الاوسط والتي تعقد على هامش مؤتمر قمة الأمم المتحدة للمناخ COP 27 في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية.
إلى ذلك أفاد تقرير نشره موقع "نومبيو" الذي يعنى بالمستوى المعيشي لدول العالم، بأن مؤشر التلوث في العراق ما زال عالياً رغم انخفاض مؤشره عن عام 2019.
وذكر التقرير بحسب آخر تحديث في شهر نيسان 2022، واطلعت عليه وكالة شفق نيوز، أن "مؤشر التلوث في العراق بلغ 73.59%، منخفضاً عن عام 2019 الذي بلغ مؤشر التلوث فيه 79.43%، مبيناً أن "نسبة تلوث الهواء في العراق تعتبر عالية وبواقع 66.99%".
ملوثات البيئة
يقول الناشط البيئي، أحمد الصالح، إن "وسائل النقل في العراق تعد من الملوّثات الكبيرة للبيئة، وتأتي بعد الملوثات النفطية من ناحية التلوث الهوائي، كما أنها تلوث سمعي لما تنتجه من ضوضاء، أما بالنسبة للمركبات الصغيرة كالتوك توك والستوتة فهي من مظاهر التلوث البصري".
ويوضح الصالح خلال حديثه لوكالة شفق نيوز أن "شوارع العراق لا تتناسب مطلقا مع ما يتم استيراده من أعداد هائلة من السيارات، وبالتالي أصبحنا في ظل ازدحامات كبيرة تؤثر على البنى التحتية للشوارع، وتساهم في رفع حرارة المكان، كونها قطعة حديد تبث الحرارة من محركاتها والعوادم، بالإضافة إلى الضوضاء التي تصدرها أينما تحل".
ودعا الناشط "الحكومة للحد من عمليات استيراد السيارات ووضع تشريعات جديدة تمنع الموديلات القديمة بالتجوال في الشوارع، والتقليل من نسبة استيراد السيارات الجديدة، كون الشوارع والمدن ومراكزها خاصة تكتظ بالسيارات، فضلا عن افتقار العراق إلى المواقف، لذلك نلاحظ ركن السيارات على جوانب الطرق المزدحمة أصلا ما يزيد من مشكلة الاختناق المروري".
وكان مدير المرور العام، اللواء طارق إسماعيل، كشف أن عدد العجلات والدراجات النارية في بغداد تجاوز الـ 3 ملايين، في ما بيّن أن عدد العجلات في عموم العراق تصل الى 6.5 مليون عجلة.
وذكر إسماعيل في حديث سابق لوكالة شفق نيوز، أن "هذا الرقم ضخم بالنسبة الطاقة الاستيعابية للعاصمة بغداد حسب إحصاءات وزارة التخطيط قبل 2003"، لافتا إلى أن "الطاقة الاستيعابية لشوارع بغداد هي 250 الف سيارة"، موضحا أن "عدد المركبات على مستوى العراق ما يقارب 6 ملايين و500 ألف سيارة".
وتشهد العاصمة بغداد، وعلى مدار الأسبوع ازدحامات وشوارع مكتظة بالعجلات بسبب الزيادة الكبيرة في الاستيراد وعدم "تسقيط" العجلات القديمة، فيما لا تتسع شوارع العاصمة ذات التصميم القديم لهذه الزيادات المتسارعة في أعداد العجلات المستوردة بعد عام 2003.