شفق نيوز/ حظت الزيارة التي أجراها رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، إلى بغداد، بإشادات حكومية ونيابية واجتماعية، خاصة بعد إعلانه التوصل لإتفاق مبدئي لحل ملفات عالقة بين بغداد وأربيل.
ووصل نيجيرفان بارزاني، أمس الأول السبت، إلى العاصمة بغداد، لاحتواء الإشكالات المتزايدة بين بغداد وكوردستان، مع قرارات المحكمة الاتحادية الخاصة بمرتبات الموظفين والانتخابات المحلية في الإقليم، كما تأتي الزيارة قبيل أيام من توجه رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني إلى واشنطن، يجري فيها مباحثات مع الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن.
وأجرى بارزاني مباحثات فور وصوله بغداد، مع السوداني، بحث فيها البرنامج الحكومي، وتنفيذ الاتفاقات السياسية، بالإضافة الى حل الإشكالات المتعلقة بين بغداد وأربيل، وعلى رأسها ملفات النفط والموازنة ورواتب الموظفين.
كما شارك في كل من اجتماع الإطار التنسيقي للأطراف الشيعية، والاجتماع الدوري لائتلاف إدارة الدولة الذي استمر حتى وقت متأخر، وأكد بارزاني على الرغبة الجادة للإقليم في حل الخلافات والقضايا العالقة مع الحكومة الاتحادية وفقاً لبنود الدستور الدائم للبلاد.
كما اجرى مباحثات مع السفيرة الأمريكية والسفير الفرنسي في بغداد.
"بداية جيدة للغاية"
وقال رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، يوم الأحد، إن اتفاق الرواتب الذي توصلت له حكومتا بغداد وأربيل "جيد للغاية"، في حين أكد أن تعليق تصدير النفط من كوردستان تسبب بخسارة الميزانية العراقية العامة 7 مليارات دولار.
وأضاف الرئيس بارزاني، في تصريح ورد لوكالة شفق نيوز، "خلال زيارتنا لبغداد، عقدنا عدة لقاءات مع رئيس الوزراء وائتلاف إدارة الدولة والإطار التنسيقي"، موضحاً أن "اجتماعاتنا كانت بشكل عام في إطار العلاقات المستقبلية بين إقليم كوردستان وبغداد وحاولت وضع آلية لكي نتمكن من الاستمرار بعقد هذه الاجتماعات حتى يمكن مناقشة المشاكل الحالية في مكان واحد وإيجاد الحلول لها".
وتابع، أن "مسألة الرواتب هي قضية أساسية لحكومة إقليم كوردستان والاتفاق الذي تم التوصل إليه بين رئيس وزراء الاقليم ورئيس الوزراء الاتحادي بداية جيدة للغاية ونأمل أن يستمر".
وقال الرئيس بارزاني، "ناقشنا أيضاً مسألة النفط وبالطبع كإقليم كوردستان نعتقد أنه يجب استئناف تصدير النفط، لأن هذا الموضوع سبب ضرراً كبيراً للعراق وإقليم كوردستان وحتى الآن خسرت الميزانية العراقية أكثر من سبعة مليارات دولار".
وأضاف، "بالطبع تمت مناقشة هذه القضية، لكن الأمر يتطلب المزيد من الوفود من حكومة إقليم كوردستان لزيارة بغداد والتحدث أكثر عن هذه القضية، ونأمل أن نتوصل إلى نتيجة".
وحول إجراء انتخابات اقليم كوردستان في موعدها، قال نيجيرفان بارزاني، "من مسؤوليتي كرئيس لإقليم كوردستان حددنا موعد إجراء الانتخابات ولا يوجد أي تغيير في هذا الموضوع وطبعا هذه مسألة سياسية ويجب على جميع القوى السياسية أن تتحدث عنها والخروج بتفاهم من هذه النقاشات".
مؤشرات إيجابية
"حملت زيارة نجيرفان بارزاني إلى بغداد الكثير من المؤشرات الإيجابية، لكن الأهم هو تنفيذ النقاط التي تم الاتفاق عليها"، يقول عضو الحزب الديمقراطي الكوردستاني، محمد زنكنة.
ويضيف زنكنة خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "نجيرفان بارزاني يتباحث مع جميع الأطراف السياسية حتى الأطراف التي تبين أنها على خصومة مع الحزب الديمقراطي من الاتحاد الوطني والشيخ الخزعلي، مع أن الاتحاد الوطني هو شريك أساسي للعملية السياسية في اقليم كوردستان".
ويتابع، "ننتظر النتائج الإيجابية التي تتعلق بتصدير النفط واستمرار إرسال رواتب موظفي كوردستان وشمول بنوك الإقليم بمسألة التوطين والاعتماد على تطبيق حسابي لتوزيع رواتب الموظفين".
ويرى زنكنة، أن "هذه الزيارة أثبتت أن المحكمة الاتحادية لم تكن إلا مؤسسة تُدار من أطراف تريد استغلالها لحسم النزاعات على شاكلة محكمة الثورة في زمن النظام البعثي البائد"، على حد قوله.
من جهته، يؤكد عضو مجلس النواب العراقي، عدنان برهان الجحيشي، أن "التفاهم بين الحكومتين الاتحادية والإقليم ضرورة لحل مسألة الرواتب والنفط والغاز، وفي زيارة نيجيرفان بارزاني سيتم التوصل إلى التفاهمات مع الحكومة العراقية لمنع ترك الأمور سائبة كما هو الحال مع منصب رئاسة البرلمان العراقي".
ويشدد الجحيشي في حديث لوكالة شفق نيوز، على أهمية أن "تكون جميع الأطراف يداً واحدة بكل مكوناتها وأطيافها ضمن منهاج إدارة الدولة لحل جميع الأمور العالقة لمواجهة الأخطار الإقليمية التي قد تلقي بظلالها على البلاد".
ارتياح في الشارع الكوردستاني
"تأتي زيارة نيجيرفان بارزاني إلى بغداد بتوقيت مناسب في ظل وجود انفتاح وتفاهم في بغداد وتعاون لحل القضايا المالية، ما خلق ارتياحاً في الشارع الكوردستاني خاصة بمسألة استلام الرواتب شهرياً"، وفق السياسي الكوردي والنائب السابق في برلمان كوردستان، عبدالسلام برواري.
ويضيف برواري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "أجواء لقاءات نيجيرفان بارزاني مع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء العراقي ومع قادة ائتلاف إدارة الدولة جميعها كانت إيجابية، ونأمل أن يكون هذا المسار بداية لإيقاف المظاهر السلبية، خاصة وأن نيجيرفان بارزاني رجل دولة كاريزما وشخصية مقبولة حتى من قبل المنافسين".
ويشير إلى أن "الضامن لعدم تكرار الحالات السلبية السابقة هي تغيير العقلية السياسية في بغداد، حيث إن الدستور العراقي الجديد يبني دولة فيدرالية، وبفهم بغداد للفيدرالية سوف تحل كل المشاكل، وهذا يكون عبر الحوار، وأفضل من يدير ذلك هو نجيرفان بارزاني الذي نتأمل بكل حركاته خيراً".
الرجل "الأكثر دبلوماسية"
من جانبه، يقول المحلل السياسي والأكاديمي، حيدر البرزنجي، ان "نيجيرفان بارزاني هو دائماً حريص على أن يكون في بغداد، فهو الأكثر دبلوماسية ويستطيع التعامل والتفاعل مع القوى السياسية في بغداد، وهو الداعم منذ البداية لحكومة محمد شياع السوداني".
وينوّه البرزنجي في حديث لوكالة شفق نيوز، إلى أن "الأزمة هي ليست وليدة اللحظة ولا تنتهي بزيارة ولا بزيارات متعددة، إذ هناك خلل بنيوي في شكل العلاقة ما بين الحكومة الاتحادية وما بين حكومة الإقليم، وهذا مشخص ويحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية لحل هذا الملف بصيغة نهائية وبصورة لا تسمح ببروز المناكفات والصراعات عند تشكيل كل حكومة وموازنة".
ويرى، أن "زيارة نيجيرفان بارزاني جاءت بسبب المرونة التي أبداها رئيس الوزراء العراقي تجاه هذا الملف الذي يؤكد على ضرورة إخراج ملف رواتب موظفي الإقليم عن الملفات السياسية حفاظاً على حقوق المواطن الكوردي".