شفق نيوز/ دعا موقع "ميدل إيست أونلاين" البريطاني، المرجعيات الدينية في النجف إلى توجيه الخطاب الديني نحو تعزيز الوعي البيئي لدى العراقيين، ودفع السياسيين إلى استبدال الخلافات السياسية بالنقاشات البيئية، في وقت يشهد العراق تحطماً لأحلامه البيئية والتي يتكل فيها على الخارج الإقليمي، بدلاً من العمل من داخل المجتمعات العراقية نفسها.
واعتبر التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن العراق يحتاج إلى تبني دبلوماسية فعالة في المجال البيئي، وأنه بدلاً من الاعتماد على المؤتمرات الدولية لمعالجة مشاكله البيئية، فإنه يتحتم على صناع القرار العراقيين أن يولوا المزيد من الاهتمام للسياسات البيئية المحلية، من أجل إحداث تحول في سلوك العراقيين تجاه البيئة وقضاياها.
الصحوة الخليجية
ورأى التقرير أنه كان يجب على الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد أن يركز على هذه النقاط خلال مؤتمر المناخ الدولي الذي انعقد في دبي، موضحاً أن العراق سعى للاستفادة من الصحوة الخليجية في القضايا المناخية، من خلال تقديم خطاب يتعامل مع دول الخليج كفاعل أساسي في مواجهة الأزمات البيئية في المنطقة، وهي محاولة أراد العراق من خلالها أن يظهر أن ظروفه لا تسمح له، مالياً وسياسياً، باتخاذ أي خطوة لمكافحة التغير المناخي، والإشارة ضمنيا إلى أن دول الخليج هي التي يتحتم أن تلعب هذا الدور.
إلا أن التقرير قال إن هذه الأفكار تتعارض مع المبدأ الذي تعتمد عليه كثير من الدول المتمثل بـ"المشاركة في تحمل الضرر البيئي"، ولهذا فإنه يجب على العراق إعادة بناء دبلوماسيته البيئية لكي يصبح لاعباً وشريكاً في القرارات البيئية الإقليمية.
وانتقد التقرير العراق قائلاً إنه يحاول تجنب مواجهة الواقع المر المتمثل بالفشل في تبني سياسات بيئية فعالة.
وأضاف قائلاً إنه من الجانب السياسي، فإن هناك العديد من "الأحلام الضائعة" في إطار السياسات البيئية العراقية، مشيراً إلى أن الرئيس رشيد مثل أسلافه، لديه من الخطط التي لا يمكن تنفيذها بسهولة، حيث أن رغبات العراقيين تتعارض مع الدعوة التي أصدرها مؤتمر دبي، بهدف الحد من الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي لحماية البيئة.
فتوى الجهاد البيئي
وبعدما لفت التقرير إلى أن "المشكلة البيئية تتطلب حلولاً غير تقليدية"، قال إن أحد هذه الحلول يتمثل في إمكانية الاستثمار في مواقع التواصل الاجتماعي، وإنتاج رأي عام بيئي في المناطق التي يعاني سكانها من ضغط الأزمات الطبيعية، مشيراً إلى أن تنفيذ مثل هذه الحملات بإمكانه أن يخلق جمهوراً بيئياً، معظمهم من الشباب، ما سيؤدي لاحقاً إلى تشجيع المجتمع المحلي على التفكير في كيفية أن يصبح لاعباً في عملية صنع القرار البيئي.
وفي حين قال التقرير إن "هذا يمكن أن يفرض في نهاية المطاف بعض الضغط على السياسيين لكي يأخذوا بالاعتبار وجهات نظر المواطنين البيئية"، أوضح أن "بمقدور الزعماء الدينيين المؤثرين، مثل هؤلاء الذين يعيشون في النجف، أن يساهموا في إلهام المجتمع في جنوب العراق للتفكير في القضايا البيئية".
وأكد التقرير على أن مناطق الجنوب تلعب دوراً مهماً في مشكلة التغير المناخي وآثاره البيئية، حيث أن الجنوب يشكل الجزء الأكبر من منطقة السهل الغريني وهو منطقة تمثل الثقل الديموغرافي والجيوسياسي للعراق، وهي حالياً مهددة بشكل خطير، حيث أن مستقبلها البيئي على المحك.
ودعا التقرير القيادات الدينية إلى المساهمة في تخفيف السيناريو المستقبلي المتشائم.
وأوضح فكرته قائلاً إن خيبة أمل كبار رجال الدين من سلوك القوى السياسية، هي التي ستخلق سبباً مهماً لإعادة إنتاج الخطاب الديني، وبالتالي سيكون للأولويات البيئية دوراً بارزاً بالنسبة إلى المجتمع حيث أن ذلك سيؤدي إلى تقوية الوعي البيئي لدى المجتمع في هذه المنطقة الجغرافية التي تتأثر بشدة بأفكار هذه المرجعيات الدينية.
وتابع قائلاً إن "استبدال الخلافات السياسية بالنقاش البيئي، يمكن أن يؤدي إلى تحول مجتمعي سلمي في نمط الحياة اليومي للإنسان العراقي".
الدور الأكاديمي
كما دعا التقرير كل جامعة عراقية إلى "تجديد وظيفتها لكي تصبح لاعباً فاعلاً اجتماعياً حقيقياً"، مضيفاً أنه برغم الصعوبات فإن "رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة والتفكير خارج الصندوق".
وختم التقرير بالقول إن الوعي الدولي بالمشاكل البيئية يتزايد، مثلما يتزايد التحرك نحو الاقتصادات الأقل تلوثاً، وهو ما سيفرض تراجعاً في مكانة النفط والدول المنتجة للنفط، بما في ذلك العراق، في أسواق الطاقة العالمية.
وتابع قائلاً إنه في ظل عقود من الإهمال البيئي، فإن العراق سيعاني من انتكاسات اقتصادية وبيئية واسعة، وبالتالي ستكون الصراعات المحلية هي المشهد الأكثر احتمالات في مثل هذه الحالة.
ترجمة وكالة شفق نيوز