شفق نيوز/ أجرى موقع "لوو فير" الأمريكي المتخصص بالتحليل السياسي والقانوني مقارنة بين حربي اسرائيل في غزة وحرب الولايات المتحدة في أفغانستان، معتبرا ان هجوم حركة حماس في 7 اكتوبر/تشرين الاول، لا يتشابه مع "11 ايلول/سبتمبر" الامريكي.
وبعدما لفت التقرير الأمريكي، المترجم عبر وكالة شفق نيوز، إلى هجوم حركة حماس، قال إن المعلقين والباحثين والسياسيين والمسؤولين الاسرائيليين، يشيرون الى الهجوم باعتباره نسخة اسرائيلية من احداث 11 ايلول/سبتمبر، مضيفا أنه في الظاهر، تبدو هذه المقارنة منطقية.
واوضح التقرير انه في النموذجين، تمكنت الجماعات التي وصفها بـ"الارهابية" من تحقيق مفاجأة استراتيجية لكن الفشل الاستخباراتي في حالة اسرائيل اكبر، بسبب حقيقة أنها كانت منخرطة في صراع مع حماس منذ تأسيس المنظمة وأن غزة تقع على عتبة إسرائيل بالمعنى الحرفي للكلمة.
وتابع قائلاً، إن كلا الحدثين تسببا في مقتل مئات المدنيين، على الرغم من أن هجوم 7 اكتوبر/تشرين الاول يمثل على أساس نصيب الفرد حوالي 15 ضعف حجم هجوم 11 سبتمبر/أيلول، مضيفا أن "كلا الهجومين تسببا بردود فعل عسكرية واسعة النطاق، وربما مطولة، وان من المتوقع ان الحرب الاسرائيلية في غزة ستكون أكثر شدة، حيث ألقت إسرائيل بالفعل قنابل على غزة أكثر مما اسقطته الولايات المتحدة في أفغانستان طوال العام 2019 باكمله".
وذكر التقرير أن المقارنة بين هجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول وهجمات 11 سبتمبر/ أيلول، مفيدة ايضا بشكل عام، وهي تنقل الى الناس وخصوصا الجمهور الامريكي، مستوى الصدمة الوطنية والغضب داخل المجتمع الاسرائيلي، وهي ايضا مقارنة تساهم في تسهيل فهم السبب وراء تجاهل الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار داخل اسرائيل.
لكن التقرير لفت الى أنه في نهاية المطاف، من المرجح أن يجلس الإسرائيليون يتفاوضون مع القيادي في حركة حماس يحيى السنوار، مثلما كان من المرجح أن تجلس الولايات المتحدة وتتحدث مع زعيم القاعدة اسامة بن لادن بعد ما يزيد قليلا عن شهر من احداث 11 ايلول/سبتمبر.
وتابع التقرير أن هناك بعض الدروس الاستراتيجية الرئيسية التي يمكن تعلمها من رد الولايات المتحدة على احداث 11 ايلول/سبتمبر والتي تنطبق على العملية الاسرائيلية القائمة في غزة، واهمها الحاجة الى التفكير فيما سيأتي فيما بعد التخلص من الجماعة الإرهابية من السلطة.
وبرغم ذلك، قال التقرير ان استخدام أفغانستان كنموذج لغزة مثلما اشار اليه بعض المراقبين، يعتبر أمرا مضللا تماما.
وتابع قائلا انه من الناحية العملية، لا يمكن أن يكون الصراعان أكثر اختلافا، حيث ان المعارك في أفغانستان جرت في الغالب في الجبال وعبر الأراضي ذات الكثافة السكانية المنخفضة، بينما تعتبر غزة واحدة من أكثر البيئات الحضرية كثافة سكانية على وجه الأرض.
وبالاضافة الى ذلك، اشار التقرير الى ان اسرائيل تمارس درجة من السيطرة على غزة لم تتمكن الولايات المتحدة وحلفاؤها قط من تحقيقها في أفغانستان، مع حدودها التي يسهل اختراقها من جهة باكستان.
واوضح انه من وجهة نظر عسكرية، فإن هذا يعني ان لدى اسرائيل فرصة أفضل لانتزاع غزة من سيطرة حماس مما فعلته الولايات المتحدة وحلفاؤها مع طالبان في افغانستان، الا ان اسرائيل تواجه ايضا مهمة أكثر صعوبة بكثير في الحد من الخسائر في صفوف المدنيين مقارنة بما قامت به الولايات المتحدة في أي وقت مضى.
وإلى جانب ذلك، قال التقرير ان ان اسرائيل موضوعة تحت مجهر المراقبة بقدر لم تواجهه الولايات المتحدة بتاتا في افغانستان، او العراق، مشيرا الى انه بعد احداث 11 ايلول/سبتمبر، انضمت عشرات الدول الى الجهود الامريكية في افغانستان، بينما قام حلف "الناتو" لاول مرة في تاريخه، بتفعيل المادة الخامسة من ضماناته الامنية.
وتابع قائلا انه "حتى في العراق، وهي عملية أكثر اثارة للجدل، فقد أمنت تحالفا دوليا واسعا الى حد ما".
لكن فيما يتعلق بإسرائيل، فإن الحرب احادية الجانب حيث تواجه اسرائيل عدة دول تستدعي سفراءها بسبب تصرفاتها، وهو ضغط دولي ادى الى تقييد التصرفات الاسرائيلية في حروب غزة السابقة.
ومع ذلك، لفت التقرير انه من غير الواضح ما اذا كان هذا الضغط الدولي سيكون تأثيره حاسما في الحرب الحالية، بالنظر الى شراسة وحجم هجمات 7 اكتوبر/تشرين الاول، الا انه رأى ان الضغوط سوف تتزايد كلما طال أمد الصراع، وهو ما قد يجبر اسرائيل على خوض حرب اقصر واكثر حدة، بدلا من الصراع البطيء مثل افغانستان.
وقال التقرير إن أكبر الاختلافات بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و11 ايلول/سبتمبر تأتي من سياقاتها الاستراتيجية المتباينة جدا، موضحا أن أحداث 11 سبتمبر نشأت من عداء بن لادن تجاه أسلوب حياة الغرب والوجود الأمريكي في الشرق الاوسط، بينما على النقيض من ذلك، فإن جذور هجوم 7 اكتوبر/تشرين الاول، تكمن جزئيا في التزام حركة حماس الطويل بتدمير اسرائيل، وايضا نتجت من استراتيجية اسرائيل الفاشلة المستمرة منذ عقود والمتمثلة في "جز العشب" في غزة والتي كان هدفها ردع حماس واحتوائها، في حين ان اسرائيل لم تعالج اي من الظروف الاقتصادية والسياسية الرئيسية التي ساعدت حماس على الوصول الى السلطة وابقائها هناك.
واوضح التقرير ان انتهاج سياسة اسرائيلية بعيدة النظر بشكل أكبر كان من الممكن ان يقود على على الاقل الى تقويض الدعم الشعبي الذي تحظى به حماس.
وختم التقرير بالقول ان هذا الفارق الأهم بين الحربين الناتجتين عن هجمات 11 ايلول وهجمات 7 تشرين الاول، هو انه في حرب أفغانستان، كان بمقدور الولايات المتحدة ان تنسحب في نهاية الامر، وهو امر تطلب منها عقدين من الزمن للوصول الى هذا الاستنتاج، وكان لديها الخيار الاستراتيجي للقيام بذلك. لكنه اضاف انه "ولسبب جغرافي بسيط، فان اسرائيل تفتقر الى مثل هذا الخيار، فهناك علاقة متشابكة بين إسرائيل وغزة بشكل اساسي".
وبين التقرير ان هذه "النقطة الاخيرة، وهي الحقيقة المجردة للجغرافيا، ينبغي ان تسلط الضوء على السبب وراء اهمية الاختلاف بين الصراعين، اي الولايات المتحدة في أفغانستان واسرائيل في غزة".
وتابع ان الساعة الوطنية للولايات المتحدة برهنت على انها اقصر من ساعة طالبان، حيث قررت الولايات المتحدة ان 20 عاما من الحرب كانت كافية، فحزمت امتعتها وغادرت.
وتابع قائلا ان اسرائيل على النقيض من ذلك، فإن غزة ليست بعيدة عن نصف العالم، وهي في الجوار مباشرة ولن تكون بعيدة عن الانظار او عن البال نهائيا، وهذا القرب الجغرافي يتيح لاسرائيل فرصة من نوع ما للتفكير والتصرف على المدى الطويل، حيث انه بامكانها، ان اختارت ذلك، أن تستثمر الوقت والموارد لإعادة إعمار غزة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، ولو لمنع وقوع هجوم اخر على غرار هجوم 7 اكتوبر/تشرين الاول مستقبلا.
وختم التقرير الامريكي بالقول، ان "غزة بالنسبة الى اسرائيل، لن تكون مثل افغانستان، وذلك ببساطة لان الابتعاد عنها يشكل ترفا لا تستطيع اسرائيل ان تتحمله".
ترجمة وكالة شفق نيوز