شفق نيوز/ عادةً لا يُتفق على شخصية سياسية محددة، وإن حصل العكس يقود ذلك للغوص بهذا الامر الذي يكاد يكون فريداً، كتلك الشخصية التي تفتح شفق نيوز الباب على مصراعيه، لحل هذه الاحجية والاجابة على سؤال محدد "كيف اجتمع المزاج العراقي- الكوردي عليها"؟
"نيجيرفان إدريس مصطفى بارزاني".. هذا الاسم الرباعي، وقعه يقود الى ثلاثة اجيال من الزعامة، كانت محوراً بارزاً في القضية الكوردية من جهة، وبين العلاقة التي جمعت اقليم كوردستان صوب العراق، وصولاً إلى المحيط الاقليمي والغربي.
نيجيرفان بارزاني، الذي يُعرف برجل السلام، ومهندس العمران في اقليم كوردستان، لا يبدو غريباً منجزه بل هو تراكم لنضال عائلة، فهو ابن مهندس السلام في الحركة الكوردية إدريس بارزاني، وحفيد الزعيم الروحي للكورد، ملا مصطفى بارزاني، وعمه الزعيم الكوردي مسعود بارزاني.


نيجيرفان بارزاني لمن لا يعرفه
وُلد في 21 أيلول/سبتمبر 1966 في منطقة بارزان، وهاجر مع أسرته إلى إيران عام 1975، بعد اعوام من النضال المسلح بقياده جده الملا مصطفى بارزاني ضد الحكومة العراقية بعد إبرام العراق وإيران اتفاق الجزائر.
أصبح عضواً في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني عام 1989 وفي 1996 انتخب نائباً لرئيس وزراء إقليم كوردستان وأصبح رئيساً لوزراء الإقليم عام 1999.
في 2006 أصبح رئيس وزراء إقليم كوردستان مرة ثانية (الحكومة الموحدة التي جمعت الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني).
وأعيد انتخابه ليتولى ذات المنصب مرة أخرى من 2011 إلى 2013.
تسلم منصب رئيس الحكومة مجدداً عام 2013 وحتى 2018 وأصبح نائباً لرئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في مؤتمر الحزب الثالث عشر.
وانتخب مرشحاً للحزب الديمقراطي لمنصب رئيس الإقليم في 3 ديسمبر/كانون الأول 2018.
بداية الحكاية
بعد انتزاع الحكم الذاتي والخروج من هيمنة بغداد بعد 1991، وتشكيل اقليم كوردستان، رسمت العائلة البارزانية أطر النهضة في الاقليم، ومارس نيجيرفان بارزاني دوراً بارزاً في ذلك.
فبعد أن وضع الجيل الأول اللبنة الأساسية للقوة العسكرية المتمثلة بالبيشمركة، والتي انبثق منها الشق الامني المحكم للإقليم، جاء الدور للعقل المفكر للنهضة الاقتصادية والتعليمية، وبدأ نيجيرفان بارزاني باطلاق خطط لتنمية المدن، وبناء الجامعات والمدارس والمستشفيات، سرعان ما اصبح اقليم كوردستان ابرز واسرع البقع نمواً في المنطقة، وجزءاً استثنائياً في العراق الجديد.
واليوم يتفق الكثيرون في العراق على أن الادارة في اقليم كوردستان تفوقت باشواط، على باقي المدن، والاحصائيات الدولية والمحلية تعزز ذلك، في عراق مزقته النزاعات السياسية والخلافات، ودفعت بسكانه الخروج باحتجاجات لتغيير الوضع.


نيجيرفان بارزاني في ساحات الاحتجاجات العراقية
استطلعت شفق نيوز، رؤى قادة بساحات التظاهر المنتشرة في العراق، بسؤال محدد، "كيف تقيميون دور واداء نيجيرفان بارزاني بما وصلت اليه اقليم كوردستان؟
الناشط في ساحة التحرير محمد رحيم، تطرق بشكل مباشر بإجابته للفرق بين اقليم كوردستان والعاصمة بغداد من الناحية العمرانية والخدمية، واكد ان "الامر لا يتوقف هنا، بل أن التطور مستمر في اقليم كوردستان، وبطبيعة الحال ادى الى جعلها من المناطق السياحية والاقتصادية المهمة في الشرق الاوسط عموما والعراق خصوصا".
ويضيف لشفق نيوز، اما في بغداد فقد بقيت بأيدي ساسة المحاصصة وجعلوها اسيرة الخراب".
ويقول رحيم من داخل خيمة الاعتصام في ساحة التحرير، "السياسة فن، وهذا ما اجاده- نيجيرفان بارزاني، حينما مضى صوب اتفاقات دولية ادت الى البناء والاعمار وتحسين الواقع الحياتي والمعيشي للمواطنين، بينما من لدينا يمضون صوب الاقتتال والتفريق".
أما الناشطة في ساحة التحرير اسيل مزاحم والتي تزور يومياً ساحة التحرير القلب النابض للاحتجاج في العراق تقول لشفق نيوز، إن "ادارة الاقليم تفكر بمصلحة شعبها اولا، بعيداً عن التبعيات والتدخلات الخارجية، على العكس تمام مما يحدث في بغداد من انقسامات وتشظي".
ويرى الناشط علي عبد الخالق أن "الاقليم من الناحية السياسية اكثر توازنا في العلاقة مع بغداد، وحتى في إطار تمثيله مع محيطه الاقليمي والدولي، وعلى الرغم من توتر الوضع السياسي في بغداد وتعقيده، الا ان حكومة الاقليم الاكثر تمسكاً بمواقفها والاكثر نضوجا".
وتشخّص أُمّية الحديثي المراقبة للشأن العراقي، الحالة اكثر، وتقول لشفق نيوز، "الرئيس نيجيرفان بارزاني يمتلك شخصية قياديةً وإدارية اكتسبها من خبرته بالعمل السياسي، والعامل المساعد ايضا ان عائلته لها تاريخ في الحكم، اضف الى ذلك ان الرئيس مقبول دوليا ولديه علاقات قوية مع جميع الدول المؤثرة، هذه العوامل وغيرها انعكست ايجابا على ما اسميه انا "بدولة كوردستان" فهو ليس مجرد اقليم، عجلة التطور والتقدم والبناء في شتى المجالات مستمرة نشهد يوما بعد آخر ازدهار الاقليم وهذا التطور يدل على ان القائمين على إدارته ناجحون".
وتضيف، "عند المقارنة بين بغداد والاقليم لا نجد مجالاً لذلك، فلم نشهد في بغداد بناء مدرسة أو مسشفى أو اعادة تأهيل الجسور بعد 2003، ويصل ذلك حتى الى نظافة المدن، فهي مفقودة لدينا، القطاعات التربوية والتعليمية والصحية والزراعية شبه منهارة، بينما الاقليم اصبح منافسا للدول المتقدمة في هذه القطاعات، اعتقد بغداد تحتاج لـ20 عاما حتى تصل لما وصل اليه الاقليم اليوم".
من جانبه يقول الاكاديمي ورئيس مركز التفكير السياسي، الدكتور احسان الشمري لشفق نيوز، إن نيجيرفان بارزاني شخصية "تمازج بين الجيل القديم للكورد في العراق والجيل الجديد المتطلع الى افاق جديدة في طبيعة تطوير الاقليم ليس على المستوى الداخلي فقط، وانما على المستوى الخارجي ايضا، كونه يمتلك مرونة سياسية وشخصية مقبولة لدى جيمع قيادات الداخل والرؤساء على المستوى الخارجي".
ويضيف "لهذا لم نشهد للرئيس نيجيرفان بارزاني اي احتكاك بينه وبين الحكومة الاتحادية الى هذه اللحظة".


نيجيرفان بارزاني من خلال من يعرفه
علي حسين فيلي النائب السابق في برلمان اقليم كوردستان، يضع اليد على تفاصيل ورؤى خاصة، عن نيجيرفان بارزاني، قد تحل الاحجية، "كيف اتفق المزاج العراقي- الكوردي على شخصية واحدة"؟
ويبدأ فيلي حديثه لشفق نيوز، "من الممكن التساؤل عمن قام بتعمير كوردستان؟ قد تكون هناك بعض الانتقادات، ولكن بحكم ان كوردستان جزء من العراق الاتحادي وعلى طول تاريخ هذا البلد الذي شهد الدمار،يمكن ملاحظة الفوارق بين اربيل وبغداد وبين السليمانية والبصرة وبين دهوك والموصل.
"هذان الجزءان كان لهما رئيس وحكومة. وفي الوقت نفسه وبالتوازي تم تنفيذ خطتين في كوردستان والعراق، وللناس تقييمهم ويرون الفوارق. وان نيجيرفان بارزاني كرئيس لحكومة اقليم كوردستان ومن دون وجود البنى التحتية وبحصة الاقليم المحددة، اوصل كوردستان الى هذا المستوى، وان بغداد بحصتها من الميزانية اوصلت العراق صاحب البنى التحتية المعروفة للمستوى الذي نراه اليوم!. ليسوا قليلين اولئك المواطنين العراقيين الذين زاروا كوردستان، وهم يتمنون لو كان هناك رئيس حكومة كنيجيرفان بارزاني الذي يقول؛ ان البلاد العامرة ملك لجميع مكوناتها، كما كانت مدن الاقليم يوما ما تتفاهم بالرصاص، لكن نيجيرفان جعل منها مدن الورود. فاصبح للاقليم قوة المنطق بعد ان كان منطقه القوة، يقول فيلي.
ويضيف، "للاجابة عن هذا السؤال يتوجب علينا العودة لما يزيد على نصف قرن من الزمان عندما كان مهندس السلام ووالد نيجيرفان بارزاني المرحوم ادريس بارزاني جنبا الى جنب مع الرئيس مسعود بارزاني في ريعان الشباب شخصيتان رئيسيتان في محادثات السلام مع بغداد التي اثمرت عن اتفاقية 11 آذار عام 1970".
ويتابع سرده، "المرحوم ادريس بارزاني من منطلق كونه طرفا رئيسا في محادثات التوافق والسلام بين الاطراف المتناحرة مع بعضها والمتخاصمة مع الحكومة البعثية، يتم استذكاره دوما كمهندس للسلام. ومن وجهة نظري فإن تأثير الوالد على نيجيرفان بارزاني كان كبيرا الى حد اصبح في واجباته الحزبية والحكومية كأحد قادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني وكرئيس لحكومة الاقليم والآن هو رئيس لاقليم كوردستان. صاحب اجندة مليئة بمشاريع السلام في الحروب بين الاطراف. وحاليا كرئيس لاقليم كوردستان من الطبيعي ان يكون له مشروع سلام لجميع العراق والعراقيين كهدف.
ويقول فيلي، "بكثرة ما بذل من مساعٍ للاتفاق والسلام الدائم بين الاقليم والعراق، ينتظر (أي نيجيرفان بارزاني) ستراتيجية شفافة وواضحة بعيدة المدى لانه يهدف وعن طريق الحوار الاتفاق مع العراق المتعدد القوميات والاديان، لانه ليس هناك طرف يستطيع لوحده ان يُدير دفة الحكم في هذه البلاد.

"هو لا يرى كوردستان والعراق بعينين مختلفتين، بل يراهما مكملين لبعضهما لينعما بسلام دائم." الكلام لعلي حسين فيلي.
ويختتم حديث بالقول، "دعونا لا ننسى ان مهام وتوصيات رجل السلام والاعمار في بلد يقدس الحرب، امر صعب جدا، ولكن شخصا براغماتيا كنيجيرفان بارزاني لم يتراجع في مساعيه لايجاد حلول للمشكلات في كوردستان والعراق. وبقراءتي فإن هذه الشخصية مع انه ولد من رحم الثورة الشرعية لشعب نما وترعرع في خنادق النضال، حتى انه دافع عن حقوق امته بكل ما أوتي من قوة، لكن الذي يقرأ برنامج عمله يرى انه لايؤمن بحل المشكلات مع بغداد عن طريق التصعيد! بغداد تعرف رسالة نيجيرفان بارزاني وتعرّفه في احادث الحوارات من اجل حل المشكلات كرجل سلام، وكرئيس لوفود الاقليم شارك بلا تحفظ وكان له دور ايجابي، والنقطة المهمة هي ان بغداد ترغب دائما بمشاركته في المحادثات املا منها في نجاحها بعد خلافات مستمرة ل100 عام".