شفق نيوز/ تلاقي مساعي الحكومة العراقية بالعمل على "أكبر عملية إدماج مجتمعي" للقادمين من مخيم الهول السوري من زوجات وأبناء مسلحي تنظيم داعش، تحذيرات من خطر هذه العوائل على اعتبار أنها "أكبر قنبلة موقوتة في الشرق الأوسط" ودعم لولادة جيل جديد من الدواعش، وسط دعوات لإيقاف هذا البرنامج لـ"مصلحة العراق والمنطقة وعوائل الضحايا".
حيث يقول النائب الإيزيدي في البرلمان العراقي، محما خليل، إن "إجراءات الحكومة خطأ وخطيئة وبرنامج الإندماج خطأ، حيث أن مجيء عوائل داعش هو دعم لولادة جيل جديد من الدواعش".
ويؤكد لوكالة شفق نيوز، أن "هؤلاء يعتبرون قنابل موقوتة مستقبلاً، وهم مرفوضون عشائرياً ومجتمعياً لما تسببوا به من إبادة جماعية للمكون الإيزيدي ومجزرة سبايكر وغيرها، لذلك الإدماج هو إهانة للدماء التي سالت من أجل تحرير العراق".
ويقول خليل، إن "هذا البرنامج أشم فيه رائحة مؤامرة على العراق وعلى الشعب العراقي سواء من الحكومة أو من الجهات الخارجية الضاغطة عليها، لذلك يجب وقف هذا البرنامج لمصلحة العراق والمنطقة وعوائل الضحايا".
وفي السياق نفسه، يقول الخبير الأمني، علي المعماري، إن "مخيم الهول كبير، ويحوي على 75 ألف من بقايا فلول داعش الذي هزم ولم يقضَ عليه، وهذا المخيم يعتبر أكبر قنبلة موقوتة وورقة رابحة في الشرق الأوسط، وهذا ما دعا أكثر الدول المتقدمة إلى رفض إعادة مواطنيها من هذا المخيم".
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، فؤاد حسين، دعا أمس الأربعاء، بعض الدول الأوروبية إلى التعاون مع بلاده من خلال تسلم رعاياها المحتجزين في مخيم الهول الذي يضم ذوي تنظيم داعش في سوريا.
وعن الإجراءات الواجب اتخاذها لإبعاد خطرهم عن المجتمع العراقي، يشير المعماري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "إعادة هؤلاء تستوجب اتخاذ الكثير من الإجراءات لإبعاد الشعب العراقي عن نار هذه الجماعات المنتمية للفكر الداعشي، من خلال توزيعهم على الرقع الجغرافية التي ليس فيها مناطق خصبة لهم، وتهيئة تخصيص مالي كبير للوعي والتربية والصحة والاجتماع".
كما ويشدد المعماري على ضرورة "عدم دمجهم مع بقية أفراد المجتمع في الوقت الحاضر لحين التأكد أنهم أصبحوا مؤهلين ويبقى التركيز الأمني عليهم بعد ذلك لفترة طويلة، أما الإندماج المباشر فهذا خطأ كبير وعقباها لا يحمد".
من جهته، يؤكد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، إن "القادمين من مخيم الهول، يتم التدقيق الأمني معهم من قبل فريق متخصص، ويتم استلامهم ونقلهم إلى مخيم الجدعة (في الموصل)، وفي هذا المخيم يخضعون إلى منهاج للتأهيل النفسي والاندماج مع المجتمع".
ويضيف الأعرجي لوكالة شفق نيوز، أن "مخيم الجدعة تشرف عليه وزارة الهجرة والمهجرين من خلال فريق متخصص مشكل من أغلب الوزارات والجامعات وأستاذة متخصصين".
ويبين، أن "تقييم هؤلاء يتم بعد انتهاء الفترة المحددة وبالتنسيق مع الإدارات المحلية والعشائر وقادة المجتمع المدني، ويتم إرجاعهم إلى مناطقهم السابقة، علماً أن عودتهم للعراق طوعية ضمن برنامج العودة الطوعية".
وأمس الأربعاء، قال الأعرجي، إن الحكومة تعمل على "أكبر عملية إدماج مجتمعي" لمن قدموا من مخيم الهول السوري.
جاء ذلك خلال مؤتمر عقدته مستشارية الأمن القومي، لتقييم وتحديث الاستراتيجية العراقية لمكافحة الإرهاب للأعوام (2012 - 2025)، بالتنسيق مع جهاز مكافحة الإرهاب وبالتعاون مع بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق.
وأكد الأعرجي، خلال المؤتمر، "إخضاع جميع القادمين من مخيم الهول للتأهيل النفسي في مخيم الجدعة، بإشراف وزارة الهجرة والمهجرين وكل الأجهزة الأخرى، وتمت إعادة أكثر من 2000 عائلة إلى مناطقها الأصلية حتى الآن، وما تبقى هو 600 عائلة تخضع للتأهيل، تمهيداً لإعالتها وإعطاء فرصة للحياة من جديد".
وأضاف الأعرجي، أن "العراق اليوم خالٍ من الارهاب ويعمل على استدامة الأمن ونجاح ديمومته، ولا بد من العمل وفق مبدأ المواطنة بعيداً عن القومية والمذهبية، لأن العراق يجمع الكل ولابد من مغادرة الشعور بالتهميش والعمل وفق القانون وعدم الإفلات من العقاب، وأن على المواطن الوثوق بالدولة ومؤسساتها القضائية".
وأشار إلى أنه لا يوجد عراقيون من الدرجة الأولى أو الثانية وغيرها، فالعراقيون متساوون جميعاً، وأن الحكومة قوية ومؤسسات الدولة قوية وتعمل على تعزيز التماسك المجتمعي.
كما شدد الأعرجي، على أهمية "مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي التي تبث التفرقة والسموم بين العراقيين وعدم السماح لأي طرف أو جهة أن يفرق المجتمع العراقي، فالأمن تحقق بدماء العراقيين الزكية ويجب الحفاظ عليه".
ويسعى العراق لإغلاق مخيم الهول في سوريا الذي يؤوي عشرات الآلاف من زوجات وأبناء مسلحي تنظيم داعش، ويضم أيضاً مناصرين للتنظيم المتشدد، وذلك بهدف الحد من مخاطر التهديدات المسلحة عبر الحدود مع سوريا.
وفي هذا السياق، يرى الخبير الأمني والاستراتيجي، مخلد حازم الدرب، أن "عملية إدماج المتواجدين في مخيم الهول تعتبر خطوة مهمة للعراق، وهم على نوعين، قسم نزح نتيجة العمليات التي حصلت وهروبهم من عناصر عصابات داعش، والقسم الآخر أُجبر على أن يكون جزءاً من داعش الإرهابي، وبعد قتل الآباء بقيت هذه العوائل".
ويوضح لوكالة شفق نيوز، أن "عملية الإدماج تجري وفق برامج أمنية، حيث هناك تدقيق أمني عالي المستوى للمتواجدين في مخيم الهول، ومن ليس لديهم رابط مع عصابات داعش بل مجرد أنهم نزحوا في فترة العمليات العسكرية سواء من الموصل أو المناطق الغربية في العراق، تقوم مستشارة الأمن الوطني وبالتعاون مع وزارة الهجرة والأجهزة الأمنية بعملية استرداد هذه الأعداد وهي ليست قليلة بل تصل إلى أكثر من 30 ألف شخص، وتم استرداد وجبات لكنها قليلة قياساً بالأعداد الموجودة".
ويؤكد، أن "عودة هؤلاء تتطلب عمليات إعادة تأهيل وإدماج، لذلك على الوزارات المختصة وضع آليات وورش عمل في كيفية دمج هؤلاء في البيئة العراقية ليشعروا أنهم مواطنون عراقيون وهناك ملاذ آمن لهم".
بدوره، يشير الباحث في الشؤون الأمنية، سرمد البياتي، إلى أن "هذه العوائل التي تأتي من مخيم الهول تدخل في ثلاثة أطواق أمنية، ثم بعد ذلك تدخل في مخيم الجدعة 1 والجدعة 2 للتأهيل النفسي والاندماج مع المجتمع، وهناك منظمات مجتمعية تعمل على هذا الموضوع".
وينوّه خلال حديثه لوكالة شفق نيوز: "لكن لا نقول لا يوجد خطر تماماً، بل هناك خطر في حال لم يتم تأهيلهم نفسياً، لكن هؤلاء يدخلون في عدة مراحل قبل إدماجهم في المجتمع، كما هناك تفاهم مع البيئة التي سوف تحتضنهم وكيف سيتم التعامل معهم، حيث هناك مشاكل وفصول وقتل، وهذه يجري العمل على حلها قبل نقلهم إلى مناطقهم الأصلية".
يذكر أن مخيم الهول يقع جنوب مدينة الحسكة السورية وتشكل غالبية سكانه من عائلات تنظيم داعش وهو تحت سيطرة وإدارة قوات سوريا الديمقراطية المرتبطة بحزب العمال الكوردستاني.