شفق نيوز/ بملامح ممتلئة بالبؤس والهموم يجلس العشرات من العمال على قارعة الطريق في سوق باب جديد بالجانب الايمن من الموصل، على أمل التشبث بفرصة عمل يتمكنوا خلالها العودة الى اسرتهم بمايسد ريقهم لهذا اليوم.
ويعيد مشهد الانتظارهذا نفسه يومياً مع ركود كبير عصف بالمدينة تزامناً مع ارتفاع الاسعار الذي اثقل كاهل الفقراء.
لم نشتر اللحم منذ شهر.. ونخشى العيد
يقول "نشوان محمود"، وهو عامل بناء بأجر يومي، إنه يحتار كل يوم ويبقى قلقاً حتى يحصل على فرصة للعمل من موقف العمال هذا، موضحاً خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أنه "لا يعمل سوى يومين في الاسبوع ويحصل على 30 الف دينار فقط وهذا بالعادة لا يكفيه وعائلته المكونة من 6 افراد".
ويضيف إن اسرته "يفطرون على البطاطة فقط، ولم يشتري اللحم منذ شهر تقريباً"، مشيراً إلى أنه "يشعر بحزن كبير ويخشى قدوم عيد الفطر، كونه أمام مسؤولية جديدة تتمثل بملابس العيد لاطفاله واحتياجاته، وقال أيضاً إن "الاوضاع الاقتصادية قد اتعبته كثيراً وهذا حال الالاف مثله".
وليس ببعيد عن محمود، يجلس "العم جميل" الذي بلغ عمره 60 عاماً، وهو مايزال يعمل في سلك البناء, وتسليك مجاري المنازل وتنظيفها ويعيش على مايتوفر من قوت يومه, يقول لوكالة شفق نيوز، إنه لم يعمل منذ 5 ايام، ويأتي كل يوم من الفجر حتى الظهيرة، ولكن لايجد عملاً ويعود خائباً الى المنزل. ويقول جميل أيضاً، إنه لم يدفع ايجار الشهر الماضي ولايمتلك راتب رعاية يعينه، مبيناً أنه يعمل هو وابنه الوحيد لاعانة العائلة.
ويشير العم جميل، إلى أن الاوضاع تزداد سوءاً يوماً بعد آخر، لافتاً إلى أن هناك من هو اسوء من حالته بكثير، ولولا مخافة الله لاصبح العاطلين عن العمل قطاع طرق وسراق فلم يعد هناك مايفعلونه للحصول على الرزق الحلال وسط ارتفاع الاسعار.
وتجاوزت نسب البطالة في محافظة نينوى، 40 بالمئة حسب الاحصائيات الرسمية التي حصلت عليها وكالة شفق نيوز من دائرة الاحصاء.
ويقول منير محمود الطائي رئيس نقابة العمال في نينوى لوكالة شفق نيوز، إن فئة العمال قد سحقت بشكل كبير وباتت طبقة مهشمة ولايوجد اي اهتمام بها، مضيفاً أن الفقراء بصورة عامة ومن يعيشون يوماً بيوم لم يعد لديهم القدرة على تحمل المزيد من المشاكل الاقتصادية فهم مابين مطرقة البطالة وسندان ارتفاع الاسعار وكل يوم تعصف بهم مشكلة جديدة حتى بات بعضهم يقسم مايحصل عليه في يوم واحد على اربعة ايام وهو اساساً لايكفي لسد حاجة اليوم الذي عمل فيه.
وحذر الطائي من خطورة تفشي البطالة وغياب الحلول الحكومية، وقال إن "مايحدث سيجر المجتمع الى الجريمة والانحراف خصوصاً لدى الشباب ومانراه اليوم من جرائم وعمليات سرقة، فأن احدى اسبابها هي البطالة والحاجة والعوز".
وشدد قائلاً، "إن لم يكن هناك حلولاً واقعية فنحن نتجه الى تهشيم المجتمع وسنصل الى نتائج كارثية".
ومحافظة نينوى يسكنها أكثر من 3.5 مليون شخص، وهي الثانية بعد العاصمة بغداد من حيث النسبة السكانية، وما زالت واقعة تحت تأثير صراع سياسي- اقتصادي ما بعد عملية التحرير من داعش عام 2017.