شفق نيوز/ كان التجار والمتعهدون الذين يتعاملون مع أجهزة الأمن العراقية والقوات الأمريكية في مرمى تهديدات وهجمات المتشددين من تنظيم "القاعدة" عندما كانت الأخيرة تتمتع بنفوذ واسع في محافظة الأنبار على مدى سنوات طويلة.
وتراجع نفوذ "القاعدة" ومن بعدها "داعش" خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن الخطر ما يزال يلاحق المقاولين والتجار والمتعهدين العراقيين.
وأعادت "المرابطات" التي يقيمها أفراد فصائل مسلحة تحت مظلة الحشد الشعبي، إلى الأذهان أساليب فترة سيطرة تنظيم "القاعدة" على مناطق مختلفة من محافظة الانبار بين عامي 2004 و2009.
ويخشى المقاولون ومتعهدو نقل البضائع والمواد المختلفة المتعلقة باحتياجات الجنود الاميركيين في قاعدة عين الأسد غربي الانبار من "المرابطات" التي تقوم بمراقبة الداخلين والخارجين إلى قاعدة عين الأسد، حيث تتواجد القوات الأميركية فيها.
ويقصد بالمرابطات سيارات مدنية تتبع فصائل مسلحة تنتشر بين هيت ولغاية الحدود العراقية السورية، وترابط على الطريق العام لمدينة البغدادي ورصد العراقيين المدنيين الداخلين للقاعدة ومعرفة هوياتهم وسبب دخولهم، سواء أكانوا متعهدي نقل وتلبية احتياجات الجنود من السوق المحلية، أو مقاولو الانشاءات ونقل مواد البناء والرمل وغيرها، فضلا عن زعماء العشائر والمسؤولين المحليين.
وقال مصدر أمني عراقي في الانبار لوكالة شفق نيوز، إن "فصائل مسلحة تخضع قاعدة عين الأسد للمراقبة البعيدة على مدار الساعة، وترصد الداخل والخارج منها من خلال المرابطات أو السيارات المارة من الطريق العام على شكل دوريات ذهابا وإيابا".
وأضاف أن "تلك الجهات صارت تهدد من تتوصل إلى أنه يتعامل مع الجهات الأميركية سواء أكانت القوات الأميركية، أو حتى المنظمات المعنية بشؤون المدن المحررة وتعمل على المساعدة ضمن ما يعرف برامج الاستقرار".
وأشار المصدر إلى أن "قسما منهم تعرض للتهديد وتلقى رسائل على هاتفه تتهمه بالعمالة وتحذره من معاودة زيارة عين الأسد، مرة أخرى".
ويتواجد المئات من الجنود الاميركيين في قاعدة عين الأسد 110 كم غرب الرمادي، وأجرت القوات الأميركية خلال السنوات الماضية عمليات تأهيل وإعمار واسعة تطلب ذلك نقل مواد بناء وعمال محليين لإكمال تلك الاعمال، بينما يعمل ما صار تعارفا عليه "الدلفيري" أي التوصيل، في تلبية بعض الاحتياجات بين وقت وآخر.
"م س" وهو مقاول من سكان مدينة حديثة غربي الانبار قال لوكالة شفق نيوز، شريطة عدم ذكر اسمه الصريح، بأنه تلقى رسالة من مجهولين تخبره أنه زار عين الأسد وبقي فيها اكثر من ساعتين ويستقل سيارة رقمها كذا وكذا.
وأضاف، أن "هناك من يتتبعنا ويهددنا باسم فصائل معروفة هي نفسها من تثير الفوضى في بغداد بصواريخ الكاتيوشا، وبالنسبة لنا عملنا فترة في القاعدة بإنشاءات مختلفة وأنهينا عملنا وهناك بين وقت وآخر بعض الاشغال نستفيد منها وإن لم نقم بها نحن قام بها غيرنا".
ومنذ أواخر العام الماضي، تتعرض المنطقة الخضراء (تضم مقرات حكومية وبعثات سفارات أجنبية) في بغداد، إلى جانب قواعد عسكرية تستضيف قوات التحالف الدولي، وأرتال تنقل معدات لوجستية، لقصف صاروخي، وهجمات بعبوات ناسفة.
وخفت وتيرة الهجمات إلى حد كبير منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عندما أعلنت فصائل "المقاومة العراقية" إيقاف عملياتها ضد القوات والمصالح الأجنبية وخاصة الأمريكية في العراق لاتاحة الفرصة أمامها للانسحاب من البلاد.
وتتهم واشنطن، الفصائل العراقية المقربة من إيران وعلى رأسها "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" بالوقوف وراء الهجمات.
وفي نيسان/أبريل الماضي، أعلنت ثمانية فصائل، عرفت عن نفسها باسم "المقاومة العراقية"، في بيان، باستهداف القوات الأمريكية على الأراضي العراقية بعد أن اعتبرتها "قوات احتلال".
والفصائل الثمانية كلها مقربة من إيران، وهي: حركة عصائب أهل الحق، وحركة الأوفياء، وحركة جند الإمام، وحركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وكتائب الإمام علي، وسرايا عاشوراء، وسرايا الخراسان.
وتساءل وليد العيساوي الذي يعمل بمنظمة مدنية غرب الانبار عن القوات الأمنية التي تدخل دورات مهارة وتدريب بين وقت وآخر في قاعدة عين الأسد بالقول "هل هم عملاء أيضا؟".
وأضاف العيساوي "لا يوجد شيء يستحق الذكر، أعمال واغلبها لخدمة المحافظة، ورش تنمية وتطوير وقد توقفت منذ مدة بسبب التهديدات المستمرة ولم يعد أحد يذهب للقاعدة".
وأشار إلى أن "سكان الانبار بعد تخلصهم من إرهاب داعش ومن قبله القاعدة في الاتهامات بالعمالة والخيانة، صار لديهم إرهاب آخر يستخدم نفس المصطلحات".