شفق نيوز/ كشف موقع أمريكي، يوم السبت، عن وجود نحو خمسة الاف منطقة عشوائية في العراق تضم اكثر من 3.5 مليون نسمة، وفيما بيّن ان معالجة هذه الظاهرة تواجه تحديات متعددة مع بدء البرلمان مناقشة قانونها، أكد خبراء اقتصاد ان بعضها جرى توزيعها بحماية قادة ميليشيات وسياسيين وبمناطق مختارة تحديدا في العاصمة.
وبحسب موقع "المونيتور" الامريكي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، فإن "مشروع القانون الذي يناقشه البرلمان يواجه عقبات عدة ومعارضة في ظل الازمة السياسية المستمرة في العراق حيث ان هناك اكثر من نصف مليون وحدة سكنية عشوائية".
مناطق بلا خدمات
وبعدما أشار التقرير الامريكي الى ان "غالبية هذه الاحياء العشوائية بدأت تظهر في ما بعد العام 2003"، نقل عن النائبة عالية نصيف قولها ان "البحث عن حلول بدأ في العام 2014، من خلال خطة لتأجير اراضي العشوائيات لسكانها الفقراء مقابل رسوم مالية رمزية".
ولفتت نصيف الى "افتقار المناطق العشوائية الى الخدمات العامة مثل الشوارع المعبدة والمدارس والمياه والكهرباء وغيرها من الحاجات الاساسية"، مبينة ان "سكان هذه العشوائيات ليس بإمكانهم تسجيل اطفالهم في المدارس او استكمال اجراءات معينة في المؤسسات الحكومية".
وبحسب نصيف فإن "مجلس النواب سيقوم بتعديل مشروع قانون من العام 2014 يسعى من اجل مساعدة السكان على تملك الاراضي التي يعيشون فيها، الا انه في حال تم تصنيف قطعة ارض على انها صناعية او تجارية، فلا يمكن الاستحواذ عليها".
مكاتب العقارات
وأشار التقرير نقلا عن سمسار عقارات قوله ان "ازمة السكن تسببت في ارتفاع سعر المتر المربع في الاحياء التجارية في بغداد، الى 20 الف دولار مقابل 600 دولار في ضواحي المدن".
ولفت التقرير الى ان الحكومة "كانت اقترحت تأسيس صندوق مخصص للتعامل مع المشكلة حيث يتم تمويله من الايجارات المخفضة التي يدفعها سكان العشوائيات والموازنة العامة والقروض، وذلك بهدف توفير الخدمات الاساسية فيها، كالطرق والصرف الصحي والمياه والمدارس ومراكز الشرطة والرعاية الصحية وغيرها".
بغداد والبصرة في المقدمة
ونقل التقرير عن المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي قوله ان "بناء العشوائيات ما زال مستمرا في العراق ويجب ان يتوقف"، مضيفا ان "العراق كان في العام 2010، يضم حوالي الفي منطقة عشوائية، وارتفع هذا العدد الى 4 الاف حي عشوائي في العام 2016، الا انه اصبح هناك الان اكثر من 5 الاف حي عشوائي".
واوضح الهنداوي ان "بغداد وحدها تضم اكثر من 1022 منطقة عشوائية، وتأتي بعدها البصرة بـ700 منطقة عشوائية".
وتابع المتحدث باسم وزارة التخطيط قائلا ان "مشروع القانون المقترح لحل هذه المشكلة جرت صياغته بالتعاون مع الامم المتحدة، وهو يقتضي بناء وحدات سكنية سريعة ومنخفضة التكلفة بالتعاون مع شركات صينية، بالاضافة الى تأجير هذه المنازل في العشوائيات لمدة 25 عاما من خلال عقود ستؤدي في نهاية المطاف الى تملكها".
ولفت التقرير الى "عدم قدرة موظفي الخدمة المدنية معالجة مشكلة الاحياء العشوائية"، مذكرا بأن رئيس بلدية كربلاء عبير الخفاجي "قتل اثناء اشرافه على عملية ازالة مبانٍ عشوائية من جانب سلطات البلدية وبحراسة قوات الامن، حيث ارداه أحد سكان الحي باطلاق النار عليه".
الفقراء والميليشيات
وبرغم ان التقرير اشار الى ان "بعض هذه الاحياء العشوائية اقامها سكان فقراء، الا انه اضاف ان غالبية هذه الاحياء اقيمت من جانب قادة ميليشيات شيعية استولوا على اراض تابعة لوزارة المالية وغيرها من الوزارات، ثم باعوها بمبالغ تتراوح بين 5 الاف و200 الف دولار، كما ان جزءا من هذه الاحياء نشأ بعد ان عمد اصحاب اراض زراعية الى جرف حقولهم بسبب شح المياه، وباعوها للمواطنين الذين شيدوا المساكن العشوائية عليها".
قانون غير عادل
ونقل التقرير عن نائب رئيس لجنة الخدمات النيابية عدنان الجحيشي قوله ان "مشروع القانون بالصيغة الحالية غير عادل لسكان العشوائيات، وسنلتقي برؤساء المحافظات والبلديات للتوصل الى مسودة تكون ملائمة اكثر للمواطنين، وتقدم حلولا جديدة".
ورجح التقرير ان "تستغرق عملية تمرير القانون المقترح اكثر من عام، وانه بعد تعديله، بامكان الحكومة ان تطعن فيه امام المحكمة الاتحادية، بحجة ان مجلس النواب خالف المسودة الاولية التي قدمتها الحكومة".
الا ان التقرير نقل عن الخبير الاقتصادي عمار الربيعي قوله ان "القانون سيؤدي الى حل الازمة"، موضحا ان "سكان العشوائيات سيدفعون رسوم الخدمات التي سيحصلون عليها على اقساط شهرية او سيدفعون المبلغ كاملا، بشرط الا تؤثر المناطق على التخطيط الحضري للمدن".
واشار الربيعي الى ان "غالبية العشوائيات تتألف من اراضٍ استولت عليها الميليشيات وجرى بيعها للمواطنين بمبالغ مالية كبيرة"، مضيفا ان "المواطنين يشترون ويبيعون المساكن في العشوائيات باكثر من 20 الف دولار".
سياسيون في دائرة الاتهام
واتهم الربيعي بعض السياسيين بالاستيلاء على "اراضٍ في وسط الجادرية والكرادة واقامة احياء عشوائية فيها، حيث تباع المساكن في هذه المناطق تباع باكثر من 20 الف دولار".
وأعرب الربيعي عن اعتقاده انه "يجب ازالة غالبية العشوائيات وتخصيص وحدات سكنية عمودية لسكانها مقابل مبالغ مالية رمزية، كما انه يجب استعادة هذه الاراضي للدولة من اجل القيام باعدة تخطيطها عمرانيا"، محذراً من ان "توسيع العشوائيات ستكون عواقبه وخيمة على الشعب العراقي، فغالبية الاطفال في العشوائيات لا يتلقون التعليم في ظل النقص في المدارس او الامكانات المالية المحدودة".
وختم التقرير بالقول ان "الحكومات العراقية تبدو ليست قادرة على حل هذه المشكلة التي وصفها بانها ليست اجتماعية واقتصادية فقط، وانما سياسية ايضا".
ترجمة : شفق نيوز