شفق نيوز/ سلطت شبكة "سي ان ان" الامريكية، يوم الاحد، الضوء على تجربة قيام مواطنين عراقيين، بتصوير مشاهد من العراق لجعل العالم يرى بلدهم وفق رؤيتهم هم، وهي فكرة كان بدأها مصور أمريكي منذ نحو 20 سنة.
وأوضح التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، انه تم توزيع كاميرات تستخدم لمرة واحدة على مواطنين عراقيين لالتقاط الصور حيث رسموا مشاهد متنوعة من الشوارع، ترصد كيفية تغير الحياة في العراق خلال السنوات العشرين منذ الغزو.
العراق بعيون العراقيين
وكان المصور الأمريكي مايكل إيتكوف، خطرت بباله فكرة بعد عام من الغزو الأمريكي، حيث قدم 20 كاميرا تستخدم لمرة واحدة، لمصور صحفي يعمل في العراق، وطلب توزيعها على المواطنين لتصوير مشاهد من الحياة من خلال عيون العراقيين، وما يودون ان يراه الجمهور الامريكي عنهم.
وذكر التقرير أن إيتكوف كرر هذه التجربة الان، وهو كان نشر الصور الملتقطة سابقا في موقع "دايلايت" الذي ينشر القصص المصورة، مشيرا الى ان التجربة الجديدة تظهر عودة الحياة الى طبيعتها رغم الجروح قديمة.
ونقل التقرير عن إيتكوف قوله إنه "في حين تشير المشاهد اليومية من بغداد الى أن الحياة قد تغيرت وتعود الى حياة أكثر سلاما، فإن بعض الصور من الفلوجة والموصل ترسم صورة لجروح مرئية ومدن تركت في حالة يرثى لها".
وتحدثت "سي ان ان" مع العديد من العراقيين الذين التقطوا الصور لهذا العام، حيث اعرب العديد منهم عن رغبتهم في إظهار بلدهم بصورة جديدة.
صورة مختلفة
ومن بين هؤلاء طارق رحيم (50 عاما) الذي قال "اريد ان يكون لدى العام صورة مختلفة عن العراق، بدلا من رؤية مشاهد الدمار والقتل. واريد ان اوجه رسالة الى العالم بان الشعب العراقي يحب السلام ويريد ان يعيش بسلام".
أما عمر نوفل (19 عاما) فقد قال عن صورته لمحل "مرطبات ريم للايس كريم" في الفلوجة، "اذهب دائما الى متجر الايس كريم هذا مع عائلتي واصدقائي. انه مكان جميل بالنسبة لنا للاسترخاء والاستمتاع بوقتنا معا".
كما نشر التقرير صورة التقطها سلام كريم (30 سنة) لرجل يحمل الورود في شارع المتنبي في وسط بغداد. ونشرت صورة اخرى التقطها كريم، لصاحب مقهى الشابندر في بغداد والى جانبه صور خمسة من ابنائه الذين قتلوا بانفجار ارهابي في العام 2007.
وهناك صورة ملتقطة لرجل يعمل كحداد في سوق في مدينة الفلوجة. وقال عمر نوفل "التقطت تلك الصور فقط لكي يرى من يشاهدها بعض زوايا مدينتي، حيث تعكس تلك الصور حقيقة كيفية عمل معظم الناس هنا في وظائف بسيطة، من سائقي سيارات الأجرة إلى الحدادين".
واضاف "هذا تذكير بأن هذه المدينة والمدن الاخرى في العراق بحاجة الى اعادة اعمار بعد أن دمرت خلال الاحتلال".
اطفال العراق
كما نشر التقرير صورة لرقية علي مهدي (5 اعوام) وصديقتها رقية عقيل فريد (8 أعوام) وهما تلهوان بمظلتيهما الجديدتين في زقاق ضيق قديم في بغداد.
ونقل التقرير عن طارق رحيم وهو مصور حرب عسكري متقاعد، ان الطفلتين "كانتا سعيدتين بالمظلات الجديدة إلا أنها لم تمطر في ذلك اليوم".
ونقل التقرير عن رحيم قوله انه كان خارج العراق عندما بدأت الحرب ولم يتمكن من العودة طوال سنوات، مضيفا "كنت قلقا على عائلتي عندما رأيت بلادي تتعرض للقصف بوحشية، وقتل الناس، ودمرت البنية التحتية".
وتابع التقرير ان بغداد هي موطنه، وهو منجذب الى الاماكن التي يمكن أن يشهد فيها جمالها ولطف اهلها، ان "نهر دجلة يمثل الحياة والأمل والجمال في بغداد. وبدون النهر ما كانت بغداد لتكون هناك".
مهن
ومن بين الصور تلك التي التقطها وسام حكمت (50 سنة) لعلي اسعد صباح (30 سنة) الذي بيع المسابح وكتب الصلاة والمصاحف والايات القرانية المطبوعة في متجره منذ العام 2014.
ويقول صباح "أعمل 18 ساعة يوميا من الساعة 6 صباحا حتى 12 ليلا. وخلال أيام الحج التي يتواجد فيها عشرات الآلاف من الحجاج من أنحاء العالم كافة، يظل المتجر مفتوحا طوال 24 ساعة".
أما المصور حكمت فقد قال عن صورة اخرى له انها "تعبر عن استمرار معاناة العراقيين وعدم الاهتمام بأوضاع كبار السن مما يجبرهم على العمل في وظائف بسيطة للغاية من أجل الحصول على الطعام".
وتحدث حكمت الذي يعمل تاجر بقالة، عن المصاعب التي يواجهها شعبه ويقول: "امل ان ينتبه العالم للشعب العراقي ويشعر بمعاناته ويدعمه لاستعادة سلامته واستقلاله بشكل كامل لينعم بالأمن والاستقرار".
وهناك صور اخرى لرجال يعملون على ترميم مبنى تخترقه ثقوب الرصاص بعد ان دمر في معركة الفلوجة الثانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، ولرجل يستريح من العمل مستمتعا باشعة الشمس الى جانب قطته "نوفي" التي اطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى سيارة "شيفروليه نوفا".
وقال المصور سلام كريم "ارى ضحك طفل بريء او رجل عجوز مجهد، ومزاجي يتغير تماما بالتقاط هذا النوع من الصور".
وهناك صورة ايضا لاب يلتقط صورة لابنته على جسر الشهداء فوق نهر دجلة وهو انه المكان الذي يلتقط فيه العراقيون عادة صورا لجمال المدينة من كلا الضفتين.
ونشر التقرير صورة لرجل يحمل البضائع الى سوق تجاري في زقاق ضيق في منطقة الحيدرخانة في بغداد، وقال المصور كريم "انها مهنة والدي الذي قال لي ان هذا الرجل كان مثلي تماما، يعمل على نقل الاشياء من التجار الى العملاء".
يقول كريم انه كان محظوظا لانه ينحدر من عائلة ميسورة، الا انه ذلك لا يعني أن الطفولة في العراق كانت وردية حيث كان يبلغ من العمر 10 سنوات مع بداية الاحتلال الأمريكي، موضحا "تخيل انك في ذروة فترة المراهقة وتخشى الخروج لتعيش حياتك كمراهق، وتشعر بالصدمة لان شخصا ما يحاول قتلك بناء على هويتك من دون معرفة من أنت".
وبالاضافة الى ذلك، نشرت صورة بائع عصير متجول في شارع المتنبي. وصورة ايضا لشارع تجاري مدمر كان مزدحما بالنجارين في منطقة الميدان في الموصل، وتحول الى ساحة معركة مع داعش في المدينة.
ونقل التقرير عن ملتقط الصورة احمد فيصل (22 عاما) وهو عامل بناء، قوله "أجبرت على ترك المدرسة بسبب الظروف السيئة بعد حرب 2017 (ضد داعش)، وكان علي أن أعمل بشكل مستمر".
واضاف انه "برغم تحسن مهاراتي كمصور، فانني لم اتمكن من ايجاد وظيفة تساعدني في تحسين مهاراتي".
ويلفت فيصل إلى أن السنوات العشرين الماضية جلبت عدم الاستقرار الى عائلته وتفرق أفرادها إما بسبب المرض او نقص فرص العمل، واضطر والده إلى العمل في وظائف متعددة لتغطية نفقاتهم.
ترجمة وكالة شفق نيوز