شفق نيوز/ بعد أن أعيتهم مناظر الجثث والركام المتناثر في شوارعهم، ترك عراقيون كثيرون بيوتهم في المناطق التي حُررت من تنظيم داعش المتشدد في الموصل قبل عامين ليعودوا طواعية للعيش في مخيمات النازحين التي كانت تؤويهم أثناء المعارك وبعدها.
واستولى التنظيم المتشدد على مساحات شاسعة من العراق عام 2014 إلى أن هُزم بشكل نهائي في ديسمبر/ كانون الأول 2017. وشهدت محافظة نينوى شمال العراق، لا سيما عاصمتها الموصل والمدينة القديمة، بعضًا من أشرس المعارك.
وقالت نازحة تدعى صبيحة جاسم (61 عامًا)، عادت لتعيش في مخيم حسن شام للنازحين شرق الموصل: ”والله شفت خراب في المدينة القديمة. جميع المنازل والمباني في حالة خراب تام. رأيت في عيني جثثًا. رأيت يد امرأة تسقط من مبنى في المدينة“. بحسب رويترز.
وأضافت: ”رأيت مثل هذه المشاهد، بينما كنت سأحضر العلاج الطبي من المدينة القديمة إلى الجانب الأيسر من المدينة. رأينا مشاهد مروعة، لم يكن هناك ماء شرب، كنا عطشانين، وكان الحاج (زوجي) وقد عذبني حقًا عندما نقلته إلى الطبيب، مكثت هناك في الموصل لمدة ستة أشهر، وقضيتهم في معاناة، لذلك قررت العودة إلى مخيم اللاجئين، أقلها أكلنا بلاش (طعامنا مجانًا)“.
وفي مخيم حسن شام وحده، عادت أكثر من 200 أُسرة مثل عائلة صبيحة هذا العام بعد عودتها في البداية إلى بيوتها، وقال مسؤولون محليون إن كثيرين فعلوا ذلك لكنهم رفضوا تقديم إحصائية بعدد العائدين.
ولا تزال جثث القتلى والمباني المهدمة منتشرة بعد مرور عامين على تحرير الموصل، وفي المقابل توفر مخيمات النازحين لقاطنيها الأمن وحياة مريحة نسبيًا.
وتقول نائبة مدير مخيم حسن شام للنازحين، ماهاباد عبد الباقي (27 عامًا): ”الناس عم تفضل تعيش في المخيم بدلًا من البقاء في الموصل، لأنهم يقولون إن هناك أمنًا في المخيم، بالإضافة إلى وسائل المعيشة المتوفرة في المخيم أكثر من مدينة الموصل، هناك منظمات إنسانية توفر للنازحين ضرورات المعيشة بالإضافة إلى الأمن والاستقرار هنا“.
وتقول الحكومة العراقية إنها تحتاج ما يصل إلى مئة مليار دولار لإعادة بناء الموصل لكن مسؤولين محليين يقولون إنها لم تفعل ما يكفي.
وقال علي خضير أحمد، عضو مجلس محافظة نينوى: ”الدوائر الحكومية تعاني من نقص الخدمات، والمواطن يعاني أيضًا، كل شيء في محافظة نينوى غير طبيعي، يرى الناس فقط المظهر وليس جوهره، إذا كانت الحياة طبيعية في المحافظة، فلا أعتقد أن المواطن يغادر منزله أو مدينته. وأنا أعلم جيدًا أن المواطن في الموصل يحب مدينته كروحه، لكن الناس تتخلى عن أرواحها بسبب سوء المعيشة“.
ولا يعيش في مخيمات النازحين الفقراء فقط، لكن العراقيين الذين كانوا ذات يوم من الأثرياء يجدون أنفسهم عائدين للمخيمات بحثًا عن حياة أفضل أيضًا.
من هؤلاء نازحة تدعى عائشة أحمد تقول: ”زوجي صائغ، كنا أغنياء، لكن بسبب الظروف الحالية، انقلبت الأمور رأسًا على عقب، لذا اضطررت للعودة إلى مخيم اللاجئين لأنني لا أملك مصدر رزق، عندما استلمت سلة الطعام، اعتدت على بيعها بمبلغ عشرة آلاف دينار عراقي (8 دولارات)، وكذلك بيع الطحين (الدقيق) من أجل شراء الضروريات الأخرى“.
وأضافت عائشة: ”رجعت للموصل، رأيت جثثًا ودمارًا. كما تعلمون تركت الحرب المدينة في حالة خراب. خزانات المياه في منزلي تضررت، منزلي بحاجة إلى إعادة تأهيل بالكامل، وليس لدي مصدر رزق ولا أحد يساعدنا لا من الحكومة ولا من الخيرين، وحتى الأغنياء أصبحوا فقراء في مثل هذه الظروف، لم أرَ المساعدة، لذلك رجعت ع المخيم“.