شفق نيوز/ يتجول في سيارة الأجرة ليل نهار باحثا عن لقمة عيش له ولزوجته وأولاده الستة فهو المعيل الوحيد لهم، ويعاني من حالة صحية غير مستقرة إثر تعرضه للجلطة. في الليل يعود حاملا معه من الأجرة ما يكفي العائلة ليوم أو يومين، هذه العائلة الايزيدية التي تسكن بشبه بيت مترهل غير مكتمل الأبواب والشبابيك ومغطى بأغطية خفيفة فقط لوقايتهم من الأمطار شتاء والحر صيفا
المخاوف ما زالت موجودة
يصف فاضل جندي، 49 سنة، حياته الآن في العراق بأنها "قليلة المخاطر وأكثر أمانا من السابق" لخروج "داعش" من مدينة سنجار، مركز قضاء غرب محافظة نينوى شمال العراق، ذات الأغلبية الايزيدية، لكنه يقول إن "المخاوف ما زالت موجودة بسبب ما رأيناه من داعش وخوفنا من عودته مرة أخرى".
يستذكر فاضل ما فعله "داعش" بالايزيديين في سنجار وقتلهم لاثنين من بنات أخيه وكيف نزحت العائلة إلى محافظة دهوك، شمال غرب العراق، تحديدا مجمع شاريا المخصص للنازحين الايزيديين ليسكنوا بمخيمات قبل سكنهم ببيتهم المترهل الحالي العائد لأحد الأصدقاء، قائلا: "حالتنا كانت مزرية جدا نتلقى المساعدات من منظمات إنسانية، الآن توقفت هذه المساعدات ولم نتلق أي دعم حكومي سابقا أو حاليا".
بين تركيا والعراق
قصة أخرى لحيدر رحيم 24 عاما والذي يسكن حاليا مع عائلته في تركيا، يعمل حلاقا في صالون حلاقة للرجال لإعالة نفسه والعائلة، يذهب إلى العراق على قدر حاجته لمعاملات رسمية: "نتمنى العودة إلى العراق إذا كان خاليا من الجهات المسلحة".
تعرض حيدر وعائلته عندما كانوا في العراق إلى تهديدات وابتزازات جعلته يغامر بحياته بالهجرة غير الشرعية إلى ألمانيا بعد عدة محاولات فاشلة ليدخل الأراضي الألمانية سنة 2015، طالبا للجوء متنقلا من مخيم إلى آخر.
يقول حيدر "حدث انفجار لتجمع انتخابي لأحد الأحزاب، كان التجمع قرب بيتنا في بغداد ما أدى إلى هدم البيت وإصابة الوالد بشلل نصفي إلى حد هذه اللحظة"، يتابع "رفعت دعوة قضائية للمطالبة بالتعويض لكننا تعرضنا إلى تهديدات وخطفوا أخي الصغير وضربوه دون المطالبة بفدية فقط لرفع الدعوة بعد هذه الضغوطات رفعت الدعوة وعشنا أياما من الرعب والخوف".
سافر حيدر وعائلته إلى تركيا ليترك العائلة ويلجأ إلى ألمانيا مستذكرا الحياة هناك قائلا: "في البداية واجهت صعوبات للتدفق الكبير للاجئين في المخيمات وحاولت عكس الصورة غير الصحيحة التي كانت تبثها بعض الوسائل الإعلامية عن اللاجئين بتعلم اللغة الألمانية للتعايش مع المجتمع ونقل الصورة الصحيحة لنا".
لكن حيدر لم يحصل على اللجوء لرفض طلبه دون معرفة السبب لتنقطع المعونات المادية ويتم ترحيله إلى العراق، قائلا: "لم أستلم أي معونة مادية من الحكومة الألمانية بعد رفض طلب اللجوء ولم يشملني برنامج الحكومة لترحيل اللاجئين"، مضيفا "عدت إلى العراق بداية 2017 على نفقة أحد الأصدقاء بقيت أياما معدودة لأعود إلى تركيا حيث تواجد العائلة ونستقر فيها إلى الآن".
يقول حيدر: "حاولت عدة مرات الرجوع إلى ألمانيا لأن المعيشة صعبة في تركيا وعدم توفر الأمان في العراق لتواجد الجهات المسلحة المتنفذة في البلاد"، داعيا الحكومة الألمانية "بدراسة طلب اللاجئين جيدا والتدقيق فيها لوجود المظلومين منهم"، بحسب حيدر.
التهديدات مستمرة
مصطفى عبد الرحمن، 20 سنة، يقول "لجأت إلى ألمانيا لتعرضي إلى التهديد من أحدى الجهات المسلحة المعروفة في العراق بقيت لمدة سنة ونصف لاستقر حاليا في إقليم كوردستان وتحديدا في أربيل لكن التهديدات مستمرة".
يتحدث مصطفى معنا بصعوبة بالغة لتأخر وبطء نطقه في الكلام لتعرضه إلى انفجارين في بغداد لكنه يصر على إيصال صوته وقصته كلاجئ يبحث عن الأمان والاستقرار.
يقول مصطفى: "يعمل أخي الكبير مترجما لدى الأمريكان فتم تهديدنا من أحدى الجهات المسلحة للمطالبة بأخي لكنه سافر إلى الولايات المتحدة وبقيت أنا الشاب الوحيد في العائلة"، يتابع "هذه الجهة قامت بتهديدي بالسجن لإجبار أخي على العودة لذلك سافرت إلى تركيا كان عمري 17 عاما، بقيت عدة أيام، من هناك بدأت رحلتي إلى ألمانيا".
لجأ مصطفى إلى ألمانيا عن طريق الهجرة غير الشرعية سنة 2015، قدم طلبا للجوء خلاصا من هذه التهديدات باحثا عن الأمان لكن رحلته لم تكن أيضا خالية من التهديد.
عن ذلك يتحدث "تأخرت أوراق طلبي للجوء دون معرفة السبب ولم استطع إكمال الاجراءات لتعرضي للملاحقة والتهديد"، يتابع "حدثت مشكلة مع أحد اللاجئين في المخيمات كان مدمنا على المخدرات فاشتكيت عليه في المحكمة ليسجن ستة أشهر وبعد خروجه هددني بالملاحقة لأعود إلى العراق سنة 2016".
يقول مصطفى: "تكفلت الحكومة الألمانية بتكاليف السفر مع إعطائي مبلغ من المال بالمقابل خسرت مستقبلي لأني ضيعت سنة من عمري ودراستي دون الحصول على اللجوء"، يتابع "أعيش الآن مع العائلة في أربيل لأنها أكثر أمانا من بقية المناطق في العراق و أعمل حاليا عاملا في مطعم كما أدرس إدارة أعمال".
يتحدث مصطفى عن الصعوبات التي تواجهه حاليا في العراق، قائلا: "وجود المجموعات المسلحة وعدم توفر فرص العمل تزيد من الحياة صعوبة"، يضيف "أفكر بطلب اللجوء مرة أخرى لألمانيا لأني سمعت من أحد الأصدقاء الشخص الذي هددني هناك تم ترحيله إلى بلاده"، داعيا الحكومة العراقية "احتضان الطاقات الشبابية وفتح فرص العمل لهم".
من رحم هذه المعاناة لجأ فاضل إلى ألمانيا سنة 2015. وعن ذلك يتحدث "لجأت إلى ألمانيا باحثا عن الأمان وحقوق الإنسان سكنت بمخيمات للاجئين تلقيت مساعدات من منظمات ألمانية وتمت معالجتي لتدهور حالتي الصحية"، يتابع "كنت سأحصل على اللجوء لولا مناشدة عائلتي بالعودة إلى العراق بأسرع وقت لازدراء حالتهم المعيشية لأني المعيل الوحيد لهم".
يقول فاضل: "عدت إلى العراق سنة 2016، تكفلت الحكومة الألمانية بتكاليف السفر وإعطائي مبلغا من المال وعلاج يكفي لمدة ثلاثة أشهر"، مشيرا إلى أنه "أصيب بخيبة أمل كبيرة لأن العائلة لو كانت معه في ألمانيا لما عاد للعراق"، بحسب قوله.
يعيش فاضل الآن في العراق معتمدا على سيارة الأجرة يصف المستقبل بالمجهول ويتحدث "لا مستقبل في العراق نعيش هنا على قدر لقمة العيش وإلى الآن سنجار لم تعمر بيتنا هناك مهدم نتمنى تعمير المدينة لنعود إلى منطقتنا"، مضيفا أنه "يريد العودة مرة أخرى إلى ألمانيا لطلب اللجوء لكن مع العائلة"، مطالبا "الحكومة العراقية بإعادة تعمير البلاد وتوفير فرص العمل حتى لا يلجأ الكثير من العراقيين خصوصا الشباب بطلب اللجوء إلى الدول الأوروبية“.
dw