شفق نيوز/ سلطت قناة "ايه بي سي-4" الامريكية الضوء على تجربة سيدة عراقية كانت عانت من التمييز في المجتمع الأمريكي قبل سنوات طويلة، لكنها حولت تجربتها إلى فرصة ساهمت في تغيير أوضاع العديد من النساء المهاجرات وتحسين اندماجهن، وجعلها تحتل شهرة على مستوى العالم.
وذكرت القناة التلفزيونية في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ أن سميرة هارنيش انتقلت من موطنها العراق في العام 1979 الى ولاية يوتا الأمريكية لدراسة الهندسة في جامعة المدينة، وبدأت تشعر بالعزلة والتمييز ضدها.
وكانت هارنيش وصلت الى يوتا بعد وقت قصير من بداية أزمة احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران من قبل مجموعة من الطلاب الإيرانيين، وهي حادثة أثارت الكثير من ردود الفعل العنيفة ضد الإيرانيين والمهاجرين في الولايات المتحدة، مما تسبب في شعور هارنيش بالخوف في موطنها الجديد.
ونقل التقرير عن هارنيش قولها "دفعني الطلاب الآخرون بعيدا وقالوا لي: ايرانية! ، اذهبي الى بلدك... لقد كان الأمر مدمرا بالنسبة لي".
وخلال تلك الأيام الاولى من تواجدها في الولايات المتحدة، سعت هارنيش إلى إيجاد شخص بإمكانها الوثوق به والتحدث معه حول وضعها، لكنها لم تتمكن من الحصول على المساعدة التي كانت تسعى إليها، ولهذا فإنها بعد 30 عاما، قامت بتأسيس منظمة "نساء العالم"، وهي منظمة غير ربحية تعمل من أجل مساعدة النساء اللاجئات والمهاجرات.
ومن خلال قيامها بذلك، أصبحت هارنيش هي بمثابة الدعم الذي لطالما تمنت الحصول عليه.
ونقل التقرير عن المهاجرة العراقية سجى عباس قولها "في الماضي، شعرت بخوف شديد من الولايات المتحدة، لانني لم اكن اعرف اي شخص بخلاف زوجي واولادي".
وانتقلت سجى عباس من العراق الى يوتا من تركيا. وتقول سجى "لم يكن لدي أي شخص آخر من عائلتي هنا. عندما ارى سميرة هارنيش، يبدو الأمر وكأنما هي أمي هنا".
وتابع التقرير؛ انه خلال السنوات الخمس الاولى من حياة سجى عباس في يوتا، لم تكن تعرف اللغة الانكليزية، لذلك لم تكن تشعر بالارتياح لمغادرة منزلها واضطرت إلى طلب مساعدة زوجها في اشياء كثيرة. لكنها بعد أن انخرطت مع منظمة "نساء العالم"، أصبحت تتقن اللغة الانكليزية واجتازت اختبار الجنسية الامريكية الرسمي، كما أنها نالت ايضا شهادات في الترجمة الطبية، على أمل أن تصبح ممرضة لاحقا.
وتقول سجى عباس " فخورة بنفسي لانني فعلت كل هذه الاشياء، وهذا لأن منظمة نساء العالم ساعدتني".
واشار التقرير؛ الى انه برغم ان منظمة "نساء العالم" كانت مصدرا لدعم عدد كبير من النساء الأخريات مثل سجى عباس، إلا أن المنظمة كانت بدأت صغيرة، وكانت عبارة عن حلم فقط بالاضافة الى الارادة الحديدية لسميرة هارنيش.
بعد الانتهاء من دراستها في جامعة يوتا، انتقلت سميرة هارنيش الى مدينة بويز في ولاية ايداهو، للعمل كمهندسة في شركة "ميكرون تكنولوجي"، ثم عادت الى يوتا بعد ان انتقلت وظيفة زوجها الى الولاية مجددا. لكن سميرة هارنيش بعد استقالتها من منصبها، بدأت بالتطوع كمترجمة طبية في المستشفيات المحلية، بالإضافة إلى العمل مع وكالات تعمل في مجال إعادة التوطين، وهي من خلال هذا العمل، صارت مدركة أكثر لوجود جانب كبير للاحتياجات داخل مجتمع النساء اللاجئات في ولاية يوتا.
وتقول سميرة هارنيش إن "النساء اللواتي يأتين الى بلدنا لديهن احتياجات لا يتوفر لها التمويل الكافي، لأن وكالة اعادة التوطين تقول: لنتأكد من حصول زوجك على وظيفة والتحاق أطفالك بالمدرسة، وعندما يتوفر لدينا الوقت، سنأتي إليك".
وتابع التقرير؛ أن هارنيش بعدما خضعت لدورات في الادارة غير الربحية من مدارس محلية، بذلت جهودا كبيرة لملء هذا المجال من الحاجات، واسست "نساء العالم" في العام 2009.
تستعيد هارنيش تلك الفترة قائلة؛ إنه "خلال السنوات السبع الأولى، كانت سيارة (من طراز) هوندا بايلوت، هي بمثابة مكتبي، حيث كنت اتجول في يوتا واساعد النساء من جميع أنحاء العالم".
ولفت التقرير؛ إلى أن تكريس هارنيش نفسها لهذا النوع من النشاطات الانسانية، لم يصبح هدفا مع عودتها الى يوتا، وأنها في الواقع كانت تقوم فعليا بتحقيق حلم منذ طفولتها.
وتقول هارنيش "كنت في العاشرة من عمري، اعيش في العراق، عندما كنت افكر دائما أنني سأساعد النساء في الشرق الاوسط يوما ما"، مضيفة "نرى اخواننا يحصلون دائما على فرص عظيمة، لكن ذلك لا يتوفر للنساء برغم اننا ندرس مثل الرجال، لكننا لا نحصل على وظائف مثلهم".
والآن بعدما ساهمت في توظيف 34 امرأة بمساعدة من منظمة "نساء العالم" في العام 2020، تعتبر هارنيش أنها تقوم بدورها لتغيير هذا الظلم.
وأوضح التقرير؛ أن نشاط هارنيش لم يمر مرور الكرام، ففي العام 2013، حصلت "نساء العالم" على جائزة مدينة سولت ليك لحقوق الإنسان، وفي العام 2018، تم تكريم هارنيش دوليا عندما تم اختيارها كمرشح نهائي إقليمي من امريكا لجائزة نانسن المرموقة، التي تمنحها الأمم المتحدة لخدماتها المتميزة للاجئين.
وختم التقرير بالقول إن منظمة "نساء العالم" ستحتفل هذا العام بعامها الـ12، بالاضافة الى تكريم أكثر من 20 لاجئة خطوا خطوات واسعة في المجتمع المحلي من خلال احتفال سنوي يقام في 4 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وقالت هارنيش "هذا الحدث هو لحظة تساهم في تغيير الحياة. هؤلاء النساء عاملات جديات من أجل الازدهار في ولايتنا".
في فيديو للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اعد لمناسبة ترشيحها لجائزة اللاجئين في العام 2018، تقول هارنيش "ارى نفسي في هؤلاء النسوة، وابتساماتهن الجميلة وصلواتهن الصادقة تساعدني على الاستمرار".
وفي الفيديو نفسه، تقول فستين موكيشيمانا، وهي لاجئة من بوروندي أعيد توطينها في أمريكا، "بالنسبة لي، سميرة هي بمثابة ملاك".