شفق نيوز/ فاطمة علي، كانت في سنتها الدراسية الاخيرة في الجامعة تتخصص في الطب، عندما فرض العراق اغلاقا شاملا في آذار/مارس الماضي، فالتزمت منزلها واضطرت إلى أن تمضي أياما على المواقع الإلكترونية تبحث عما يمكن لها القيام به لتستفيد من وقتها.
ثم خطرت ببالها فكرة استوحتها من زيارة لها الى الولايات المتحدة ضمن برنامج تبادل طلابي قبل ستة أعوام، حيث زارت ولاية فيرمونت وهناك أتيحت لها فرصة زيارة مصنع للأجبان حيث كانت تعرض على صفائح خشبية بطريقة جذابة لدرجة أنها كانت تبدو كاللوحات المرسومة.
وقالت فاطمة علي (22 سنة)، "احببتها.. وقلت لنفسي لماذا لا اكون الاولى التي تقوم بذلك في بغداد؟". وخاضت فاطمة لدورة تدريبية عبر الانترنت و أجرت ابحاثها حول الاجبان والاطباق الخشبية المتاحة في العاصمة العراقية.
وبعد شهور، كان فاطمة قد نجحت في تسويق أطباق الجبنة الخشبية، محققة إيرادات صغيرة لكن مستمرة واصبح لديها أكثر من ألفي متابع على "انستغرام".
وهناك عدد متزايد من النساء العراقيات اللواتي يستغلن قيود الوباء لإقامة مشروعاتهن الخاصة، وهي تساعدهن على تجنب التمييز والتحرش التي يتسبب بها عملهن في مجتمعات محافظة تهيمن عليها الذكورية، ويحققن في الوقت نفسه مداخيل مالية اضافية في ظل الوضع الاقتصادي السيء.
وجلست فاطمة علي في مطبخها تقطع الجبنة وترتبها في الأطباق الخشبية الى جانب الفواكه المجففة والمكسرات. ترغب فاطمة في الالتحاق بمدرسة للطهي في الخارج وان تفتح يوما ما مدرسة في العراق لهؤلاء الذين لديهم شغف بالطهي مثلها.
تقول فاطمة "إنها البداية فقط. ما زلت اطور نفسي". على بلوزة ترتديها هناك شعار "عليك أن تحب نفسك أولا"، بحسب تحقيق لوكالة "أسوشيتدبرس"، وترجمته وكالة شفق نيوز.
العراقية روان الزبيدي، شريكة في منظمة لا تبتغي الربح مهمتها دعم أصحاب المشاريع المبتدئين والشباب، وتقول إن هناك زيادة ملحوظة في الأعمال التي تنفذ من المنازل منذ ان بدأ الوباء، بما في ذلك نسوة يقمن بتسليم الطعام، والحلويات والحلي ومشغولات الحياكة والتطريز.
وقالت الزبيدي ان ذلك "يمثل حلا للعقبات التي تواجهها العراقيات عندما يحاولن ايجاد عمل" مشيرة الى نساء لا يسمح لهن ازواجهن او آبائهن بالعمل، وزملاء ذكور غير متعاونين، وظاهرة التمييز والافتقار الى فرص الارتقاء المهني. واشارت الى ان بعض النساء لا يتمكن من العمل لان عائلاتهم تعتبر في بعض الاحيان ان تعاملهن مع الرجال يجلب العار.
وبحسب احصاءات الامم المتحدة، فان حجم القوة العاملة بين النساء في العراق منخفضة، ففي العام 2018 كانت المرأة تمثل 12.3 % فقط من حجم القوة العاملة، او يبحثن عن وظيفة.
وتقول تمارا أمير التي تدير صفحة على "فيسبوك" لتعليم النساء بحقوقهن، انها تتلقى العشرات من الاتصالات يوميا من نسوة يواجهن تحرشات جنسية في العمل. وغالبا، ما يشرن أنهن اضطررن إلى إعطاء رب العمل الذكر "شيئا ما مقابل" حصولهن على الوظيفة.
ومن جهتها، تقول مريم خازارجيان (31 سنة)، وهي عراقية أرمنية، انها تعمل مسؤولة مساعدة في شركة هندسية منذ سبعة أعوام. استقالت في أواخر العام 2018، بعدما شعرت ان مسيرتها المهنية لا تقودها الى اي مكان، ثم بدأت بإنشاء عملها الخاص من المنزل، حيث راحت تبيع اكسسوارات يدوية الصنع، مستوحاة من اسلافها.
واطلقت خازارجيان على مشروعها اسم "خزر، وهي التعبير الارمني لفن تقطيع الحديد والخشب، مع شعار "ارتد قصة"، باعتبار ان اكسسوارات "خزر" تستند على رواية قصص وخلق مشاعر وتواصل مع الزبائن.
وكانت بداية المشروع بطيئة بسبب حصول معوقات شتتها. لكن ظهور وباء كورونا اجبرها على التركيز والعمل على تصاميم جديدة وتقنيات خلال فترات حظر التجول. وادى لجوئها إلى البيع "اونلاين" على رواج اكسسواراتها وانطلاق العمل بشكل لم تكن تتصوره.
وقالت خازارجيان ان "الاونلاين أصبح الوسيلة الوحيدة للوصول الى الزبائن، وهو اصبح أكثر اخلاصا وثقة بهذا بفني، لانهم يشترون شيئا لم يجربوه". وأضافت "كورونا رهيب، لكن بالنسبة الى الذين استفادوا من الانترنت وأقاموا علاقات اتصال مع الزبائن، فقد كان لذلك جانب ايجابي".
العراقية سارة النداوي (23 سنة) درست عمل إدارة الأعمال، لكنها حاولت العثور على وظيفة طوال شهور. وقالت "يوما ما، ارسلت سيرتي المهنية الى شركة، وارسلوا لي رسالة يسألون فيها اذا ما كنت جميلة او ارتدي الحجاب ام لا". ومن شركة اخرى تقدمت اليها بطلب توظيف، جاءها اتصال للحصول على معلومات اضافية عنها، ثم قال لها ان صوتها جميل، وطلب منها ارسال صورة لها.
والان، تحاول سارة اقامة عمل خاص بها من المنزل، يتمثل بخدمة تقديم الطعام من المنزل، لكنها تفتقر الى رأس المال الكافي. وتقول سارة "احتاج الى العمل اولا لجمع ما يكفي من المال".