شفق نيوز/ اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن زيارة البابا فرانسيس إلى العراق في الشهر المقبل، فانه بذلك يحقق حلمه الخاص وحلم من سبقه من باباوات الفاتيكان الذي أملوا أن تطأ أقدامهم الأرض التي شهدت ولادة النبي ابراهيم، وكانت مهد المسيحية.
والى جانب زيارته الرعوية الى مسيحيي العراق، فان البابا يسعى ايضا الى الانخراط مع المسلمين في زيارة حج باسم السلام، متبعا شعار رحلته العراقية "كلكم أخوة" والحمامة التي تطير فوق نهري دجلة والفرات مع علمي العراق والفاتيكان.
وزير الناس
وسيكون البابا بمثابة وزير باسم الناس، مسيحيين ومسلمين، الذين غالبا ما تجاهلهم الزعماء لخوض حروب مزعزعة للاستقرار، وقد تكون زيارة البابا مؤشرا نادرا على الوحدة في بلد اشتهر كثيرا في انقساماته.
ولم يسافر البابا مغادرا الفاتيكان منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بسبب وباء كورونا، لكنه سيأتي الى العراق ما بين الثالث والخامس من مارس/آذار، وسيلتقي الرئيس العراقي برهم صالح في بغداد ثم يلتقي اية الله السيد علي السيستاني في النجف، ثم الى مكان ولادة النبي ابراهيم في أور، ثم سيزور سهل نينوى ليشاهد بأم العين المكان الذي ارتكب فيه داعش ابادة ضد المسيحيين والايزيديين، وهما طائفتان ما زال يواجههما مصير مجهول.
دماء على يدي اوباما
وهناك مقولة بين المسيحيين في العراق بأن "بوش لديه دماء على يديه بسبب الطريقة التي دخل بها، لكن أوباما لديه دماء على يديه بسبب الطريقة التي خرج بها".
ويروي المحامي الاميركي ستيفن راش في كتابه الصادر العام 2020، "المفقودون، المصير المأساوي للمسيحيين في الشرق الاوسط"كيف أنه قبل الغزو في العام 2003، عاش ما بين 1.3 مليون و1.5 مليون مسيحي في العراق، وخلال الفوضى التي تلت ذلك، انخفض هذا العدد الى نحو 500 ألف إنسان، قبل ظهور داعش، فيما نزح مئات الالاف كلاجئين والاف قتلوا على ايدي الاسلاميين.
وفي اذار/ مارس 2016، اعلن وزير الخارجية الأميركي وقتها جون كيري ان ابادة تعرض لها المسيحيون، وبحسب تقديرات عديدة فان اقل من 250 ألف مسيحي ما زالوا في البلد حاليا.
وقتل قادة المسيحيين وعذبوا وخطفوا وتعرضت دور العبادة المسيحية والاديرة الى الحرق المتعمد والتدمير. والمسيحيون الباقون يقولون انه تتم معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية، ويبحثون احتمال المغادرة.
وثيقة الأخوة
والان برغم الهجوم الصاروخي على اربيل والعملية الانتحارية المزدوجة في بغداد وتفشي وباء كورونا ودخول العراق "المرحلة الأكثر خطورة" بجائحة كورونا، فان ما سيقوم به البابا لم يقوم به اي زعيم للفاتيكان من قبل.
وعندما سئل مؤخرا عن السبب الذي يدعوه الى القيام بهذه الزيارة المثيرة للتساؤلات، قال البابا إنه يقوم بها من اجل الناس الذي يعانون.
وذكرت المجلة بزيارة البابا في العام 2019 الى دولة الامارات، وهي الزيارة الأولى من نوعها الى شبه الجزيرة العربية، وقع هناك مع إمام الأزهر أحمد الطيب، وثيقة "الاخوة الانسانية" من اجل السلام والعيش المشترك، والتي وصفت من قبل زعماء العالم بانها وثيقة تاريخية. ونددت الوثيقة بالإرهاب وسفك الدماء والحروب وشددت على التعايش.
واشارت المجلة الى ان توقيع السيد على السيستاني على وثيقة "الاخوة الانسانية" ما زال محل تكهنات، لكن جدولة لقاء بين البابا والسيستاني، شكل تقدما كبيرا بالنسبة الى العلاقات الشيعية - السنية والاسلامية-المسيحية في البلد.
على خطى القديس
ومنذ إعلانه عن الزيارة العراقية، فان الكثير من الشكوك أثيرت حول الحكمة من القيام بجولة كهذه خوفا على سلامته الشخصية والمجازفة بتجمعات كبيرة كهذه في ظل الوباء.
لكن على خطى القديس فرنسيس الأسيزي الذي خاطر بحياته في ذروة الحملات الصليبية في القرن الثالث عشر وسافر الى مصر حيث التقى السلطان الأيوبي الكامل الأيوبي، داعيا الى السلام بين المسيحيين والمسلمين، فإن البابا فرانسيس مصمم على تسليط الضوء على جذور الأديان الابراهيمية الثلاث والتي نسيها كثيرون، خاصة في الغرب، والتي جعلت حياتهم أكثر صعوبة.
ويقول البابا انه من المهم بالنسبة الى العراقيين ان يروا أن البابا موجود هناك في بلدهم.
ترجمة: وكالة شفق نيوز