شفق نيوز/ سلطت شبكة "CNN" الأمريكية الضوء على العام المقبل 2024 والذي سيشهد حدثاً مهماً حيث ستجري فيه انتخابات في عدة دول يشارك فيها نصف تعداد البشرية لاختيار ممثليهم في البرلمانات والحكومات والرئاسات، داعية إلى ضرورة "التنبه" لنتائج صناديق الاقتراع التي من المعتقد أنها قد تتسبب بـ"صدمات".
وأشارت الشبكة الأمريكية في التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أنه ما من شيء يشبه ما يمكن أن نتوقعه في العام 2024، لافتة إلى أنه من خلال انتخابات جرت في العامين الماضيين، فقد ظهرت أنماط "مخيفة" في بعض الأحيان، وأصبح في كل قارة، من السهل على الناخبين أن يرفضوا ببساطة الفلسفات الليبرالية القديمة مقابل الوعود البراقة التي يطرحها المتطرفون، غالباً من اليمين المتطرف الشعبوي.
انتخابات بنغلاديش
وفي حين لفت التقرير إلى أن احتمالات حدوث تغيير جذري، تتزايد، قال إن العام 2024 يبدأ بانتخابات مهمة في بنغلاديش في كانون الثاني/ يناير المقبل، حيث كانت تجري تظاهرات معارضة أثارها الحزب الوطني الذي يعتبر الحزب المعارض الأبرز، والذي تم سجن أو نفي كبار قادته، حيث أن الحزب هدد بمقاطعة الانتخابات ما لم تستقل رئيسة الوزراء الشيخة حسينة وتسلم السلطة لحكومة مؤقتة قبل الانتخابات العامة، لكن من المرجح أن تستمر حسينة بحكمها الذي دام 15 عاماً.
باكستان وإندونيسيا
وتابع التقرير أن الدولتين الإسلاميتين الأكثر اكتظاظاً بالسكان، وهما باكستان وإندونيسيا، ستجريان في شباط/ فبراير المقبل، انتخابات بفارق أسبوع من بعضها البعض.
وأضاف التقرير أن باكستان ستجري أول انتخابات عامة منذ الإطاحة برئيس الوزراء السابق عمران خان الذي يتمتع بشعبية كبيرة، بسبب اتهامات تتعلق بالفساد، وهي اتهامات ينفيها خان، لافتاً إلى أنه برغم أن خان ليس مرشحاً إلا أنه ما يزال القوة الدافعة وراء حزبه.
أما إندونيسيا، فقد قال التقرير إنها ستنظم أكبر انتخابات في العالم في يوم واحد، موضحاً أنها تضم أكثر من 200 مليون ناخب، بالإضافة إلى 1.75 مليون إندونيسي في الخارج، لكن من غير المرجح أن يتمكن الناخبون من الحد من قبضة رجال الأعمال الأثرياء والنخب العسكرية على السلطة.
جنوب أفريقيا
وبالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى الانتخابات في جنوب أفريقيا والتي وصفها بأنها ربما تكون الانتخابات الأكثر أهمية في القارة، خصوصاً في مرحلة ما بعد نيلسون مانديلا، مضيفاً أنه عندما توجه مواطنو جنوب أفريقيا إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات البلدية قبل عامين، فقد فاز حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي كان يتزعمه مانديلا، بأقل من 50% من الأصوات للمرة الأولى، حيث كان الناخبون يشعرون بالقلق إزاء حالة الفوضى والفساد من حكم الحزب الممتد منذ 30 على السلطة.
وتابع التقرير أنه في حال تواصل هذا النمط التراجعي خلال الانتخابات العامة لعام 2024، فإنها سوف تكون لحظة حاسمة في التاريخ السياسي لجنوب أفريقيا.
الانتخابات الأوروبية
أما فيما يتعلق بأوروبا، فقد ذكر التقرير أنه سوف تكون هناك 9 انتخابات برلمانية، فيما سيشكل أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومات المنبثقة عنها، إيجاد شركاء في الائتلافات لتشكيل الأغلبية.
البرتغال
ولفت التقرير في هذا الإطار إلى الانتخابات المبكرة في البرتغال في آذار/ مارس المقبل، حيث تفتح صناديق الاقتراع بعد تحقيق حول الفساد تسبب في طرد رئيس الوزراء الاشتراكي في البلاد بعد 8 سنوات في منصبه، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى حدوث تحول باتجاه حزب تشيجا (كفى) اليميني المتطرف.
النمسا وبريطانيا
كما أن قوى اليمين تستعد لتحقيق مكاسب كبيرة في الانتخابات النمساوية المقررة في الخريف المقبل، وهناك أيضاً الانتخابات العامة في بريطانيا التي يجب أن تتم قبل حلول نهاية كانون الثاني/ يناير 2025، حيث من المتوقع مشاهدة الناخبين البريطانيين يتجهون على الأرجح إلى صناديق الاقتراع في نهاية العام 2024، ومن الممكن أن نشهد على عودة حزب العمال إلى السلطة بعد 14 سنة من حكم المحافظين.
المكسيك
أما في أمريكا اللاتينية، فقد ذكر التقرر أنه من المقرر أن تتولى المكسيك أول سيدة رئيسة لها، حيث هناك مرشحتان للحزبين الرئيسيين في انتخابات مقررة في حزيران/ يونيو المقبل، فيما تحتل المخدرات والجريمة والهجرة إلى الولايات المتحدة رأس الأجندة السياسية.
فنزويلا
وفي الوقت نفسه، قال التقرير إن الزعيم الفنزويلي نيكولاس مادورو، يسعى إلى الحصول على تفويض جديد، بما في ذلك معركة حدودية مع غويانا المجاورة حول حقوق النفط.
تايوان
وإلى جانب ذلك، تحدث التقرير الأمريكي عن 5 منافسات انتخابية مثيرة بشكل خاص تستحق أن يتم تسليط الضوء عليها، أولها تايوان في 13 كانون الثاني/ يناير المقبل، موضحاً أن المخاطر عالية في وقت يتصاعد فيه التوتر بين بكين وتايبيه، حيث تستمر واشنطن بالتعهد بضمان الديمقراطية في تايوان.
وأوضح التقرير أنه في ظل وجود 3 مرشحين للرئاسة، فإن المرشح الأوفر حظاً هو من الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم، لاي تشينغ-تي، والذي هو بمثابة "لعنة" بالنسبة للصين بسبب تعهداته بمواصلة الدفاع الحازم عن سيادة الجزيرة، الذي حددته الرئيسة الحالية تساي انغ وين.
وفي المقابل، فإن المرشح هو يو-ايه، من حزب الكومينتانغ المعارض، الذي يأتي في المرتبة الثانية، فإنه يسعى إلى إجراء محادثات مع بكين، بينما يطرح المرشح الثالث كو وين جي، من حزب الشعب التايواني، التوصل إلى أرضية وسطية أقرب إلى المصالحة.
واعتبر التقرير أنه في حال وافق الناخبون على هذا الوضع القائم حالياً، فإنه من المتوقع أن تصعد بكين ضغوطها، مذكّراً بأن الموقف الصيني الرسمي بعد انهيار مفاوضات الوحدة بين أحزاب المعارضة التايوانية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، يتلخص بأن "الاختيار هو بين الحرب والسلام".
روسيا
وفيما يتعلق بروسيا، فقد ذكر التقرير أنه ليس هناك شك في حصول فلاديمير بوتين على منصب الرئيس مدى الحياة في حملة إعادة انتخابه في 17 آذار/ مارس المقبل، فيما سيكون قد بلغ من العمر 78 عاماً مع نهاية فترة ولايته، متجاوزاً الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين كأطول فترة حكم لحاكم روسي منذ الإمبراطورة كاترين العظيمة.
وتابع التقرير أن بوتين "لا يترك سوى القليل للصدفة، وأنه حتى الآن، يبدو أن لديه خصماً واحداً معتمداً رسمياً، وهو رجل الأعمال أليكسي نيتشاييف، مختص بمجال مستحضرات التجميل، والذي تصادف أنه عضو في ائتلاف بوتين السياسي، أي (الجبهة الشعبية لعموم روسيا)".
وأضاف أنه من الممكن أن تكون هناك فوضى مثلما جرى في أنحاء روسيا في الانتخابات الرئاسية لعام 2018، وذلك على الرغم من هروب مئات الآلاف من الأصوات المناهضة لبوتين إلى الخارج أثناء غزو أوكرانيا.
واعتبر التقرير أنه في ظل وجود احتمال حقيقي بأن تكون الانتخابات الأخيرة للرئيس الروسي، بالنظر إلى سنه، فإن بوتين بعدما صار أكثر جرأة، بإمكانه تركيز أنظاره بعد الانتخابات نحو القيام بجهد أكبر وأكثر زعزعة للاستقرار لإعادة بناء الإمبراطورية السوفييتية، ما يعني أنه لا ينبغي استبعاد احتمال خطر المواجهة المباشرة مع حلف "الناتو".
الهند
وفيما يتعلق بالهند التي وصفها التقرير بأنها أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، فإنها تبدو عند مفترق طرق في انتخابات نيسان/ أبريل، وأيار/ مايو المقبلين، حيث أن تحويل أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان من ديمقراطية نابضة بالحياة إلى دولة قومية هندوسية تقترب من الثيوقراطية، يمثل الرهان بالنسبة للهند في هذه الانتخابات.
وأوضح التقرير أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي ركز في فترة ولايته الأولى على ترسيخ القومية الهندوسية، على الرغم من أن هناك 200 مليون مسلم و28 مليون مسيحي في الهند، في ظل مخاوف من أن يؤيد فوز مودي المتوقع إلى السماح له بإكمال ما يعتبره عاملاً أساسياً في مهمته.
وذكر التقرير أن مودي يعتزم في الشهر المقبل، افتتاح معبد هندوسي كبير، يقوم على أنقاض موقع مسجد قديم، فيما يعبر عن تأكيد رمزي على هيمنة مودي وكل الهندوس في الهند.
وتساءل التقرير الأمريكي عن كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الهند التي تعتبر محورية بالنسبة للعالم النامي وأيضاً هي شريك تجاري مهم، وتشكل ثقلاً موازناً لباكستان، وتميل في الوقت نفسه نحو روسيا والصين، وتعتبر بمثابة حصن إستراتيجي ضد التوسع الصيني الجامح في المحيط الهادئ.
البرلمان الأوروبي
وحول البرلمان الأوروبي الذي سيشهد انتخابات من 6 إلى 9 حزيران/ يونيو المقبل، قال التقرير إنها ستكون "لحظة حاسمة بالنسبة لمستقبل أوروبا، حيث يعقد البرلمان الأوروبي أول انتخابات له منذ انسحاب بريطانيا؛ فيما توقع أحدهم حدوث فوضى كبيرة".
وأوضح التقرير أن أساسات التأرجح الواسع نحو اليمين تجري منذ سنوات، ومن المؤكد أنها ستتطور طوال خلال العام 2023، حيث يمكن للمحافظين والإصلاحيين الأوروبيين اليمينيين، تولي موقع ثالث أكبر الكتل في البرلمان الأوروبي الجديد، حيث من المحتمل أن تؤدي مثل هذه الكتلة من اليمينيين والمتشككين في أوروبا، إلى إلقاء الرمال في المحركات المرتبطة ببرامج الاتحاد الأوروبي المعتدلة ودعم الميول نحو اليمين في الداخل في دول رائدة مثل ألمانيا وفرنسا.
الولايات المتحدة الأمريكية
أما حول الولايات المتحدة، فقد ذكر التقرير أنه حتى لو لم يتم انتخاب دونالد ترامب كرئيس، فإن الانتخابات والحملة الانتخابية في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، من الممكن أن تمزق نسيج الديمقراطية الأمريكية، مضيفاً أنه في حال تم انتخاب ترامب، فقد يكون لذلك تداعيات مضاعفة على مساحات واسعة من العالم.
وتساءل التقرير كيف سيبدو حلف "الناتو" في حال انسحاب ترامب منه؟، لافتاً أيضاً إلى موقف الطغاة والديكتاتوريين المحتملين الذين وجه لهم ترامب كلمات رقيقة.
وذكّر التقرير بأن ترامب خلال حملة انتخابية السبت الماضي، نقل عن بوتين وصفه للرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن بأنه "تهديد للديمقراطية"، كما أشاد ترامب بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون وبرئيس الوزراء القومي المتشدد في المجر فيكتور أوربان.
كما أشار التقرير إلى أن ترامب تعهد بالفعل بزيارة رئيس الأرجنتين اليميني المتطرف الجديد خافيير مايلي، الذي اقترح استبدال عملة البيزو بالدولار الأمريكي.
وختم التقرير بالقول إن الوضع الذي سيكون عليه العالم بعد عام من الآن، سيتحدد من خلال توجه مليارات الناخبين، أو تجنبهم، لصناديق الاقتراع بمستويات متفاوتة من الحرية والشفافية، كما سيتحدد من خلال السياسيين الذين سيبرهنون إلى أي درجة يحترمون الاختيارات التي اتخذتها شعوبهم، معرباً عن الأمل بأن "يفكروا بحرص ويصوتوا بحكمة".
ترجمة وكالة شفق نيوز