شفق نيوز/ في إطار حرب امريكا ضد تنظيم داعش، الدولة في العراق وفي إطار محاولاتها لانقاذ العملية السياسية في العراق، التقى ممثل الرئيس الأمريكي في التحالف الدولي ”بريت ماكغورك” في بغداد كل من رئيس جمهوريته فؤاد معصوم، ورئيس وزرائه حيدر العبادي، ورئيس مجلس نوابه الدكتور سليم الجبوري. وتفيد هذه المعلومات أيضاً بأن لقاء “بريت ماكغورك” مع المسؤولين العراقيين قد تم كلِّ على حدا.
وتشير هذه المعلومات إلى أن ”بريت ماكغورك” ركّز في لقائه مع المسؤولين العراقيين على مسألتين في غاية الأهمية بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الأولى: الإصلاحات، إذ شدد على أهمية أن يسير العراق قُدمًا في الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إذ تعتبر هذه الإصلاحات لجهة مخرجًا حقيقيا لأزمات العراق المتعددة والتي يعاني منها منذ عام 2003م ومن جهة أخرى تقوي من جبهة التحالف الدولي في محاربة تنظيم الدولة “داعش”. الثانية: الفساد، فقد أبلغ “بريت ماكغورك” المسؤولين العراقيين مدى انزعاج وامتعاض الإدارة الأمريكية من الفساد المستشري في كل مفاصل النظام السياسي العراقي. كما أبلغ”بريت ماكغورك” في لقائه مع رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم ورئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، بأن نائب الرئيس الأمريكي “جو بايدن” سيلتقي في العاشر من الشهر الجاري في دولة الإمارات، بموظفي الإدارة الأمريكية المعنيين بالشأن العراقي، وسيركز نائب الرئيس في هذا اللقاء على التدخل العسكري الروسي في سوريا، وعلى تأثير الحشد الشعبي في المشهد العراقي، كما سيتم التطرق في اللقاء إلى استعدادات الولايات المتحدة الأمريكية لمعركة الموصل، كما سيخصص في هذا اللقاء مساعدات مالية مشروطة للعراق تُقدر بعشر مليارات دولار أمريكي، إذ ستصرف هذه المساعدات في حال الشروع بشكل فعلي في تطبيق الإصلاحات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في العراق. من المتعارف عليه عندما يلتقي أي مسؤول في الإدارة الأمريكية مع أي مسؤول عراقي، فما يبديه ذلك المسؤول الأمريكي من امتعاض وانزعاج في اللقاء من السياسات العراقية سواء كانت تلك السياسات داخلية أو خارجية ليس مردها لتقديراته الشخصية، بقدر ما تكون تعبيراً عن موقف بلاده إزاء تلك السياسات. فامتعاض الذي نقله “بريت ماكغورك” إلى المسؤولين العراقيين عن حالة الفساد المستشرية في العراق وعدم رضا الإدارة الأمريكية عليه يمكن نستشفها من خلال عدم زيارة نائب الرئيس الأمريكي “جو بايدن” للعراق، فهذا النائب بدأ يوم السبت الماضي بجولة في عدد من دول الشرق الأوسط إذ سيلتقي بالملك عبدالله الثاني في عمّان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو في القدس، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله، كما إنه سيزور دولة الإمارات العربية المتحدة. وتجدر الإشارة هنا إن هذه الزيارة هي الثالثة من نوعها لنائب الرئيس الأمريكي “جو بايدن” للشرق الأوسط التي لم يزر بها العراق، على الرغم من قيادة بلاده للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش ووجود قوات أمريكية على أرض العراق. هذا التجاهل في عدم زيارته من قبل نائب رئيس الأمريكي “جو بايدن” ما هو إلا دليل واضح على مدى انزعاج الولايات المتحدة الأمريكية من العملية السياسة في العراق والتي رعتها منذ عام 2003م، لكنها انحرفت كثيرًا عن مسار السياسة الأمريكية. وترى واشنطن ان العراق أصبح خاضعا بشكل كامل للنفوذ الإيراني ويدار بشكل أو بآخر من قبل حلفائها من الفصائل الشيعية. نخلص بالقول، أن الرسالة التي أراد أن يوصلها”بريت ماكغورك” في لقائه مع رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم ورئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري أن التحدي الحقيقي الذي يواجه العراق لا يكمن فقط في القضاء على تنظيم داعش، وإنما التحدي الحقيقي يبدأ في مرحلة عراق ما بعد داعش، عراق يتحقق على أرضه نوع من الأمن الأوسع نطاقًا والاستقرار السياسي والاقتصادي. من المؤكد أن القضاء على داعش في المناطق السنّية بغربي العراق ضرورة حيوية، لكن مجرد هزيمته لن يحدث فرقًا، إذا لم يكن ذلك جزءًا من جهد أوسع للتوصل إلى علاقة سياسية واقتصادية مستقرة بين مكونات الطائفية والإثنية في العراق “السُنة والشيعة والعرب والكورد”، وتوفير الأمن لهم جميعًا، وإيجاد بنية من الحوكمة يشعر العراقيون جميعًا أنها تخدم اهتماماتهم الأساسية، ووضع العراق على سكة التعافي الاقتصادي الأوسع نطاقًا، ثم السير في اتجاه التنمية الشاملة. بتصرف شفق نيوز وحدة الدراسات العراقية مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية