شفق نيوز/ مع حلول فصل الصيف الساخن في العراق، تجددت مطالب الموظفين والعاملين في القطاع الخاص والعمال والكسبة الذين يعملون في الشوارع ويتعرضون لأشعة الشمس مباشرة، بتخفيض فترات العمل من 8 إلى 6 ساعات يومياً خلال الأشهر الثلاثة الأشد سخونة حزيران/ يونيو، وتموز/ يوليو، وآب/ أغسطس، لتجنب الآثار الصحية لارتفاع درجات الحرارة التي تتخطى نصف درجة الغليان.
ويتذمر العامل مصطفى علي (23 عاماً) من محافظة بابل، من ساعات العمل الطويلة تحت أشعة الشمس في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي قد تعرضه لضربة الشمس والجفاف، فضلاً عن التعب والإرهاق نتيجة الطقس اللاهب، مشيراً إلى أن "العامل العراقي منسي ولا يوجد اهتمام حكومي به".
ويشدد علي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، على أهمية "تفعيل القوانين وإصدار توصيات للاهتمام بالعامل العراقي ووضع ضوابط على القطاع الخاص، منها تقليص ساعات الدوام كما في دول العالم وبأجور كاملة".
وهذا ما يؤكد عليه أيضاً نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، رحيم الغانمي، حول عدم وجود اهتمام بالعامل العراقي، مطالباً بـ"تخفيض ساعات العمل اليومية من 8 إلى 6 ساعات خلال أشهر حزيران، وتموز، وآب".
ويقارن الغانمي في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "العامل الآسيوي في السعودية على سبيل المثال يحال إلى التقاعد بعمر 57 عاماً وله مكافأة نهاية الخدمة، أما في العراق فإن المتقاعد يجب بلوغه سن 63 عاماً ليحال إلى التقاعد ومنحه الضمان الاجتماعي بعد إصابته بالأمراض المزمنة".
ويضيف "كما أن العديد من دول العالم تبعث كل عام مجموعة من شريحة الكسبة والعمال وأصحاب الدخل المحدود إلى السعودية لأداء مناسك الحج، لكن العامل العراقي بعيد عن كل هذه الامتيازات".
ويشير إلى أن "العامل الأجنبي في الإمارات على سبيل المثال يعمل لحد الساعة 12:30 ظهراً، رغم أن العراق أشد حراً من الإمارات، ففي العراق تصل الحرارة إلى 52 درجة مئوية، أما في الإمارات فهي لا تتجاوز 45 درجة مئوية".
يذكر أن العديد من المحافظات العراقية تقرر تعطيل الدوام الرسمي أو تقليص ساعات العمل عند تخطي درجة الحرارة عتبة الـ50 درجة مئوية، فيما تطلق شركات نفطية عاملة في الجنوب تحذيرات لموظفيها من التعرّض المباشر لأشعة الشمس كما حصل عام 2023.
حيث رفعت شركات نفطية في محافظة البصرة العام الماضي "الراية البنفسجية" فوق منشآت شركة مصافي الجنوب وحقول الرميلة بعد تسجيل ارتفاع لدرجات الحرارة تجاوزت الـ52 درجة مئوية، وتشير الراية إلى الأشعة فوق البنفسجية القصيرة وهي الأشد خطراً على الإنسان إذ تؤدي إلى الإصابة بضربة الشمس وتعمل على قتل الخلايا الحية في الجسم.
ويؤكد مدير إعلام هيئة الأنواء الجوية العراقية، عامر الجابري، أن "من المتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة خلال موسم الصيف 50 درجة مئوية، وقد تصل إلى 52 درجة مئوية كما حصل في العام المنصرم".
ويضيف الجابري لوكالة شفق نيوز، أن "البلاد تشهد مرحلة المنخفضات الجوية الحرارية وفي ظل هذه المنخفضات تختلف درجات الحرارة ما بين ارتفاع وانخفاض".
وسجلت المناطق الشمالية اليوم درجات حرارة تراوحت - بحسب الجابري - ما بين 38 إلى 43 درجة مئوية، والمنطقة الوسطى ما بين 44 إلى 46 درجة مئوية، والمنطقة الجنوبية ما بين 45 إلى 46 درجة مئوية، أما بغداد فقد سجلت 45 درجة مئوية، وأعلى درجة حرارة سجلت في ميسان وذي قار والبصرة والمثنى وبابل وكانت 46 درجة مئوية.
وعن قانون العطل، يوضح الخبير القانوني، علي التميمي، أنه "لا يوجد نص في قانون العطلات الرسمية 110 لسنة 1972 الذي عدل قبل أيام ما يتيح تعطيل الدوام بسبب برودة أو حرارة الجو، لكن درجت الحكومات المتعاقبة على مثل هذا الإجراء الوقائي عند وصول الحرارة إلى 50 درجة مئوية".
ويبيّن التميمي لوكالة شفق نيوز، أن "البرلمان العراقي لم يتطرق إلى هذه المسألة عندما عدل هذا القانون، كما لم يحدد متى تمنح عطلة حرارة الجو وبأي درجة حرارة، وكذلك نسبة الدوام في شهر رمضان، لكن في كثير من الدول يتم تعطيل الدوام بدرجة 35، في حين تصل الحرارة في العراق إلى 52 درجة وأكثر".
جدير بالذكر أن لتقليص ساعات العمل فوائد ذكرها مركز البحوث البريطاني Autonomy، الذي أعد تقريراً مفصلاً عن نتائج تجربتين كبيرتين لتقليص ساعات العمل أجريتا في ريكيافيك عاصمة آيسلندا، بدأتا عامي 2015 و2017 اشترك فيهما 2500 من العاملين (عمال وموظفون) في آيسلندا. تضمنت إحداهما تقليص ساعات العمل إلى 35 ساعة في الأسبوع أو 36 ساعة مع الاحتفاظ بنفس المرتب.
وخلال هذه التجربة التي استمرت خمس سنوات تم تقييم جميع الإيجابيات والسلبيات الحاصلة من تقليص ساعات العمل.
ويشير الباحثون، إلى أنهم لم يجدوا أي سلبيات في هذه العملية. فالعمال مرتاحون جداً، وإنتاجية العمل لم تنخفض أبداً في جميع أماكن العمل، بل بالعكس ازدادت في بعضها.
وقد أكدت هذه النتائج مقترح نقابات العمال في آيسلندا بشأن تخفيض ساعات العمل بصورة دائمة. وحالياً 86 بالمئة من العاملين في آيسلندا يعملون أقل من 40 ساعة في الأسبوع، أو يحق لهم ذلك.
كما تجدر الإشارة إلى ما كشفه بحث جديد عن النتائج الإيجابية من تخفيض أيام العمل من 5 إلى 4 أسبوعياً، خصوصاً مع فصل الصيف، وهو ما تطبقه آيسلندا ونيوزيلندا واليابان.
ويقول خبراء في الموارد البشرية إن العمل لأربعة أيام فقط خلال موسم واحد، بمثابة استراتيجية جديدة تزيد من فاعلية الموظف، فساعات العمل الطويلة تضر بصحة الموظفين العقلية والجسدية.