شفق نيوز/ سلط "معهد الشرق الأوسط" الأمريكي، الضوء على حملة الهجمات الصاروخية التي نفذتها إيران في كانون الثاني/يناير الماضي، مستهدفة أربيل بالإضافة إلى سوريا وباكستان، وفيما رأى أن دوافع تلك الهجمات خارجية وداخلية خصوصا لاسترضاء مؤيدي النظام، أكد أن الهجوم على إقليم كوردستان، ألحق الضرر بالمكانة السياسية لطهران في العراق.
وشنت إيران على مدى يومين، في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، وفي ظل استمرار الحرب في غزة، سلسلة من الهجمات الصاروخية المفاجئة على جيرانها المباشرين، العراق وسوريا وباكستان، وكان الدافع وراء ذلك مجموعة من العوامل المحلية والإقليمية، بحسب ما ذكره المعهد الأمريكي، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز.
وذكر التقرير، أن هذه الهجمات تظهر أن إيران تضع قضية بقاء النظام فوق المصلحة الوطنية في حسابات سياستها الخارجية، وهو ما من شأنه أن يقوض جهودها لخلق تضامن وعلاقات جيدة مع الدول الأخرى التي تقطنها غالبية مسلمة.
ورغم التبريرات التي قدمها المسؤولون في طهران، إلا أن بالإمكان أن تنسب الهجمات الإيرانية على أربيل وعلى مدينة إدلب السورية إلى دوافع محلية بشكل أساسي، لا سيما أن النظام الإيراني يواجه ضغوطاً كبيرة من مؤيديه الذين طالبوا بالانتقام في الأشهر الأخيرة، وهو بذلك استجاب لهذه الدعوات، وفقاً لمعهد الشرق الأوسط.
وأشار تقرير المعهد الأمريكي، إلى أن استهداف إسرائيل للأصول الإيرانية داخل سوريا، بما في ذلك اغتيال كبار المستشارين الإيرانيين العاملين هناك في الأسابيع الماضية، أدى إلى زيادة الضغط على مصداقية نظام طهران وهيبته بين قاعدته الشعبية المتشددة، حيث كان النظام قد تعهد مراراً بالانتقام، إلا أنه لم يكن قد نفذ تهديده بشكل ملموس، إلا بعد أن شن الهجمات على أربيل وإدلب.
واعتبر التقرير؛ أن ايران رأت ان الهجمات الصاروخية ضرورية من أجل استرضاء مؤيديها قبل انتخابات مجلس الخبراء في الاول من اذار/مارس، خصوصا في ظل إحباطهم من امتناع إيران عن مواجهة اسرائيل او الولايات المتحدة بشكل مباشر.
واضاف التقرير انه من المحتمل ان النظام الايراني استخدم هذه الهجمات الصاروخية من تشجيع مؤيديه المحبطين، ودفعهم الى الخروج والمشاركة في الإدلاء بأصواتهم، وسط مخاوف من تكرار نسبة المشاركة المنخفضة تاريخيا التي شهدتها الانتخابات الاخيرة.
لكن التقرير، لفت إلى المنظور الاستراتيجي لهذه الخطوة، قائلا إن إيران ربما تكون قد سعت أيضاً إلى توجيه تحذير لأعدائها من خلال استعراض قدرات أنظمتها الصاروخية، التي استهدفت مواقع بعيدة لمسافة 1200 كلم".
وأشار إلى أن إيران ومن خلال اختيار أهداف في إقليم كوردستان وفي سوريا، فإنها من المرجح أنها قد أجرت حساباتها لكي تحمل ضرباتها الانتقامية الحد الأدنى من المخاطر وتجنب وقوع عواقب وخيمة.
وبحسب المعهد الأمريكي، فإن المرجح هو أن تستمر إيران بتفضيل خيار العمليات التي ينظر إليها على أنها آمنة وتنطوي على خطر محدود لإثارة رد فعل قوي أو ما يقود إلى تصعيد نحو حرب، مرجحاً أيضاً وقوع هجمات مشابهة مستقبلاً، خاصة في حال واجهت طهران ضغوطا محلية ودولية متزايدة.
ووفق ردود الفعل الصادرة من العراق الذي هو بمثابة بلد ينظر إليه على أنه مؤيد لإيران، فإنه من الممكن أن تؤدي الهجمات الصاروخية الإيرانية غير المبررة، إلى تدهور في العلاقات مع جيرانها بشدة.
وبحسب التقرير، ففي حال لم تكن الهجمات الإيرانية التي تسببت في مقتل مدنيين في أربيل، بمثابة نقطة تحول في العلاقات الثنائية، فإنها من المؤكد أضرت بالمكانة السياسية لطهران في العراق.
وبالإجمال، بين تقرير معهد الشرق الأوسط الأمريكي، أن سلسلة الهجمات الصاروخية المفاجئة التي نفذتها إيران ضد جيرانها المباشرين، وخاصة تلك التي استهدفت العراق وباكستان، تقدم رؤيتين مهمتين على الأقل، أولاً، أنها تكشف كيف أن تصرفات إيران، خصوصاً فيماً يتعلق بسياق حرب غزة، دوافعها مرتبطة بمخاوف بالنظام بشأن صورته واستقراره في عيون مؤيديه المحليين والإقليميين، الذين يشعرون بالإحباط.
وتابع التقرير الأمريكي، أن هذا الإحباط مرده أن التفاوت ما بين خطاب إيران المتحمس حول "المقاومة" وفشلها الواضح في مواجهة إسرائيل أو الولايات المتحدة بشكل مباشر، خصوصاً بعد أن قامت الأخيرتان باغتيال شخصيات مهمة مؤيدة لإيران في أنحاء المنطقة منذ 7 اكتوبر/تشرين الأول.
وبالاضافة الى ذلك، ذكر التقرير أن مثل هذه الخطوات الإيرانية تتخذ بتجاهل للمخاطر والتكاليف الدبلوماسية والسياسية الأخرى، وحتى إشراك الأصدقاء الذين تعتبرهم طهران مهمين لأمنها الجيوسياسي، وهذه التطورات تشير إلى أن السياسة الخارجية لإيران تعطي بوضوح مصالح النظام الأولوية، على حساب المصالح الوطنية.
ولهذا، رأى التقرير أن من الضروري النظر إلى ما هو أبعد من المبررات الرسمية التي قدمتها طهران، والتي لم يتم التشكيك فيها إلا بشكل محدود، مضيفاً انه بينما تلقى رواية إيران عن محاربة الإرهاب قبولاً لدى البعض في العالم الغربي وخارجه، إلا أن الاهتمام بنقاط الضعف وانعدام الأمن لدى النظام الإيراني أمر لا يمكن تجنبه لأجل القيام بتحليل رصين لسلوكه وأفعاله الخارجية.
وثانياً، وجد التقرير، أنها نقطة مرتبطة بالأولى، فالضربات الصاروخية، تمثل تحدياً كبيراً لصورة إيران لنفسها كدولة تحافظ على الاستقرار وتتعايش بسلام مع جيرانها المسلمين، مشيراً إلى أنها في نظر جيرانها أصبحت طرفاً أقل جدارة بالثقة ويشكل مخاطر عدة، حيث تبدو على استعداد للقيام بالمزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة غارقة فعلياً في الحرب والاضطرابات، في حال أملت مصالح نظامها ذلك.
ترجمة: وكالة شفق نيوز