شفق نيوز/ أثار ظهور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بصورة شخصية مع محافظي كربلاء والبصرة وواسط، أثناء الزيارة الأربعينية والإشادة بدورهم في الزيارة، الكثير من الجدل السياسي، فيما اذا كان الأطراف الأربعة اتفقوا على الدخول بقائمة واحدة في الانتخابات النيابية المقبلة، أو مجرد لقاء عابر.

ومنذ فوز قوائم المحافظين أسعد العيداني (البصرة)، محمد جميل المياحي (واسط) ونصيف الخطابي (كربلاء) بأغلبية مقاعد مجالس المحافظات، وهيمنتهم على الحكومات المحلية ومجالسها، بات هؤلاء الثلاثة يمثلون قوى سياسية شيعية "متقدمة"، ومحل خطر حقيقي على نفوذ قوى الإطار التنسيقي "التقليدية".

وسعت بعض قيادات التنسيقي، قبيل تشكيل مجالس المحافظات الثلاثة، إلى منع وصول هؤلاء المحافظين إلى مناصبهم، خوفاً من أن يحققوا الأرقام الكبيرة ذاتها من نسب الفوز في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

لكن رئيس الوزراء الحالي، واصل الدفع باتجاه التجديد لفترة ولايتهم للمرة الثانية في منصب المحافظ، نظراً للنتائج التي حققتها قوائمهم في الانتخابات المحلية، وفق مراقبين.

 

صورة بـ"ألف كلمة"

في هذا الصدد، قال المحلل السياسي، سيف سعدي، لوكالة شفق نيوز، إن "هذه الصورة التي ظهر فيها السوداني مع محافظي البصرة وكربلاء وواسط لطالما اثارت الجدل، وهناك مثل صيني يقول: (الصورة تعادل الف كلمة) وهي لا تحتاج إلى دلالات كلامية للتعبير عن محتواها، اذا ما اتينا للتحليل السيميائي لها، نجد أن لها أبعاد ممكن ان تتدخل في التحالفات الانتخابية المقبلة، لا سيما واننا نتحدث عن الدورة النيابية السادسة".

وأكد سعدي، أن "هناك إمكانية كبيرة لتحالف السوداني مع محافظي كربلاء وواسط والبصرة على اعتبار أن الثلاثي حقق أغلبية ساحقة في الانتخابات المحلية السابقة التي على اثرها نتائجهم تم تشكيل حكومات محلية في تلك المحافظات".

ورأى أن السوداني وبعد الخلاف الكبير والواضح مع نوري المالكي، حول آلية قانون الانتخابات وآلية اختيار رئيس مجلس النواب، لان اختيار رئيس مجلس النواب بالضرورة أن يصطف مع هذا الطرف ضد الطرف الآخر، قد يكون السبب الكافي لمغادرة الإطار نحو التحالف مع "المحافظين الفائزين بأعلى الأصوات".

ورجح السعدي، أن تكون هذه بداية انطلاقة لتحالف انتخابي ما بين السوداني والمحافظين الثلاثة، فضلا عن دخول معادلة جديدة وهي معادلة التيار الصدري وهو ليس بمعزل عن انتخابات الدورة النيابية السادسة، فالبتالي هذا يشكل تحديا للإطار التنسيقي"، مستدركاً: "نتحدث عن مقاعد سيتقاسمها التيار الصدري، ممكن لا يقل عن 50 مقعداً أو يزيد عن هذا، والمالكي كذلك، والسوداني كذلك الذي يريد 55 مقعداً فما فوق".

وتابع: المشهد الانتخابي المقبل سيكون صعبا جدا في ظل هذه المعادلات والكم التنافسي، فضلا عن وجود جهات ربما تمتلك جناحين مسلح وسياسي، ايضا تريد الدخول إلى الانتخابات والتنافس فيها، وبالتالي كل طرف يرى أن الطرف الثاني سيأكل من جرفه الانتخابي، وهذا يعد بمثابة تحدي حقيقي".

وبين أن "ظهور السوداني مع المحافظين الثلاثة بصورة واحدة، سيكون له وقع، وسوف يكون بداية تحالف انتخابي مع المحافظين الثلاثة، لأن رئيس الوزراء يراهن على الوزن الصوتي المتحقق في الانتخابات المحلية الماضية وهو يريد مع حسم موضوعة العاصمة بغداد وقضية الجسور فيها التي يسعى لتسويقها على أنها منجز، وهذه أمور جميعها ربما تستقطب الناخبين، ونجد أن هناك الكثير يتغنى بهذا الموضوع وبالتالي هو يريد أن يحسم بغداد، ومن ثم الانطلاق إلى المحافظات التي يراها مرتكزاً انتخابياً داعماً له".

 

صورة طبيعية

من جانبه، رأى المحلل السياسي أحمد الياسري، خلال حديث للوكالة، أن "الصورة التي ظهر فيها السوداني مع المحافظين الثلاثة أمر طبيعي"، لافتاً إلى أن "الانقسام الذي حصل في الإطار التنسيقي والذي كان أحد ركائزه هو السوداني، كون الاخير يسعى لإنشاء مشروعه السياسي في الفترة المقبلة، وهذا واضح من دعوة زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، لمرتين من اجل انتخابات مبكرة لوجود شعور داخل كتلة دولة القانون بان السوداني يسعى لتصدير نفسه على انه رجل المرحلة ويستغل حالة الفراغ القيادية بالوسائط الشيعية، خصوصاً بعد انسحاب الصدريين، وتأثيرات انسحابهم ليس على مستوى القواعد او التيارات فقط، لكن على مستوى القيادة ايضا وعززوا فكرة غياب القيادة في المكون الشيعي".

واوضح الياسري، أن "الصورة طبيعية، لأن هؤلاء محافظين وهو رئيس وزراء، ولكن الرجل أسس تياراً سياسياً ويعمل حاليا على النزول في الانتخابات النيابية المقبلة، وهو يحاول استقطاب شخصيات من الوسط السياسي لأجل خلق تيار وسطي يمزج به بين الشخصيات الإسلامية والعلمانية".

ولفت، إلى ان " السوداني يركز حالياً على فكرة العمل وبكل الأحوال سيحاول ألّا يخطأ خطأ رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، الذي ركز على فكرة النصر وهزيمة داعش دون أن يطرح مشروعا اقتصاديا او عمرانياً".

 

رسالة مقصودة

من جهته، أشار المحلل السياسي، علاء مصطفى، إلى أن موضوع العفوية بالصورة وانها تمت بطريق الصدفة ليس بصحيح، هذه الأمور محسوبة، وصورة السوداني مع المحافظين الثلاثة رسالة، والرسالة مقصودة في هذا الوقت تحديداً.

وذكر مصطفى في حديثه لوكالة شفق نيوز: "لو تعمقنا في الأحداث لوجدنا ان السوداني دعم ترشيح هؤلاء المحافظين وانه سعى لاقناع الإطار بالتجديد لهم، خاصة في موضوعة محافظي البصرة وواسط، ناهيك عن ان لهذه المحافظات حظوة، كونها اتت من خارج سلة الإطار وبالتالي هي الأقرب له لتشكيل تحالفات مستقبلية".

وزاد بالقول: "حينما نراجع المشاريع وحزم المشاريع التي تطلق نرى انها صاحبة اليد الطولى، وخير شاهد ما حدث في حزمة مشاريع محافظة كربلاء التي أطلقت خلال مؤتمر نجاح خطة الزيارة الأربعينية، وهي مشاريع تستغرق من الزمن الكثير لغرض إنجازها، ولكن إعلانها بهذا الشكل وفي هذا الوقت، هو امر واضح بأنها تعبئة انتخابية".

وأضاف مصطفى، أن "رئيس الوزراء يعمل بقوة على بغداد من خلال مشاريع المجسرات، وبالتالي يريد أن يضخم صورته في العاصمة، وفي هذه المحافظات يعتمد على صورة هؤلاء المحافظين الذين صعد نجمهم في الانتخابات المحلية الاخيرة، وبالتالي هو يكسب جولة بغداد وهؤلاء يكسبون المحافظات، لتحقيق غلة انتخابية ترجحه للمنافسة والتجديد لولاية ثانية".

ونوه مصطفى، إلى أن "الإطار حاليا في وضع لا يحسد عليه، لا يريد ارباك الحكومة لانه الذي شكلها، وبالتالي لا يريد أن يثير الرأي العام، وكذلك لا يريد اثارة مشكلات قد توقظ التيار الصدري المنسحب من العملية السياسية وممكن أن توفر له مادة دعائية تسهم في إضعاف الحجم الانتخابي للإطار التنسيقي مستقبلاً، ناهيك عن أن الإطار ليس حزباً واحداً بل هو مجموعة كتل".

وخلص إلى القول: "السوداني أفلح في كسب بعض أدوات الإطار خلال الفترة الماضية، إلا 3 قوى رئيسة فيه وهي في مفترق طرق مع السوداني، وممكن لها ان تطوق او تعالج الوضع بينهم إلا اننا لم نر شيئاً من هذه المعالجات"، مؤكدا أن المحافظين الذين اجتمعوا مع السوداني، ربما سيكون لهم طموح في ترؤس الحكومة المقبلة وبالتالي ينفرط عقد الاتفاق بينهما، وربما سيشكلون (تحالف إنجازات)".