شفق نيوز/ أكثر من ثلاثة عقود مضت وما زالت بعض الأحياء في الجانب الأيمن من الموصل أقرب ما تكون إلى قرى أو مناطق ريفية على الرغم من أنها تقع داخل واحدة من أبرز المدن العراقية ويعود تاريخها إلى ما يزيد على ثلاثة آلاف سنة.
مراسل وكالة شفق نيوز تجول في هذه الأحياء ووثق بعدسته الوضع المزري، حيث لا بنى تحتية ولا شبكات مجاري ولا طرق معبدة تنقذ الأهالي من الطين والوحل كلما أمطرت السماء، كما التقى بعدد من سكناها الذين أعربوا عن استيائهم الشديد من إهمال الحكومات المحلية المتعاقبة، فيما يرى بعضهم أن هناك "تمييزاً مناطقياً" من قبل المسؤولين.
"لا أحد يتذكرنا"
يقول العم أحمد، أحد سكان منطقة "رجم حديد"، في حديثه لمراسلنا، "لا تستغرب مما تراه هنا، فنحن لسنا على قيد الحياة ولن يتذكرنا احد سوى في ايام الانتخابات فقط، وعدنا الكثيرون وجميعهم كذبوا ولا نعلم لمن نقدم شكوانا، وكلما راجعنا الدوائر المعنية قالوا لنا سنقدم الخدمات عند توفر التخصيصات المالية ولم يتغير شيء".
أمراض جلدية
فيما تكشف أم عمار عن مشكلة أخرى تهدد صحة سكان هذه الأحياء وبالأخص الأطفال منهم، حيث تقول "لقد سئمنا من حياتنا، هذه الدور التي نعيش فيها باتت اشبه بالخرائب بسبب عدم وجود شبكات للمجاري ولا تعبيد للطرق ولانرى عجلات البلدية الا نادراً".
وتشير إلى أن الأمراض الجلدية بدأت تتفشى بين الأفطال، مضيفة "بين فترة وأخرى نراجع عيادات أطباء الجلدية بسبب الأمراض التي يصاب بها أطفالنا".
ومضت أم عمار في طريقها إلا أنها وبعد عدة خطوات ألتفت لمراسلنا وقالت "هذه الأراضي استلمناها باستحقاق لان زوجي كان نائب ضابط في الجيش العراقي، ولكن بقدر ما قدم زوجي من تضحيات في المقابل نعيش بهذا الوضع المذل في مناطق لا تصلح لعيش البشر".
"تمييز مناطقي"
أحد المسنين وصف وضعهم ومعاناتهم بجملة قاسية تعبيراً عن استيائه، حيث بدأ كلامه قائلاً "عيشتنا حقيرة. هذا ليس حال منطقتنا فقط انما حال العديد من المناطق بالجانب الأيمن مثل تل الرمان وأطراف حي المأمون وحي التنك ورجم حديد وغيرها".
وتساءل الرجل قائلاً "لو كانت هذه الأحياء في الجانب الأيسر من الموصل هل كانوا سيتركونها مثلما تركونا اليوم؟"، في إشارة إلى أن الخدمات والأوضاع في الجانب الأيسر من المدينة أفضل كونه يضم مقر الحكومة المحلية ومجلس المحافظة قبل حل مجالس المحافظات.
"الموازنة لا تكفي"
معاون محافظ نينوى الدكتور رعد العباسي، يؤكد لشفق نيوز، أن الحكومة المحلية تعلم بالوضع المزري في تلك الأحياء، قائلاً "نحن على دراية بما يعانيه سكان هذه المناطق وقد وضعنا خططاً لتقديم الخدمات لهم لكن الميزانية لا تكفي لشمول جميع أحياء الموصل ولكننا قسمنا الميزانية بما يمكن لتقديم أكبر قدر من الخدمات في الأحياء التي تحدثت عنها".
30 عاماً من المعاناة
لم يختلف كلام الحكومة المحلية عما قاله الأهالي، فالمعاناة مستمرة تسعينيات القرن الماضي، يقول صاحب محل بقالة حين سأله مراسلنا عن وضع الحي الذي يسكنه "أي وضع تقصد حتى الحياة في القرى أرحم بألف مرة من حياتنا هنا ولكن لا بديل لنا ولو كان هنالك من يشتري منازلنا لما بقينا هنا ساعة واحدة".