شفق
نيوز/ سلط موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، الضوء على ظاهرة الرفض من
جانب نشطاء حقوق المرأة والطفل في العراق، إزاء تعديلات على قانون الأحوال
الشخصية، والتي يعتبرون أن من شأنها تكريس الطائفية وتسليم رجال الدين المزيد من
السلطات فيما يتعلق بشؤون الأسرة، وفتح الأبواب أمام تشريع زواج الأطفال بعمر التسع
سنوات.
وأشار
التقرير البريطاني الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن التعديلات على القانون رقم
188 من قانون الأحوال الشخصية للعام 1959، تحظى بتأييد كبير من جانب الإطار
التنسيقي الذي يمثل أكبر كتلة في البرلمان.
محاولة
متعثرة
وبعدما
لفت التقرير إلى أن القراءة الأولى في التعديلات جرت يوم الأحد الماضي، ذكرّ بأن
محاولة متعثرة جرت في 24 تموز/ يوليو الماضي جرى تأجيلها بعد اعتراض بعض الأطراف.
وأشار
التقرير إلى أنه بحسب مشروع القانون، فأنه يتحتم على الزوجين المسلمين، عند إبرام
عقد الزواج، اختيار الطائفة السنية أو الشيعية لتمثيلهما في "جميع شؤون
الأحوال الشخصية".
وتابع
التقرير أن مسودة التعديل المقدمة كما تداولها سياسيون على مواقع التواصل
الاجتماعي، تشير إلى أنه "في حال وقع خلاف بين الزوجين حول المذهب الذي تم
على أساسه عقد الزواج، يعتبر العقد منعقداً على مذهب الزوج، ما لم يقوم الدليل على
خلاف ذلك".
كما
أن المسودة تشير إلى أن شخصيات من "ديوان الوقفين الشيعي والسني" ستقوم
بإتمام الزواج بدلاً من المحاكم، كما أن المشروع يلزم الوقفين الشيعي والسني
بتقديم "مجموعة الأحكام الشرعية" إلى مجلس النواب بعد ستة أشهر من
المصادقة على التعديلات، فيما ينص أيضاً على أن القانون الشيعي سيكون مستنداً إلى
"الفقه الجعفري".
زواج
الأطفال
وتابع
التقرير أنه برغم أن قضية زواج الأطفال لم يتم تناولها بشكل مباشر في التعديلات،
إلا أن الإصدارات السابقة من مشروع القانون كانت أكثر وضوحاً، حيث حذر خبراء
قانونيون من إمكانية السماح به بناء على الفقه الجعفري.
ويلفت
التقرير إلى أن العديد من الزيجات العراقية غير مسجلة ويتم إجراؤها من قبل شخصيات
دينية، مما يجعلها غير قانونية بموجب قانون الأحوال الشخصية العراقي الحالي.
واعتبر
التقرير أن هذه التعديلات من الممكن أن تؤدي إلى إضفاء الشرعية على هذه الزيجات،
والتي بحسب الأمم المتحدة تطال 22% منها، فتيات تحت سن 14 عاماً.
وذكر
التقرير أن الإطار التنسيقي أكد خلال الأسبوع الماضي على أن التعديلات ستعرض على
مجلس النواب، معتبراً أنها دستورية و"لا تتعارض مع ثوابت الشريعة وأسس
الديمقراطية".
منظمات
المجتمع المدني
وبعدما
ذكرّ التقرير بأن النائب رعد المالكي الذي اقترح المشروع رد على الانتقادات بأن
مشروع القانون سيخفض الحد الأدنى لسن الزواج، واصفا إياها بأنها "أكاذيب
افتراها البعض كراهية بتطبيق أحكام شرع الله"، أشار التقرير إلى أن منظمات
حقوق المرأة نفذت تظاهرات ضد مشروع القانون.
ولفت
التقرير إلى أن مجموعة من النشطاء تجمعوا في 28 تموز/ يوليو الماضي، في ساحة
التحرير وسط بغداد، بما في ذلك نشطاء من منظمة حرية المرأة في العراق، تعبيراً عن
معارضتهم لمشروع القانون، حاملين لافتات كتب عليها "انتهى عصر العبيد"
و"لا لزواج القاصرات".
ونقل
التقرير عن رئيسة منظمة حرية المرأة ينار محمد قولها، إن الإطار التنسيقي كان
يحاول دفع هذه القوانين كوسيلة لتشتيت الانتباه عن فشله، بما في ذلك "الفساد
الهائل"، مضيفة أن وسيلتهم "الأكثر فعالية لهذا الإلهاء هي من خلال
ترهيب المرأة العراقية والمجتمع المدني عبر تشريع يجرد المرأة من كل الحقوق التي
اكتسبتها خلال العصر الحديث، ويفرض عليها الشريعة القديمة التي تعتبر المرأة جسداً
للمتعة والتربية، وليس كإنسان يتمتع بحقوق".
وبحسب
ينار محمد، فإن منظمة حرية المرأة في العراق وآخرين يقومون بتشكيل
"ائتلاف" لمحاولة منع تمرير مشروع القانون عبر مجلس النواب والدفاع عن
القانون الحالي.
وبالإضافة
إلى ذلك، ذكر التقرير أن عدداً من النائبات العراقيات، ينتمين إلى فصائل سياسية
مختلفة، شكلن ائتلافاً معارضاً لتعديلات قانون الأحوال الشخصية.
قانون
1959
وأشار
التقرير إلى أن قانون الأحوال الشخصية صدر في العام 1959 في عهد حكومة عبد الكريم
قاسم، وهو قومي يساري أدخل عدداً من الإصلاحات التقدمية، بما في ذلك تعزيز حقوق
المرأة، إلا أنه منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في العام 2003، سعت
الأحزاب السياسية إلى التراجع عن هذه الحقوق.
وتابع
التقرير أن تعديلات سابقة حول مشروع القانون تضمنت أحكاماً تمنع الرجال المسلمين
من الزواج من غير المسلمات، وتشريع "الاغتصاب الزوجي"، ومنع النساء من
مغادرة المنزل من دون إذن أزواجهن.
ورأى
التقرير أن النسخة الجديدة تبدو أقل وضوحاً، إلا أن النشطاء يخشون أن يسمح إقرارها
للسلطات الدينية بإدخال هذه القواعد من خلال قانون الأحوال الشخصية.
ونقل
التقرير عن المديرة التنفيذية لمنصة حقوق المرأة العراقية تمارا أمير، قولها إن
"التغييرات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية سيكون لها تأثير سلبي عميق
على حقوق ورفاهية النساء والأطفال في العراق".
وبحسب
تمارا أمير، فإنه على عكس المحاولات السابقة لتمرير الإصلاحات، فإنه من المعتقد أن
الحكومة الحالية، بقيادة عضو الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني، ستتمكن هذه
المرة من تمريرها، على الرغم من "انقسام" المجتمع حول هذه القضية.
وأوضحت
أن من شأن ذلك، أن "يزيد من ترسيخ عدم المساواة بين الجنسين ويعرض الأفراد
الضعفاء لخطر أكبر"، مضيفة "نحث صناع السياسة على رفض هذه المقترحات
والتركيز بدلاً من ذلك على تعزيز حماية النساء والأطفال".
ترجمة
وكالة شفق نيوز