شفق نيوز / كشفت صحيفة بريطانية، اليوم الجمعة، عن تنامي "التشدد الداخلي وصعود الرئيس الشعبوي" دونالد ترامب الى سدة الحكم كان بسبب تداعيات حرب العراق، وفيما حذر مسؤولون أمنيون ومحللون سياسيون من انتشار الإرهاب بسبب هذه الحرب، أكدوا أن الامريكيين يريدون أن تكون حروبهم قصيرة، وأن يحدثوا فرقا إيجابيا.
تجربة كارين كوياتكوفسكي
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ إن "من تداعيات حرب العراق في الداخل الأمريكي تنامي التشدد الداخلي وصعود الرئيس الشعبوي دونالد ترامب الى سدة الحكم في البيت الأبيض".
وأوردت الصحيفة البريطانية تجربة المقدم كارين كوياتكوفسكي التي كانت تعمل في البنتاغون، عندما علمت بـ"وجود قسم جديد سري يسمى مكتب الخطط الخاصة الذي كان مكلفا بإعداد تقارير حول معلومات استخباراتية كانت إدارة الرئيس جورج بوش ترغب بسماعها حول أسلحة الدمار الشامل العراقية"، وشاهدت كوياتكوفسكي ذلك عن كثب وما وصفته بـ"الحرب الكارثية".
ونقل التقرير عن كوياتكوفسكي قولها عن تلك المرحلة انه "كان لدي الإيمان الكبير برؤسائي، وبأنه لا بد انهم هناك لسبب ما وانهم حكماء واقوياء وكل هذه الأمور من نوع القصص الخيالية، الا انني ادركت ان هناك اشخاصا لا يتمتعون بالكفاءة يتواجدون في مناصب كبيرة".
واشار التقرير الى ان "كوياتكوفسكي التي اشتهرت بمواقفها التي تكشف أمور الحرب، اصبحت الان مزارعة وتعمل ايضا استاذة جامعية بدوام جزئي، وتحاول احيانا خوض الترشيح السياسي من خلال التيار الليبرالي داخل الحزب الجمهوري في ولاية فيرجينيا".
وتتحدث كوياتكوفسكي عن "تشاؤمها حول أمور الحرب والسياسة حتى قبل أن يتم تكليفها للعمل في قسم الشرق الأدنى وجنوب آسيا في البنتاغون في العام 2002".
وتلفت كوياتكوفسكي إلى أن "مشاهدتها عن كثب كيفية انقلاب الحكم الأمريكي فاقم من خيبة أملها بشكل كبير".
ونقل التقرير عن كوياتكوفسكي قولها إن "هناك أزمة إيمان في البلد ومثلما هو الوضع دائما، فإنه عندما تكون لديك أزمات الإيمان هذه، فإنك تشاهد القادة الشعبويين، وكان ظهور ترامب يأتي بالتأكيد استجابة لازمة الايمان هذه".
وتابعت المسؤولة الامنية السابقة قائلة انه "سيكون امرا مثيرا للاهتمام ان نرى ما سيحدث بعد ذلك، لأن الأمريكيين ليس لديهم الكثير ليفخروا به".
وأعربت كوياتكوفسكي عن اعتقادها بأن "تجربة حرب العراق قد عززت عند الأمريكيين تشكيكهم السليم بما تخبرهم به المؤسسة (الايستابلاشمنت) الحاكمة، وانما ليس بالقدر الكافي"، موضحة بالقول انها "لو ذهبت الى متجر ووجهت سؤالاً حول اسلحة الدمار الشامل في العراق، فان ثلاثة من كل عشرة أشخاص، وربما أكثر، سيقسمون انه ان كل هذا صحيح، فدعايتنا العامة في هذا البلد جيدة للغاية".
الأمريكيون يريدون حروبا قصيرة
ولفت التقرير الى ان "ارقام استطلاعات الرأي خلال العقدين الماضيين، تشير إلى أن المواقف العامة تجاه السياسة الخارجية الامريكية مستقرة بدرجة ما، وعلى سبيل المثال، فإنه عندما سأل مجلس شيكاغو للشؤون العالمية" الامريكيين عما إذا سيكون من الأفضل لمستقبل البلد المشاركة بنشاط في الشؤون العالمية او اذا بقينا خارج الشؤون العالمية"، فان 71٪ أيدوا النشاط في العام 2002 و وما يزال 64٪ في العام 2021، يدعمون هذا النشاط".
واعتبر التقرير أن "غزو العراق تزامن مع انهيار الثقة العامة بالحكم الأمريكي منذ حرب فيتنام والذي كانت تعافت منه لفترة قصيرة بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر"، مضيفا ان "البيانات الظاهرة في استطلاعات أجراها "مركز بيو" للأبحاث، أن حالة ما بعد العراق أكثر عمقا وديمومة".
ونقل التقرير عن الخبير في استطلاعات الرأي جون زغبي قوله إن "هذه الارقام تقول اولاً وقبل كل شيء للشباب انه من غير الممكن الوثوق بالحكومة"، كما تقول هذه الاستطلاعات ان" الجيش الامريكي ربما يكون الاقوى في العالم، الا ان لديه حدود وليس بإمكانه فرض إرادته حتى على الدول الأصغر".
وأضاف زغبي أن "الأمريكيين سيذهبون الى الحرب، الا انهم يريدون ان تكون حروبهم قصيرة، ويريدون من هذه الحروب أن يحدثوا فرقا إيجابيا".
ونقل التقرير عن كولين رولي التي كانت تعمل لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي اي) وكشفت ثغرات أمنية أدت الى هجمات 11 ايلول/سبتمبر، وجهت رسالة مفتوحة إلى مدير الـ "اف بي اي" في آذار/مارس العام 2003، تحذر فيها من "تدفق الإرهاب الذي سينتج عن غزو العراق".
وتقول رولي "الآن انه بعد مرور عقدين من الزمن، لم تتم محاسبة أحد على الأخطاء القاتلة التي جرت".
واوضحت رولي بالقول ان "الخطر الحقيقي يكمن في ان دعايتهم (المسؤولين عن الحرب) كانت ناجحة للغاية، وقد تمت اعادة تبييض لأشخاص مثل بوش و(نائب الرئيس ديك) تشيني"، مبينة أنه "حتى الليبراليين احتضنوا بوش وتشيني".
واشار التقرير الى ان "الاخطاء الجسيمة التي ارتكبت وقادت الى الحرب على العراق، ووقعت خلالها، لم تتسبب باستقالة او محاسبة او مقاضاة لا بوش ولا تشيني ولا اي مسؤول كبير آخر روج لقضية الحرب، ثم أدار احتلالا كارثيا".
إلا ان التقرير اعتبر انه برغم ذلك، فإنه يمكن القول ان "وصمة العراق، ادت الى تغيير مسار السياسة الامريكية".
العراق قاد أوباما للبيت الأبيض
ونقل التقرير عن أستاذ السياسة الدولية في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية في جامعة تافتس دانيال دريزنر قوله انه "بالامكان القول بان العراق هو الذي قاد الى تولي أوباما الرئاسة على عكس هيلاري كلينتون"، موضحا أنه "لا يعتقد أن أوباما كان سيفوز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي للعام 2008، ما لم تكن هيلاري قد دعمت الحرب".
واعتبر التقرير ان "الحرب أثرت انقساما داخل الحزب الجمهوري، مما عزز التيار المناهض للتدخل في الخارج، وهو التيار الذي انتصر في نهاية المطاف مع انتخاب دونالد ترامب في العام 2016."
ونقل التقرير عن خبير الشرق الأوسط والعسكري في "معهد أمريكان انتربرايز" كينيث بولاك قوله إن "بوش وتشيني دفعا الثمن السياسي من خلال تهميشهم داخل حزبهم"، موضحاً أن "النظام يعاقب هؤلاء الناس. فاذا كنت من البوشيين، وإذا كنت من المحافظين الجدد، فلن يكون مرحبا بك في الحزب".
واعتبر التقرير ان "الدافع الى الحرب كان مدفوعا بالحزبية، وكانت ادارة بوش تحتقر الديمقراطيين وكل المعارضة، الا ان عملت ايضاً على تسريع التطرف الذي ادى الى ظهور ترامب وانتفاضة 6 يناير/كانون الثاني واقتحام الكونجرس".
وبحسب بولاك، فإنه "من الصعب جدا تحديد مقدار مسؤولية (حرب) العراق عن ذلك، إلا انه يبدو لي انه كان عاملا مهما في جعل عملنا الحزبي أسوأ".
ولفت التقرير إلى أن "بولاك الذي كان يعمل محللاً في وكالة المخابرات المركزية (سي اي ايه) وهو من الديمقراطيين ومن مؤيدي الغزو، كان مؤمنا بأن هناك ادلة على اسلحة الدمار الشامل لصدام حسين، وايد الذريعة الانسانية للاطاحة بالديكتاتور، لكن بولاك يمزح وهو يقول انه الشخص الوحيد الذي اعتذر منذ ذلك الوقت".
لكن التقرير قال إن "كلام بولاك ليس صحيحا تماماً، فهناك آخرون اعتذروا، مثل الاعلامي المحافظ ماكس بوت الذي عبر عن ندمه ايضا"، مضيفا أنه "لم يصدر تعبير علني عن الندم من جانب كبار المسؤولين السابقين الذين اتخذوا القرارات المصيرية حول الحرب".
ترجمة: وكالة شفق نيوز