شفق نيوز/ ارتفاع مفاجئ في أسعار بعض المواد الغذائية سبب إرباكاً وقلقاً للعائلة العراقية وتخوفاً من نفاد خزين التجار من هذه المواد أو تزايد الأسعار أكثر، ما دفع المواطنين نحو الأسواق التي فرغت رفوف بعضها، كما تعددت الآراء حول أسباب هذا الارتفاع، فهناك من يعزوها إلى رفع سعر الدولار، والأزمة الأوكرانية، وآخرون يربطونها بذمم التجار، واقتراب شهر رمضان.
وكالة شفق نيوز استطلعت آراء المسؤولين في الحكومة العراقية، ومجلس النواب، والمختصين في الشأن الاقتصادي الذين أضافوا عوامل أخرى لقائمة أسباب ارتفاع الأسعار.
الزراعة تطمئن: الحلول متوفرة
يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، إن "أسعار المحاصيل المحلية تمت السيطرة عليها من خلال قسم الأسعار التابع للوزارة المعني بهذا الأمر، أما تحديد أسعار المواد الغذائية فهو ليس من مسؤولية وزارة الزراعة".
ويؤكد النايف "منعنا استيراد كل المحاصيل المتوفرة محلياً لتشجيع الفلاح على زيادة إنتاجها، لكننا في الوقت نفسه من الممكن أن نسمح بالاستيراد لأي محصول إذا ما شح في الأسواق".
ويشير إلى أن "بعض المواد ارتفعت أسعارها كالزيت والدقيق، في خضم هذه التغيرات السياسية والمحلية والدولية ومع قدوم رمضان".
ويوضح النايف أن "هناك حزمة من الإجراءات قامت بها الحكومة اليوم نأمل من خلالها تخفيض الأسعار والسيطرة عليها، خصوصاً وأن العراق ليس لديه مخزون استراتيجي من القمح والمواد الاستهلاكية الأخرى، لذا فتحت رئاسة الوزراء باب الاستيراد لمدة شهرين من أجل توفير خزين كافٍ للدولة العراقية".
مشاكل تعترض الزراعة
ويلفت إلى أن "الحكومة الاتحادية وبعد زيادة سعر النفط أصدرت توجيهاً يقضي بدفع مستحقات الفلاحين خلال 10 أيام وهذا إجراء سليم"، مضيفاً "كما أننا طلبنا إعادة دعم الأعلاف وتمت الموافقة وهناك مبالغ في طريقها لوزارة الزراعة لهذا الغرض، وكذلك تمت زيادة سعر تسويق محصول القمح من 560 ألف دينار للطن الواحد إلى 750 ألف دينار".
ويستدرك النايف بأن هناك مشاكل أخرى تعاني من الزراعة في العراق، أبرزها الجفاف، وبهذه الصدد يقول "لا نستطيع زراعة دونم واحد من دون موافقة وزارة الموارد المائية بسبب شح المياه، وسنجتاز هذه المشكلة من خلال قروض للفلاحين من البنك المركزي العراقي لشراء منظومات الري الاقتصادية".
ويختم النايف بالقول، إن "المبالغ التي صرفت لوزارة الزراعة هي ربع المبلغ المقرر لها في موازنة 2021، مما أدى إلى رفع الدعم بالكامل عن الفلاح، وهذا ما تسبب بتناقص القمح، ولو بقى الدعم كما كان سابقاً لكنا حققنا إنتاجاً جيداً".
للتجارة رأي آخر
يقول المتحدث باسم وزارة التجارة، محمد حنون، إن "سبب ارتفاع الأسعار هو تقارير دولية تجهل الوضع العراقي، وقد أسست هذه التقارير لمجاعة العراق، ونحن البلد الوحيد من بين دول العالم الذي يمتلك خطاً موازياً للأسواق المحلية وهو مفردات البطاقة التموينية"، على حد قوله.
ويضيف "كل مواطن عراقي له حق في البطاقة التموينية، المكونة من سبع مفردات اساسية، ودائماً ما نتحدث عن البدائل والخط الموازي، الذي يسهم بانخفاض الأسعار وهو البطاقة التموينية، والدليل عند إطلاق مفرداتها يشهد السوق هدوءاً نسبياً".
ويتابع حنون "من خلال اجراءات سريعة قمنا بتنفيذها، تم استحصال موافقة المجلس الوزاري للاقتصاد والمصادقة على سبع قضايا مهمة".
القضايا السبع
ويوضح حنون أن "القضايا السبع هي، اولاً دعم القطاع الزراعي من خلال زيادة أسعار مادة القمح المسوقة من الفلاحين والمزارعين، وثانياً الموافقة على شراء ثلاثة ملايين طن قمح من مناشئ اجنبية".
ويستطرد حنون "ثالثاً دفع مستحقات الفلاحين والمزارعين، ورابعاً فتح باب الاستيراد أمام القطاع الخاص مما سيسهم بإغراق السوق المحلية، وكان من المفترض الاعتماد على المنتوج الوطني، فقد صار بإمكان التجار استيراد كميات كبيرة من الدقيق والرز وزيت الطعام ومعجون الطماطم".
ويشير إلى أن "خامساً وضع المجلس الوزاري للاقتصاد في حالة اجتماع دائم لتهيئة خزين استراتيجي، سادساً اطلاق تخصيصات البطاقة التموينية لشهر رمضان، وهنالك توجه برلماني لجعل البطاقة التموينية في المنتصف من الشهر". يستدرك بالقول "اعتقد انه اذا كانت البطاقة التموينية لـ12 شهراً، فأننا نستطيع تأمين قرابة 96% من حاجة المواطن للمواد التموينية".
ويرى حنون أن "الوضع العراقي هو الافضل على مستوى المنطقة، وتم تجهيز القمح للمطاحن الاهلية والحكومية، لكننا بحاجة الى توعية المواطن الذي يقلق بسبب سماع تقارير وتهويل إعلامي يدفعه للذهاب مباشرة للأسواق المحلية لشراء ما يمكنه شراؤه، مما يتسبب بحدوث مثل هذا الأزمة".
البرلمان العراقي
يقول النائب فهد الراشد، إن "البرلمان نفذ سلسلة اجراءات تتعلق بارتفاع الأسعار، بدأت باستدعاء وزير المالية وبحث امكانية معالجة ارتفاع سعر صرف الدولار، وقد وعد وزير المالية بتقديم تقرير بهذا الشأن الى مجلس النواب، خلال مدة أقصاها ثلاثة أسابيع".
ويتابع "العراق دخل بأزمة اقتصادية خانقة، أثرت سلباً على ارتفاع الأسعار في السوق المحلية، كون غالبية البضائع التي تدخل الاراضي العراقية، مستوردة بالعملة الصعبة".
ويضيف "تم ايضاً استدعاء وزير التجارة، ولم يكن أمامنا سوى منفذاً واحداً لمعالجة ازمة الاسعار بشكل طارئ، وهو اطلاق البطاقة التموينية لشهرين دفعة واحدة، فضلا عن قيام رئاسة الوزراء بإصدار قرار دعم العوائل العراقية بمبلغ 100 الف دينار لكل عائلة من الرعاية الاجتماعية وذوي الدخل المحدود".
ويرى الراشد أن "هذا الإجراء يعد حلاً ترقيعياً كونه قد يتسبب بالتضخم في السوق المحلية، مما يؤدي إلى تضخم الأسعار أيضاً، وبرأيي أن الحل هو طرح مواد غذائية عن طريق وزارة التجارة أو السلة الغذائية العائدة لوزارة الهجرة، مما يسهم بزيادة البضائع المعروضة في السوق، مقابل قلة الطلب، وبالتالي انخفاض الأسعار".
ويتفق الراشد مع حنون على أن "أحد أسباب ارتفاع الأسعار، هو تأثر الشعب العراقي بوسائل الأعلام والشائعات، وبما أن المواطن يسمع اخبار كهذه، فمؤكد أنه يتجه لشراء البضائع وتخزينها، مما يتسبب بزيادة الطلب وارتفاع الأسعار".
10 ملايين عراقي تحت خط الفقر
فيما يرى الباحث بالشأن الاقتصادي العراقي، سلام زيدان، أن "الأزمة الحالية هي ازمة استيراد بسبب الحرب الأوكرانية الروسية، كما ان معظم البضائع ستشهد ارتفاعاً في السوق العالمية، مما ينعكس على أسعار البضائع في السوق المحلية".
وبين انه "توجد مشاكل كبيرة في الاقتصاد العراقي، إذ هناك نسبا عالية من الفقر والبطالة بالإضافة الى ارتفاع التضخم، إذ حسب وزارة العمل هناك حوالي 10 ملايين شخص تحت خط الفقر، وبالتالي يتطلب جهد كبير من الدولة العراقية والالتزام بتوقيتات تسليم مواد البطاقة التموينية".
ويعتبر زيدان "منحة الـ100 ألف دينار التي أقرها مجلس الوزراء، خطوة غير جيدة، وسيكون الفساد عاملاً فيها، لذلك كان من المفترض توجيهها لزيادة الدعم للمواد الغذائية التي قررت الحكومة دعمها خلال الأسبوع الجاري".
ويختم زيدان بالقول "خطوة توزيع حصتين من مواد البطاقة التموينية جيدة وستساعد الناس كثيرا في هذا المجال، لكن يتطلب من الحكومة الاتجاه لمعرفة الأعداد الحقيقية للفقراء وتوجيه الدعم لهم، عبر اعادة هيكلة البطاقة التموينية او الغائها عن الطبقات التي لا تحتاجها، بالإضافة إلى إعادة هيكلة القطاعات الأخرى التي تنفق تريليونات الدنانير سنويا وهي خاسرة".