شفق نيوز- بغداد

رفعت الحكومة العراقية برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني منذ تشكيلها عام 2022، شعار "حكومة الخدمات" في إعلان واضح بالتركيز على تحسين الخدمات الأساسية مثل الصحة، الكهرباء، والتعليم، والعمل على معالجة قضايا الفساد وتحقيق التنمية الاقتصادية.

لكن بعد مرور نحو ثلاث سنوات، لا يزال مستوى الخدمات في غالبية المحافظات العراقية دون الطموحات المنشودة، لأسباب عديدة أبرزها قلة التخصيصات المالية والفساد والمحاصصة والتوافقية وفوضى إدارية وقانونية، وسط حالة من الغليان الشعبي المطالب بالخدمات، في مقدمتها الكهرباء والمياه، ما يهدد مصداقية شعار "حكومة الخدمات"، بحسب مراقبين.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي، عباس الجبوري، إن "هناك تقصيراً واضحاً في جميع الخدمات على مستوى العراق بصورة عامة، ولعل أولى هذه الخدمات هي الكهرباء في الوقت الحالي، في ظل ارتفاع درجات الحرارة متجاوزة 50 مئوية، الأمر الذي دفع محافظات عديدة إلى تعطيل الدوام اليوم الأحد".

وإلى جانب الكهرباء، اوضح الجبوري في حديثه للوكالة، أن "هناك حاجة إلى المياه بعد جفاف الأنهر نتيجة تراجع الإيرادات المائية من دول الجوار، فيما تؤثر المشاريع المتلكئة وسوء التخطيط وعدم صرف الموازنة على واقع الخدمات سلباً بصورة عامة في البلاد".

وأشار إلى أن "حكومة محمد شياع السوداني أعلنت منذ تشكيلها أنها (حكومة خدمات)، لكن عند النظر إلى الخدمات على أرض الواقع، يظهر سوء الوضع في بغداد وجميع المحافظات العراقية، أما إنشاء جسور وطرقات فهذه واجبات أساسية على الحكومة وتضاف إلى ما تعتبرها (إنجازات)، لكن يبقى سوء الخدمات واضحاً للعيان".

من جهته، ذكر المحلل السياسي، مجاشع التميمي أن تدني الواقع الخدمي لا يقتصر على فترة حكومة السوداني، بل إن "الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003، رغم تعهدها بتحسين الخدمات، لكن تلك الوعود بقيت معظمها حبراً على ورق".

وعزا التميمي هذا الواقع في حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى "جملة من الأسباب البنيوية والسياسية، أبرزها نظام المحاصصة والتوافقية الذي أعاق اختيار المسؤولين على أساس الكفاءة، وفتح الباب أمام التدخلات الحزبية والولاءات الضيقة".

ولفت إلى أن "غياب الاستقرار السياسي والأمني، إلى جانب نظام محاسبة فعّال، جعل السلطة التشريعية مكبّلة وعاجزة عن فرض رقابة حقيقية على الأداء التنفيذي".

ورغم أن حكومة محمد شياع السوداني "أظهرت بعض المنجزات الملموسة، خصوصاً في ملفات خدمية واقتصادية محددة"، وفق التميمي، إلا أنها "لم ترتقِ إلى مستوى الطموح الشعبي، بسبب القيود التي فرضتها القوى السياسية، التي أبقت العديد من الوزارات والدرجات الخاصة بيد شخصيات غير كفوءة، مما حدّ من قدرته على تنفيذ إصلاحات شاملة ومستدامة".

واتفق مع هذا الطرح الناشط المدني نور سالم، الذي حمّل الأحزاب السياسية "مسؤولية تردي الواقع الخدمي وعدم اتعاضها من الهزة التي أحدثتها تظاهرات تشرين عام 2019 بالعملية السياسية والتي كانت بمثابة جرس إنذار لتغيير سياستها، لكنها لم تستفد من الدرس بل الوضع في تدنٍ مستمر".

ونتيجة لذلك، نبه سالم في حديثه للوكالة، إلى أن "الوضع الحالي يشبه ما كان عليه قبل تظاهرات تشرين إن لم يكن بشكل أسوأ، سواء من المحاصصة وتقسيم المناصب وبيع المشاريع إلى إهمال المواطنين والخدمات، ورفع شعارات مزيفة وفوضى إدارية وقانونية وحتى مالية، بدليل عدم إكمال جداول موازنة عام 2025 لحد الآن".

وأكد، أن "مستوى الخدمات سواء من حيث البنى التحتية أو المشاريع الأخرى لا يرتقي لحجم الأموال المنفقة على مدى السنوات السابقة، لذلك هناك رغبة شعبية بتنظيم وقفات تنديد واحتجاجات لهذا الفشل".

وبهذا الصدد، رأت عضو لجنة الخدمات والإعمار النيابية، مهدية اللامي، إن "التظاهرات حق كفله الدستور للمواطنين للتعبير عن استيائهم من مستوى تقديم الخدمات أو لقضية معينة، في ظل وجود محاصصة مقيتة وحزبية وفئوية".

وأرجعت اللامي، خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، سوء الخدمات إلى "قلة التخصيصات المالية وأحياناً انعدامها ما يؤثر على سير العمل، لذلك الدوائر والوزارات تشهد شللاً شبه تام حالياً، ورغم التصويت على الموازنة الثلاثية الذي كان بهدف تجاوز هذه المرحلة لكن لم يحصل ذلك، فلا تزال جداول الموازنة لم تصل إلى مجلس النواب لغاية الآن".

أما السبب الآخر لتدني الخدمات، فهو بحسب اللامي، "المشاريع المتلكئة بسبب قلة الإمكانيات وآفة الفساد وضعف في الكفاءة الإدارية والفنية والهندسية التي حالت دون إكمالها، إلى جانب غياب الإرادة الوطنية والانتماء عند أغلب المسؤولين للنهوض بالبلاد، وبالتالي وضع الخدمات في تراجع بالعراق".