شفق نيوز/ رأى تقرير أمريكي، يوم الأربعاء، أن تزايد النزعة الانعزالية بين الامريكيين واحتمالات استمرار التصعيد مع ايران و"وكلائها" في الشرق الاوسط، يعني أن انسحاب القوات الامريكية من المنطقة صار مسألة لا مفر منها، لكنه حذر من افتقار الولايات المتحدة إلى وجود خطط طوارئ للمنطقة بعد انتهاء عملية "العزم الصلب" العسكرية التي تقودها ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا.

وذكر تقرير لمعهد "نيو لاينز" الأمريكي، ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "العزم الصلب" تعتمد على انخراط الولايات المتحدة عبر الحلفاء المحليين مثل البيشمركة الكوردية و"قوات سوريا الديمقراطية"، مضيفا ان وجود قوة امريكية صغيرة الحجم في سوريا،  تجعل من الضروري تقديم الدعم لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، بما في ذلك في مجال الهندسة والطيران والخدمات اللوجستية، من العراق.

وأوضح التقرير الأمريكي، أن "واشنطن تجري محادثات مع بغداد حول مستقبل عملية (العزم الصلب) من خلال اللجنة العسكرية العليا، وحول الخيارات المحتملة بما في ذلك سحب او تقليص حجم القوات الامريكية في العراق، وهو ما سيتطلب تعزيز التعاون بين الحلفاء المحليين.

 

إقليم كوردستان

لكن التقرير، لفت إلى أن هذه العلاقات أو عدم وجودها بين العناصر السياسية داخل حكومة اقليم كوردستان والهيئة السياسية لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، من شأنه أن يحد من إمكانية التعاون في إطار عملية "العزم الصلب".

ولهذا، دعا التقرير، صناع القرار في الولايات المتحدة إلى التعامل مع الانسحاب النهائي بطريقتين، أولاً، من خلال التفكير والتخطيط لما سيحدث بعد "العزم الصلب"، خصوصا في حال جرى ذلك قريباً، محذرا من أن الانسحاب قد يتسبب بتداعيات كبيرة على مكافحة الإرهاب والسياسة الإقليمية والأمن، لكن وجود خطط طوارئ سيؤدي الى الحد من ردود الفعل السلبية على قدرة داعش والأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط فيما يتعلق بإيران.

أما ثانيا، فدعا التقرير، صناع القرار إلى النظر في كيفية تأثير العلاقات السياسية بين الحلفاء في المنطقة على نجاح عملية "العزم الصلب" المستمر في حالة انسحاب القوات الأمريكية من العراق واستمرار الدعم الأمريكي لـ"قوات سوريا الديمقراطية".

ولفت التقرير الأمريكي، إلى أن "الولايات المتحدة تواجه ضغوطا من جوانب متعددة لمراجعة انخراطها في العراق وسوريا، حيث انه على الصعيد الداخلي، يميل الرأي العام الامريكي بشكل متزايد نحو سياسة خارجية انعزالية".

وتابع التقرير: "مع تزايد احتمال ظهور ادارة رئاسية ثانية لدونالد ترامب في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، فانه من المرجح ان تكون هناك مناقشات حول عملية العزم الصلب في السنوات المقبلة، مذكرا بان ادارة ترامب عبرت عن استعدادها لسحب القوات الامريكية من مناطق استراتيجية في شمال سوريا في العام 2019، في حين ما يزال ترامب يتحدث عن هزيمة ادارته لتنظيم داعش، على الرغم من ان استمرار وجود التنظيم في جيوب بكل من العراق وسوريا، يثير الشكوك حول ضرورة وجود قوات أمريكية في كلا البلدين.

 

ضغوط بغداد

وبالاضافة إلى ذلك، تناول التقرير الضغوط الداخلية التي تعرض لها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لاعادة النظر في وضع القوة الامريكية، وذلك من جانب الشخصيات والاحزاب السياسية والميليشيات المتحالفة مع ايران اما لسحب الجنود او التفاوض على انهاء وجود القوات الامريكية، مضيفا انه برغم المساعدات الامريكية للقوات العراقية والبيشمركة وجهاز مكافحة الارهاب، الا ان السوداني اتخذ خطوات نحو انهاء الدور الامريكي الحالي في العراق. 

وبعدما اعتبر التقرير، أن إحدى هذه الخطوات هي انشاء اللجنة العسكرية العليا بين الولايات المتحدة والعراق في كانون الثاني/يناير لمناقشة "الانتقال الى شراكة امنية ثنائية دائمة بين العراق والولايات المتحدة"، رأى أن هذه اللجنة قد لا تنتج تغييرا ملموسا بالنسبة للولايات المتحدة في المستقبل القريب، غير أن البيئة العملياتية في الشرق الاوسط، بما في ذلك الهجمات التي ثاربت ال200 منذ اكتوبر/تشرين الاول الماضي حتى فبراير/شباط الماضي، قد تشكل ضغطا من اجل تسريع الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق.

وحذر التقرير، من أن الميليشيات المدعومة من ايران، التي تواصل هجماتها ضد اسرائيل، قد تكون مستعدة لاستئناف الهجمات على القوات الامريكية في العراق وسوريا في حال قامت اسرائيل بغزو لبنان لمواجهة حزب الله مباشرة.

 

"العزم الصلب" وسوريا

وذكر التقرير ان "الاكثر الحاحا هو مستقبل قوات سوريا الديمقراطية في حالة انسحاب الولايات المتحدة او تخفيض قواتها" حيث يعمل 900 جندي امريكي في سوريا، مقابل 2500 في العراق.

وأوضح أن "العزم الصلب" تعمل في اطار معارضة نظام الاسد، من خلال دعم السيطرة الاقليمية ل"قوات سوريا الديمقراطية" التي يقودها الكورد في شرق سوريا، وهو حجم محدود للقوة الامريكية، ما يعني ان دعم "العزم الصلب" لقوات سوريا الديمقراطية ضد خلايا داعش المتبقية يعتمد على الانشطة العسكرية الامريكية من العراق، وخصوصا من اربيل، بما في ذلك من خلال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والقيادة والسيطرة.

وتابع التقرير انه "في حالة الانسحاب من العراق، سيواجه صناع السياسة الامريكيون ضغوطا شديدة لايجاد اماكن بديلة لاقامة انشطة الدعم اللوجستي لقوات سوريا الديمقراطية"، مضيفا انه في ظل الخطر المتزايد المتمثل في عودة تنظيم داعش الى الظهور في العراق، فان استمرار دعم مكافحة الارهاب من جانب "قوات سوريا الديمقراطية"، سيكون شيئا شديد الاهمية لمنع التنظيم من اعادة تشكيل سيطرته الاقليمية عبر الحدود العراقية السورية.

وتحدث التقرير عن توترات بين قوات سوريا الديمقراطية وحكومة اقليم كوردستان. وقال التقرير انه بما ان مصير عملية "العزم الصلب" اصبحت موضع تساؤل في العراق الاتحادي، فانه المرجح ان يتطلع صناع السياسة الامريكيون الى اقليم كوردستان للحصول على الدعم في شمال سوريا، الا ان التوترات الطويلة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني في حكومة الاقليم وبين قوات سوريا الديمقراطية، تشكل عائقا، وهي توترات مرتبطة اساسا بالعلاقات مع تركيا التي تنظر الى قوات سوريا الديمقراطية على انها مرتبطة بحزب العمال الكوردستاني.

وتابع التقرير انه بالنظر الى ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني وقوات سوريا الديمقراطية، هما من اكبر الحلفاء السياسيين والعسكريين للولايات المتحدة في العراق وسوريا، فان هذا يشكل عنصرا مهما يجب الاخذ به بالنسبة لصناع السياسات الامريكيين عند التفكير في مصير عملية "العزم الصلب".

 

خطط طوارئ

وحث تقرير المعهد الأمريكي، صناع السياسة الأمريكيين على "البدء في النظر في القضية المستمرة المتمثلة بمسألة الانسحاب من العراق، وتطوير خطط الطوارئ، واعتبر أن وضع السيناريوهات بين مجتمع الاستخبارات الأمريكي، ومجتمع الدفاع، ومع حلفاء وشركاء عملية "العزم الصلب" في المنطقة، يعتبر أمراً حيوياً لضمان عدم قيام داعش باستغلال فراغ السلطة سريعاً.

وبعدما دعا التقرير صناع السياسة في واشنطن إلى البحث في تأثير العلاقات السياسية بين الحلفاء الرئيسيين في المنطقة على خطط الطوارئ تلك، رأى أن في حال غادرت القوات الامريكية العراق الاتحادي، فمن المرجح أن تؤثر التوترات بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني وقوات سوريا الديمقراطية، على كيفية قدرة واشنطن على ادراج اقليم كوردستان في خطط الطوارئ للاستمرار في دعم القوات الامريكية في سوريا.

ومن بين العديد من الخطط الممكنة، اشار التقرير تحديداً إلى ضرورة النظر في نقل القوات الأمريكية في العراق الاتحادي إلى إقليم كوردستان، من اجل تقديم الدعم اللوجستي لـ"قوات سوريا الديمقراطية" في سوريا، وهي ديناميكية من شأنها أن تغير الجغرافية السياسية للعلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا وحكومة إقليم كوردستان وقوات سوريا الديمقراطية.

وختم التقرير بالقول إن تعزيز التعاون والتواصل بين قوات سوريا الديمقراطية وحكومة إقليم كوردستان، يعتبر أمراً شديد الأهمية لأجل تحقيق الاستقرار في العراق وسوريا في حالة انسحاب القوات الأمريكية أو تخفيض حجمها.