شفق نيوز/ انتقد "معهد الشرق الأوسط" الأمريكي، بحدة أداء حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، خلال 100 يوم من حكمها، وذلك بسبب ما وصفه "مؤشرات سلبية" قال إنها ظهرت بانحرافها عن الوعود المقدمة، وهو ما أدى إلى حدوث انتكاسات في الاقتصاد والأمن والسيادة وحقوق الإنسان.
بداية، استهل الموقع الأمريكي، في تقرير له ترجمته وكالة شفق نيوز، بالتذكير بكيفية وصول السوداني الى الحكم، معتبراً أن "تعيينه استكمل عملية استيلاء التحالف المدعوم من إيران بزعامة نوري المالكي وكتلة (الفتح) المدعومة من الميليشيات، وفشل الصدريين في تشكيل الحكومة، من خلال مناورات الإطار التنسيقي، وعمليات اطلاق الصواريخ وترهيب الفائزين الرئيسيين من الكورد والسنة الذين تحالفوا مع الصدريين حينها".
حكومة "إطارية"
وأشار التقرير، إلى أن "النتيجة كانت انبثاق حكومة، اليد العليا فيها للاطار التنسيقي الذي يعمل لأجل تأكيد هيمنته من خلال قطع الأموال عن إقليم كوردستان"، معتبراً أن "وجود حكومة بالإكراه، مسألة ليست طبيعية ولا مقبولة، ويتحتم التعامل معها على هذا الأساس".
ولفت التقرير الأمريكي، إلى أن "السوداني وفي أول 100 يوم على حكومته، وضع باستمرار مصالح القوى الراعية له، قبل مصالح الجمهور".
وكان السوداني، قد قطع عهداً في البرنامج الحكومي، بمراجعة وتحديث القوانين المتعلقة بالانتخابات في غضون 3 أشهر استعدادا لانتخابات جديدة خلال عام، لكن الواضح أن الداعمين الرئيسيين للسوداني، (المالكي والعامري)، ليسوا مهتمين بإجراء انتخابات مبكرة وصمموا على البقاء في السلطة من خلال إبقاء السوداني في منصبه لمدة أربع سنوات كاملة، وفقاً للتقرير الأمريكي.
الاقتصاد
في الشأن الاقتصادي، انتقد التقرير، استمرار حكومة السوداني بـ"السياسة الاقتصادية المدمرة ذاتها، باعتمادها على عائدات النفط القياسية خلال الاشهر الاخيرة للحفاظ على شبكات المحسوبية وتضخيم القطاع العام المتضخم".
وأضاف: "لم تكن هناك مؤشرات على محاولات السعي للقيام بإصلاحات ضرورية لخفض الانفاق وتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط، والذي يكافح من اجل خلق فرص عمل حقيقية ومستدامة لمئات الآلاف الذين يدخلون سوق العمل سنوياً".
تعيينات بالجملة
ونوه التقرير الأمريكي، تحديداً إلى أن "الحكومة تخطط لزيادة الانفاق على رواتب القطاع العام بمقدار 20 تريليون دينار عراقي (13.71 مليار دولار) في العام 2023، وتوظيف حوالي 66 الف خريج جديد ووضع 360 الف عامل مؤقت آخرين في كشوف رواتب دائمة".
استعراض خدمي
وفيما يتعلق بالخدمات، ذكر التقرير أن "السوداني وفريقه سيقومون بعملية تجميلية في عدد محدود من المرافق وربط هذه التحسينات بمشاركة رئيس الوزراء فيها"، مشيراً إلى أن "مثل هذه الجهود لا تساهم في خلق البيروقراطية المستقلة اللازمة من أجل تحقيق تقدم حقيقي".
وانتقد التقرير المبادرة التجارية للسوداني المتمثلة بتخصيص 70 مليون دولار من الاموال العامة لانشاء "شركة المهندس" تيمناً باسم نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وهي شركة لم يفصح عن أهدافها، وستكون خاضعة لتوجيهات الحشد التي تهيمن عليها الميليشيات، بحسب معهد "الشرق الأوسط" الأمريكي.
الفساد
وحول ملف الفساد، رأى التقرير، أن "السوداني وعد عند توليه منصبه، مثلما فعل أسلافه من قبل، بـ"محاربة الفساد بقوة"، إلا انه لم تظهر بوادر حتى الأن على إحراز أي تقدم.
وانتقد التقرير الأمريكي، أيضاً موقف السوداني، من "سرقة القرن" التي تضمن اختلاس 2.5 مليار دولار، مشيراً إلى أن "السوداني ساهم في إطلاق سراح أحد المتشبه بهم، كما أن حكومته أبرمت صفقة مع هذا الشخص لأجل إعادة الأموال المسروقة في غضون أسبوعين، لكن وبعد مرور أكثر من شهرين، بالكاد تم استرداد 8٪ من تلك الأموال".
وبينما ما يزال يتعين الكشف عن الخريطة الكاملة للشبكة الاجرامية، يبدو انها تشمل مجموعة واسعة من الفاعلين السياسيين، بما في ذلك أولئك المقربين من رئيس الوزراء السابق، يشير التعافي المتوقف بعد أن قالت الحكومة إن لديها كل الاموال في الافق إلا أن الاموال محمية بقوة قسرية كبيرة وغطاء سياسي يتجاوز ما يمكن لرئيس الوزراء التعامل معه.
الأمن والدفاع
وفي هذا الشأن، وصف التقرير الأمريكي، أداء الحكومة في مجال الأمن والدفاع عن سيادة العراق بانه ضعيف، مشيرا في هذا السياق الى استمرار تركيا وايران في انتهاك سيادة البلد، مثلما كان يجري في السنوات الأخيرة.
وهذه المرة ومنذ تولي السوداني الحكم، وقعت هذه الانتهاكات من دون اعتراض من القائد العام الجديد للقوات المسلحة، مثلما جرى عندما شنت ايران هجمات على اقليم كوردستان في منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وفقاً للتقرير الأمريكي.
وتناول التقرير أيضاً، استمرار الانتهاكات لحقوق الانسان من جانب الميليشيات والتي تطال المنتقدين بالقوة القسرية بالدعاوى القضائية وأحكام السجن بهدف إسكاتهم، بما في ذلك ضد النواب المعارضين للمضايقات والتهديدات.
خلاصة
وحث معهد "الشرق الأوسط" الأمريكي، في تقريره المجتمع الدولي على "توخي الحذر في التعامل مع بغداد، واعتماد نهج واضح ومتوازن"، معتبرا انه خلال فترة وجودها في السلطة، فشلت الحكومة في اثبات ان مهمتها تتلاءم مع مصلحة العراق.
ورأى التقرير الأمريكي، أن "ترشيح السوداني للمنصب جرى لأنه سيكون رئيس وزراء ضعيف، معتمد على الدعم السياسي من الآخرين لحكمه".
وانتقد التقرير أيضاً احتمال تزايد قوة الاطار التنسيقي، ودعا إلى "تطبيق آليات دقيقة إضافية لزيادة التكلفة التي يتكبدها قادة الاطار وحلفاؤهم بسبب تقويضهم للديمقراطية والأمن في العراق، وعرقلتهم الطريق نحو الاصلاحات الاقتصادية والمحاسبة".
وفي هذا الاطار، نوه التقرير الأمريكي، إلى أن المكان الامثل لبدء ممارسة المزيد من الضغط هو التهديد بفرض عقوبات لمنع تحويل مليارات الدولارات من الميزانية السنوية للعراق الى قوات الحشد الشعبي، الذي وصفه التقرير بأنه "كيان اختطفته الجماعات المصنفة على لائحة الإرهاب"، وأن يبقى فيه على كشوف الرواتب، الأفراد الشرعيين في صفوفه فقط.
وحث التقرير، على "الاستمرار في الضغط لتذكير الحكومة بأن مصداقيتها، سواء في العراق أو في الخارج، متعلقة بمتابعة التحقيقات والملاحقات القضائية في قضايا الفساد وانتهاكات حقوق الانسان".
وتابع: "يجب الموازنة بين هذه الضغوط وبين الاشكال الاخرى، من خلال عدم تجاهل ما يمكن القيام به لدعم تطلعات 42 مليون شخص في العراق".
وفي الختام، دعا التقرير الأمريكي، إلى "استمرار ضغوط المجتمع الدولي على بغداد لاجراء انتخابات حرة ونزيهة كما هو مخطط لها، وعرقلة محاولات التراجع عن إصلاحات قانون الانتخابات التي أدخلت بعد العام 2019 ، والتي دفع العراقيون لأجلها الدماء".