شفق نيوز/ تمثل الزيادة السكانية الكبيرة والمستمرة في العراق "قنبلة موقوتة" تهدد خطط التنمية وتثير تخوف وقلق المختصين وصانعي القرار الاقتصادي والاجتماعي الذين يحذرون من تآكل ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في بلد لايمتلك إلا "اقتصاداً "ريعياً".
وتتوقع وزارة التخطيط العراقية أن يصل عدد سكان العراق خلال العام 2030، بحدود 50 مليون نسمة، و80 مليون في عام 2050 ، وذلك انطلاقاً من 40 مليون نسمة حالياً.
وعانى العراق خلال العام الماضي 2020 من صعوبة توفير الأموال الخاصة برواتب منتسبي الدوائر الحكومية، بعد انخفاض اسعار النفط عالمياً نتيجة اعتماد العراق بنسبة 92% في موازنته العامة على ايرادات النفط المنتجة.
وزارة واحدة تمول الدولة العراقية..
يقول وزير النفط احسان عبد الجبار لوكالة شفق نيوز، إن "الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للاقتصاد الوطني فكرة غير صحيحة"، مشدداً "علينا الاتجاه الى كل ما يودي الى زيادة الدخل الوطني".
ويضيف أنه "لا يمكن تمويل الموازنة العامة عن طريق النفط فقط طيلة السنوات المقبلة"، لافتاً إلى أن "نسبة النمو تبلغ 2.5% سنوياً، ما يعني اضافة مليون نسمة خلال العام الواحد، فضلاً عن نسبة نمو تبلغ 7% في استهلاك الطاقة، وهذه العوامل مع المحددات الاخرى منها البيئية والثقافية والاجتماعية تودي ادراك حقيقة بأن بقاء العراق معتمداً على مبيعات النفط كمصدر وحيد أمر غير صحي".
التوعية وتحديد النسل .. وسياسات حكومية
يقول المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي لوكالة شفق نيوز، إن "خفض عدد السكان يتعلق بالتوعية المجتمعية وتطوير القطاع الخاص وتفعيل التنمية الاخرى"، مبيناً أن "كل هذا تضمنتها الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية بعيدة المدى ومن خلال ادماج البعد السكاني بخطط التنمية بعد وصول عدد سكان العراق الى اكثر من 40 مليون وسيصل في عام 2030 الى 50 مليون".
ويضيف أن "اجراءات الوثيقة الوطنية تؤكد ضرورة تنظيم الاسرة والتي تتطلب المباعدة بين الولادات وتقليل عدد الولادات بالأسرة الواحدة بغية توفير الامكانيات الظروف الافضل من حيث التربية صحياً وتعليمياً والمحافظة على صحة المرأة أيضاً"، مؤكداً في نفس الوقت على "معالجة ازمة السكن عبر سياسات بعيدة المدى من خلال تشجيع القطاع الخاص ليكون له دور في معالجة ازمة السكن".
كما أكد على ضرورة أن "تتبع الحكومة سياسة بناء مجمعات سكنية واجراءات صحية وتعليمية وتمكين المرأة اقتصاديا لتكون مؤثرة في التنمية"، لافتاً إلى أن "التخطيط ترسم السياسات العامة والقطاعات الاخرى تنفذ هذه السياسات سواء في مجال التربية او الصحة او بناء المساكن" .
ويشير الهنداوي إلى أن "عملية تحديد النسل موجودة، وقد لا تكون واسعة، إلا أن هناك تراجعاً قد يكون طفيفاً في عدد الولادات، من حيث المباعدة بينهم"، مبيناً أن "ثمانينات القرن الماضي شهدت عدداً متوسطاً من الولادات وفق قدرة الانجاب لأكثر من 6 اطفال، والآن انخفض ما بين طفلين الى ثلاثة ولادات".
وأشار إلى "ضرورة وضع فترات متباعدة بين طفل وآخر"، موضحاً أن "المؤشرات الاولية تظهر أن نسبة النمو السنوية ستنخفض في السنوات المقبلة مما هو موجود حالياً والتي تتراوح ما بين 2.6 الى 2.7 بالمئة ".
ويؤكد الهنداوي ضرورة أن "يكون هناك وعياً بالاسرة أولاً، بتقليل الولادات والمباعدة بينهما حفاظاً على صحة الاطفال والمراة، ليأتي بعد ذلك العامل الثاني وهو الاقتصادي وقلة الموارد التي تحصل عليها الاسرة".
حكومات غير جادة على مدة 18 عاماً..
من جهتها، تقول عضو اللجنة المالية والإقتصادية النيابية ندى شاكر جودت لوكالة شفق نيوز، إن "عملية تحديد عدد السكان مرهون بقضايا اقتصادية كثيرة ومؤثرة لكن قطعاً أن هناك زيادة في عدد السكان وهذا مرهون بخطط الحكومة"، مؤكدة أنه "لا وجود خوف من زيادة السكان في حال هناك حكومات جادة وطنية تسعى لانعاش الاقتصاد العراقي، لأن مواردنا الاقتصادية هائلة من النفط والكبريت والفوسفات والمياه والقوى البشرية، وبالتالي هذا كله محفزات يمكن تطويرها واستغلالها لصالح التنمية" .
وتشير إلى أن "سوء الاستثمار والفساد والادارة وعدم التخطيط ادت الى تخوف ازدياد عدد السكان مستقبلا"، مستغربة من "عدم وجود اجراء حكومي منذ عام 2003 ولغاية الان بتنشيط الصناعة المتوقفة، فضلاً عن القطاع الزراعي الذي ما زال مهملاً تماماً، وبالتالي يتصارع المنتج المحلي مع المستورد عبر فتح الحدود على مصراعيها، وبالتالي ظل النشاط اقتصادي متوقفاً مع وجود الفساد وطرد المستثمر".
زيادة المنافسة على موارد محدودة
يقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي لوكالة شفق نيوز، إن "الزيادة السكانية بدون وجود خطط تنمية بشرية ونمو اقتصادي معناها زيادة المنافسة على موارد محدودة ستخلق ازمات في قطاعات التربية والتعليم والصحة والسكن والبنية التحتية بسبب ان الموارد ثابته والمستفيدين في تزايد".
ويشدد علي على "وجوب تنشيط الموارد الاقتصادية وخلق تنمية حقيقية تعتمد على الموارد البشرية وزيادة استصلاح الاراضي الزراعية وتشجيع الاستثمار والقطاع الخاص ليستوعب التوسع السكاني".
وكشف موقع "Worldometer" الأميركي الذي يعنى بالسكان ان العراق يشكل حالياً نسبة 0.52% من عدد نفوس العالم وهو في المرتبة 36 من بين دول العالم الأخرى وبالمرتبة الرابعة عربياً من حيث عدد السكان بعد كل من مصر الجزائر والسودان.